بعد أن أمتعنا بموسيقاه ووصلاته الغنائية الجميلة في المهرجانات الغنائية في دبي وقطر والكويت وعمان ومملكة البحرين، إلى جانب حفلاته في المملكة ومصر، وبعد أن أسعدنا بمصاحبته الدائمة للفنان الكبير أبوبكر سالم كعازف ماهر على آلة العود وصاحب مخزون فني ثري من التراث الغنائي في جزيرة العرب.. أطل على ساحة الغناء الفنان عوض بن ساحب متألقا بصوته الشجي وحنجرته العذبة وأدائه المميز وأطربنا بألبومه الغنائي الجديد الذي طرح من خلال «روتانا».. الألبوم ضم باقة من روائع الأغنيات لنخبة من الشعراء، قدم ابن ساحب جديده في أداء يتدفق بالحيوية والإحساس ويتسم بالقدرة الفائقة على التعبير عن عاطفة الأغنية الشعبية والجو العام الذي يكسوها والتعامل مع الكلمة بما يتناسب مع دلالاتها من حيث النبرة وطبقة الصوت وطريقة الأداء، كما أبدع في صياغة راقية لألحان أغنيات متعددة في الشريط ومنها «أهواك» و«مسكين» كلمات سعيد بلكديش، وأغنية «أذوق المر» كلمات محمد باعكابة، وسجع في دويتو مع الفنانة فدوى المالكي بأغنية «يا بارع القامة» كلمات وألحان سعيد بلكديش، وغنى «ترك العشق» كلمات وألحان عمر أبوبكر العيدروس، و«يشهد الله» كلمات عوض الحامد وألحان كرامة مرسال، و«الحب مو هين» كلمات عبدالعزيز العلوي ألحان فريد البريكي. ومن أغنيات الشاعر والفنان الكبير حسين أبوبكر المحضار رحمه الله عاد بنا فناننا إلى زمن الطرب الجميل والأصالة واختار بحسه الفني وذائقته الرفيعة وغنى «ما هو من الوقت ما هو زين لكن أهل الوقت ما هم زيان»، ثم شدا بأغنية «يا رعى الله ليالي»، وهي موروث حضرمي من تراث الراحل محمد جمعة خان، فاستطاع أن يعيد هذه الأغنيات إلى الواجهة اليوم وأن يرسو بها على شاطئ التجديد الموسيقي والحداثة والمعاصرة لتعيش في مشاعر الناس وتداعب أوتار قلوبهم، وتتغلغل في وجدانهم.. ومما جاء في أغنية المحضار قوله: طل قد ما طلت باترجع الى جذرك وان زدت عادك بدر لاتأمن الناس والأيام خذ حذرك لو بايفيد الحذر بغيت نفسك كما من من بني عصرك قد كان قبلك فلان ماهو من الوقت ماهو زين لكن أهل الوقت ماهم زيان أما تفاعل فناننا مع مسار عمالقة الطرب العربي كالفنان فهد بلان الذي غنى «يا بنات المكلا» والفنانين أبوبكر سالم وراغب علامة اللذان صدحا ب «لا تعذبني وإلا سرت واتركت المكلا» فلا تخطئه العين المتأملة، وامتدادا لهؤلاء العمالقة تألق الفنان ابن ساحب في توزيع وأداء أغنية الشاعر خالد عبدالعزيز «بعد المكلا شاق»، فأضحت هذه الأغنية التي تتغزل في الوطن علامة مميزة لفناننا في هذا الألبوم ساهم بها مع هؤلاء الكبار في التغني بحب «المكلا» والشغف بعشقها تعبير عن حب الإنسان العربي لوطنه ودليل على أن عوض بن ساحب في مشوار حياته وفنه مرتبط بوطنه وأهله أشد الارتباط، ومما جاء فيها قول الشاعر: يشتاق لك كل عاشق من حين لآخر وأنا دوب المدى مشتاق مانسى المكلا لاشق ذا يومنا في المكلا سيد العشاق بعد المكلا شاق ماطيق عابعدها والشوق يانوخذه بامعاكم لو هو على صنبوق مشعوق إن التنوع الشعري والثراء الإيقاعي واللحني والبصمة المميزة والأصالة التي تميز بها هذا الألبوم تدل دلالة قاطعة على الحس الفني العالي للفنان عوض بن ساحب والجهد الكبير والمتأني الذي بذله في اختيار وتوزيع وإخراج أعماله الغنائية بهذه الصورة اللافتة للألباب والمثيرة للاستحسان والإعجاب، فأضحى كالنسر المحلق في سماء الأغنية سرت أغنياته في كل مكان من الوطن العربي تنثر عطرها الفواح بالصدق والأصالة والإبداع، كما استطاع أن يتعدى حدود تحقيق النجاح والإنجاز الفني لأغنيته أو شريطه إلى تحقيق النجاح والإنجاز الفني والإضافة الحقيقية للأغنية.