الصدمة التي تلقاها ملف إدراج جدة القديمة ضمن التراث العالمي بمنظمة اليونسكو هي صدمة ليست لجدة القديمة ببيوتها الحجرية ورواشينها الجميلة وأزقتها التي تنافس فعلا أي تراث عالمي ولكن للإهمال واللامبالاة وسوء التخطيط والجهود غير الجادة والمشاريع المتعثرة التي ضيعت الثلاثين سنة الماضية أو أكثر. سنوات طويلة مرت منذ أن أعلن أمين جدة الأسبق المهندس محمد سعيد الفارسي حماية عدد من بيوت جدة الأثرية، واستبشرنا خيرا، وحلمنا أن تتحول أزقة حارات المظلوم والشام والبحر والعلوي وباب مكة وباب شريف إلى معالم مكتظة بالسياح الذين يشتمون عبق التاريخ ويسترجعون الماضي في حوانيت المنتجات التراثية والحرفية ومعارض الفنون والمطاعم والمقاهي الشعبية منطلقين بين الأزقة الضيقة تحت أشعة القناديل ذات الأشكال العتيقة، وفعلا بدأ الفارسي يضع لمسات مميزة مثل رصف الأزقة بالجرانيت ومنع دخول السيارات وتركيب الفوانيس التراثية. ولكن الجهود توقفت بل تراجعت، عدا محاولات قليلة لا تغني ولا تسمن من جوع، وأصبحنا لا نرى غير حوادث الحرائق تنسف بيوت جدة القديمة واحدا تلو الآخر بينما الجميع متفرجون. هل نكتفي بالتقوقع والانسحاب من محاولة الوصول إلى العالمية خوفا من تلقي صفعات جديدة أخرى أم نصر على إعادة المحاولة الجادة مرات ثانية وثالثة؟ الجواب بديهي ومعروف لكل من يحب جدة ويعرف إمكانياتها. هناك أمور بديهية يجب البدء بها مثل إخلاء البيوت الأثرية من السكان والبضائع وترميم المباني المهددة. ولابد من استشارة خبراء عالميين من دول سياحية لها تراث مشابه مثل مصر وتركيا وإسبانيا وإيطاليا واليونان واليمن وغيرها. ومن الضروري الإسراع في إصلاح مناطق مختارة من جدة القديمة والاستفادة منها حتى تكون نموذجا يبنى عليه البقية الباقية، بدلا من الركون إلى مشروع ضخم بطيء لكامل المدينة يخضع لعوامل البيروقراطية وقد يتعثر بسبب عدم توفر السيولة اللازمة. ونتمنى أن تلعب الهيئة العليا للآثار والسياحة كما وعد الامير سلطان بن سلمان دورا فاعلا وألا تترك الأمر في يد أمانة جدة وحدها، كذلك ألا يتم إيكال المشروع إلى شركة واحدة بل إلى بضع شركات ذات خبرة وسمعة جيدة. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 213 مسافة ثم الرسالة