الجمعيات العمومية في كثير من الأندية هي أشبه بألغام مزروعة قابلة للانفجار في أي لحظة، وقد حدث ذلك في غير نادٍ. فقد انفجرت غير مرة في الاتحاد وفي الوحدة والقادسية كما انفجرت في الرائد والخليج، بل حتى في الأندية التي تقبع في الظل لم تسلم من هكذا انفجارات، وها هو نادي الاتفاق يقع تحت خطر مثل هذا الانفجار؛ خصوصاً وأن الأقدام هناك أصبحت تدوس على أكثر من لغم بسبب التجاوزات الحاصلة في عملية تسجيل الأعضاء. لا يعني أن بعض الأندية التي لم تحدث فيها هكذا انفجارات أنها تتعاطى مع مسألة الجمعيات العمومية بوعي، وإنما لأنها لا تطبق آليات الجمعيات العمومية إلا من حيث الشكل، وإلا فالمضمون أبعد ما يكون عنها تماماً كما هو الحال في أندية كبرى كالهلال والنصر والأهلي والشباب، حيث يأتي اختيار الرئيس ومعه أعضاء المجلس إما نزولاً عند رغبة شخصية نافذة، أو مجموعة متنفذين وسط تغييب تام لأي ممارسة ديموقراطية تفترض وجود أعضاء جمعية يعبرون عن جميع مكونات النادي ويمارسون دورهم القانوني. تعطيل الآليات الديموقراطية في الأندية أمر مؤلم؛ خصوصاً وهي التي يفترض بها أن تكون من محطات الوعي الأولى في المجتمع باعتبارها من أوائل مؤسسات الدولة التي اعتمدت الانتخابات؛ ولكن ذلك ما لم يكن، رغم ملامسة مسؤولي رعاية الشباب لهذا الواقع الذي جعل عديد الأندية ساحات للتجاذبات، ومراتع للمشاكل، وفرصاً سانحة للبعض لفرض هيمنتهم ووصايتهم عليها، فضلاً عن أن تغييب دور أعضاء الجمعية العمومية فيه استنزاف لمورد مهم من موارد الأندية. أزمة الجمعيات العمومية قديمة بقدم الرئاسة العام لرعاية الشباب، فهذه الأزمة تعتركها من جهة لوائح هشة مطواعة للاختراق، وسهلة على التلاعب وحتى التزوير، ومن جهة ثانية تغيب عنها الرقابة والحزم من المعنيين في رعاية الشباب سواء في الرئاسة نفسها أو في مكاتبها في المناطق الذين دخل بعضهم أتون هذه الأزمة كأطراف متهمة بالاصطفاف مع طرف مقابل طرف في غير نادٍ في ظل غياب الرؤوس الكبرى في الرئاسة عن المتابعة والمحاسبة، ما جعل الفساد والفوضى والتلاعب في المقدرات تعم كثير من الأندية حيث لا حسيب ولا رقيب. معيب جداً أن نرى نادياً بحجم الاتحاد بتاريخه وقاعدته الشرفية والجماهيرية لا يتجاوز عدد أعضاء جمعيته العمومية 100 عضو يتحكم فيهم هذا أو ذاك، وهو ما أدخله في محرقة مالية وإدارية، ومعيب أكثر أن نرى أندية بحجم الأهلي والهلال والشباب والنصر تحسم جمعياتهم العمومية غير العادية وسط تغييب للمفاعيل الحقيقية للجمعيات العمومية وينصب الرؤساء وتشكل الإدارات بطريقة لا تعبر عن وجود كيانات بهذا الحجم، في وقت تنتهي ولاية الإدارات دون أن تنعقد جمعية عمومية غير عادية واحدة. أنا على يقين أنّ كل من في رعاية الشباب يدركون حجم هذه الأزمة لكن أحداً منهم لم يأخذ خطوة واحدة للأمام لحلحلة هذه العقدة الشائكة خصوصاً فيما يتعلق بمعالجة اللائحة وآليات تطبيقها؛ إذ لا زال الوضع السيئ قائماً حيث اكتفت رعاية الشباب بالتعاطي مع الأمر وكأنها مركز إطفاء مهمته فقط إطفاء الحرائق التي تشتعل في الأندية لكن دون البحث عن مصدر الحرائق ومسبباته. الكرة الآن في مرمى الأمير عبدالله مساعد، فهو خير من يمكن له معالجة الأزمة؛ خصوصاً وقد عمل قبل ذلك رئيس نادٍ كما أدار شركات تجارية، وبذلك فهو يدرك قيمة الجمعيات العمومية ومفاعيلها؛ فضلاً عن أن مشروع الخصخصة وهو عرابه يحمل في أحد جوانبه معالجة الفساد الإداري والمالي في الأندية ولن يكون ذلك أبداً إلا بجمعيات عمومية فعلية وليست صورية.