طالما كتب عن منطقة جدة التاريخية وبيوتها العتيقة التي دمرت يد الإهمال وسكنى العمالة الوافدة الكثير من بيوتها التاريخية وعاثت فيها تشويها وتدميرا وعبثا ولم تتوقف الكتابة عن تلك المنطقة وبيوتها وأسواقها وأزقتها ورواشينها التي تنطلق من العشق لتلك المنطقة وبيوتها التي تتنفس تاريخا وتجسد نمطاً معمارياً مميزاً تلتصق فيه البيوت وتتعانق فيه الرواشين الخشبية معبرة عن صورة المجتمع آنذاك الذي كان فيه الجميع أسرة واحدة تمتد بامتداد حارات جدة التاريخية الأربع الشام والمظلوم والبحر واليمن وأسواقها التراثية العلوي والبدو والندى وقابل وخاناتها. وتوسلت المقالات الملاك في منطقة جدة التاريخية ألا يدمروا هذا التراث المعماري والحضاري بالإهمال والترك بعد أن أخذتهم الأحياء الحديثة والفيلات الفارهة بعيداً. كما طالبت المناشدات أمانة جدة بأن تقوم بدورها في الحفاظ على هذا الإرث المعماري ومرة لهيئة السياحة لتستثمر هذه المنطقة في برامجها السياحية وأجندتها الخاصة بالمحافظة على التراث الوطني من الضياع والعبث. المطلوب برامج خاصة لإحياء تاريخ هذه المنطقة واليوم وبعد أن دخلت جدة التاريخية ضمن التراث العالمي الذي ترعاه المنظمة بجهود المخلصين الذين عملوا طوال الفترة الماضية على أن يتحقق هذا الحلم الذي تستحقه جدة عن جدارة وجاء الدعم من الدولة لتحقيق ذلك من خلال رصد ميزانيات خاصة لتطوير البنية التحتية في المنطقة التاريخية وإنارتها وترميم بعض مابقي من بيوتها القديمة. وأثمرت الجهود التي بذلت للحفاظ على هذا الكنز المعماري الفريد وتم تسجيل جدة التاريخية ضمن التراث المعماري العالمي الذي تشرف عليه اليونسكو حيث من المتوقع أن يغير ذلك من طريقة العمل التي كانت تتعامل بها أمانة جدة وهيئة السياحة مع المنطقة التاريخية عبر وضع آلية فاعلة تعيد الحياة لهذه البيوت وتنتشلها من الوضع التي هي عليه الآن لتكون حاضرة وثرية بالكثير من الفعاليات وتتحول بيوتها إلى مركز للعديد من النشاطات التي تجذب السكان والسياح وتعيد لها بريقها القديم عندما كانت عامرة بسكانها. والزائر لليالي رمضان في المنطقة التاريخية يجد في تلك الحارات وبيوتها الصامدة في وجه الإهمال وأزقتها المتعرجة إحساساً خاصاً بعبق بالتاريخ وحميمية العلاقات الإنسانية التي كانت بين سكان هذه البيوت المزينة بالرواشين الخشبية، وبين حواريها وأسواقها التي تتداخل وترتبط ببعضها بطريقة لا يشعر معها الزائر بالانتقال من حارة إلى أخرى أو من سوق إلى آخر. يصف الدكتور عبدالله مناع أحد سكان حارة البحر قديما وعاشق جدة المتيم بتاريخها الترابط والتناغم بين بيوت جدة التاريخية وبيوتها المبنية بالحجر المنقبي ورواشينها الخشبية المزينة بالنقوش والزخارف بأنها أشبه بقطعة موسيقية رائعة تتسرب إلى حواسك كالسحر وأمر مؤسف أن تظل هذه البيوت والأسواق والمساجد العتيقة خارج التراث العمراني العالمي لأن هذا التراث هان على أصحابه فهان بالتالي على اليونسكو. جدة التاريخية وبعد أن حظيت بالانضمام إلى التاريخ العالمي حصلت على حقها المشروع الذي كان من المفترض أن تحظى به منذ زمن بعيد، وبدأت صفحة جديدة ستشهد فيها جدة التاريخية المزيد من الاهتمام والترميم لبيوتها القديمة ليعود لها رونقها وحضورها وتكتسب بعداً سياحياً عالمياً من خلال برامج تسويق متطورة. جمالية البيوت ونقوشها المميزة بيوت جدة التاريخية بيوت جدة التاريخية كنز معماري مميز