تفاءل الأستاذ الكاتب عبدالله أبو السمح بظهور حلول تطويرية طال الحديث عنها للمنطقة التاريخية في جدة.. وذلك عقب نشر خبر عقد اتفاقية جمعت بين أمانة جدة وهيئة السياحة والآثار والقنصلية الفرنسية للتعاقد مع إحدى الشركات الفرنسية العالمية المتخصصة بهدف وضع خطة مشاريع تطويرية لجدة القديمة. ورغم أن جميع أهالي جدة يتمنون تحقق ما جاء في الخبر ليتم الحفاظ على ما تبقى من تراث عريق وكنوز معمارية تحكي تاريخاً عتيداً مديداً.. إلا أن أخبارا مماثلة سبق أن نشرت على مدى السنوات الماضية عن مشاريع عظيمة للحفاظ على المنطقة التاريخية في جدة.. ولكننا لم نر لها أثراً على أرض الواقع حتى الآن !!.. فلقد كان آخر تطوير فعلي للمنطقة في عهد المهندس محمد سعيد فارسي.. مهندس جدة الحديثة وذلك قبل أكثر من ثلاثين عاماً مضت!!. المنطقة التاريخية في جدة تحتاج إلى مشروع يعمل على تحويلها إلى مركز تاريخي واقتصادي وثقافي وسياحي متكامل.. بحيث يحقق هذا المشروع هدف المحافظة على التراث العمراني التاريخي العريق.. ويعزز الأنشطة التجارية القائمة ويحفز تطويرها وتوسعها وازدهارها.. كما يعزز الأمن الحضري. «جدة» تحتاج إلى مشروع يركز على الاستثمار السياحي.. فالمنطقة التاريخية ببيوتها ومساجدها وحاراتها وأسواقها وطرقها وأزقتها ومعالمها وأشجارها.. تعد محور جذب سياحي عريض.. فالإنسان الغربي مولع بمثل هذه المناطق التاريخية. وبحكم عملي في الجامعة فإن الزائرين للجامعة القادمين من الدول الغربية ما أن يزوروا المنطقة التاريخية في جدة إلا ويشعروا بالانبهار بآثارها وبيوتها ورواشينها وطرقها وأزقتها ومعالمها التاريخية المختلفة.. ورغم أن برنامج الزيارة لهؤلاء الزوار يتضمن زيارة المعالم الحديثة والمراكز التسويقية الضخمة في جدة.. إلا أن ما يستهويهم هو المنطقة التاريخية في جدة.. ولذلك ما يلبثون أن يطلبوا أخذهم مرة أخرى لزيارة المنطقة التاريخية. فالمنطقة التاريخية هي بلا شك مركز جذب سياحي أخاذ.. حتى وهي بهذا الحال الغارق في الإهمال.. فما بالنا فيما لو تحسنت وتطورت وتهيأت لزيارة الزائرين السائحين من داخل المملكة وخارجها. لعلنا باستثمارها السياحي نستطيع المحافظة عليها من الضياع والإهمال والإهدار.. والحل في تصوري هو ما أقترحه رئيس المجلس البلدي في جدة البروفيسور المستنير عبدالملك الجنيدي متمثلا في إنشاء (شركة تطوير) غير ربحية تتولى مسؤولية تطوير المنطقة التاريخية في مدينة جدة.. بما في ذلك المحافظة على قيمتها التاريخية والعمرانية وتعزيز الأنشطة التجارية فيها.. وتطويرها بلدياً من خلال تحسين شبكة الطرق والمرافق العامة وتوفير مواقف السيارات وتحسين بيئة حركة المشاة.. إلى جانب جذب استثمارات إنشاء الفنادق والأنشطة السياحية.. وإنشاء المشاريع السياحية ذات الجدوى الاقتصادية التي تدر دخلا مناسباً يساهم في الحفاظ على المنطقة التاريخية.. ومن الضرورة بمكان أن تكون المنطقة التاريخية نقطة مهمة في وسائل النقل العام في مشروع النقل العام الجديد. أما بالنسبة للشركة الفرنسية العالمية المتخصصة التي أشير إليها في الخبر.. فإن هذا هو المأمول.. الاستعانة بالشركات العالمية الثرية بخبراتها وقدراتها وإمكانياتها.. لا خلاف مطلقاً على هذا الأمر.. ولكنني قلت إننا مللنا من هذه الأخبار التي تكررت على مدى سنوات دون أن يتحقق منها شيء على أرض الواقع.. في وقت نخسر فيه الكثير بخسارة قيمة تاريخية وتراثية كبيرة.. حتى صدمنا برفض ملف جدة التاريخية من قبل اليونسكو.. في وقت نعلم فيه تمام العلم أن منطقة جدة التاريخية غنية بتراث وآثار تاريخية ذات قيمة كبيرة.. وتبين أن الإهمال الذي تعانيه المنطقة.. وعدم وجود أي رصد مالي للمحافظة عليها هو سبب الرفض.. وتوالت السنوات منذ رفض اليونسكو.. ولم نلمس للأسف تغيراً يذكر في واقع حال المنطقة التاريخية بجدة!!.