يدرس مجلس الشورى مقترحاً مقدماً من أحد أعضائه لإنشاء وتأسيس صندوقين احتياطيين للتقاعد، أحدهما: للمؤسسة العامَّة للتقاعد، والآخر لمؤسسة التأمينات الاجتماعيَّة، بهدف تكوين احتياطيات مالية، واستثمارها، لغرض الدعم المالي لموارد التقاعد لدى هاتين المؤسستين، ومعالجة القصور المتوقع مستقبلاً، أو على المدى الطويل، في تمويل المنافع والتعويضات! هذا من جهة. ومن جهة أخرى العمل على حفظ جزءٍ من فائض الميزانية واستثماره للأجيال القادمة من أبناء المملكة والعاملين في تنميتها. ومع كل الاحترام لأعضاء مجلس الشورى، ولصاحب المقترح، فما هكذا تُورد الإبل، وما هكذا تُعالج الأزمات والمشكلات، بالهروب إلى الأمام! فقد كان الأولى بهم، مناقشة ومعالجة الخلل المُزمن والقصور الواضح في أنظمة التقاعد الحالية، وفي آليات استثمار مواردها، والضغط باتجاه إعادة إصدارها، بشكلٍ وصيغٍ ملائمة، تحفظ للمتقاعدين، وأُسرهم، في الحاضر والمستقبل، الحياة المعيشية الكريمة! وتعالج في الوقت نفسه أسباب ومُسببات العجوزات المستقبلية المحتملة! ولا بأس بعد ذلك، أو في موازاة ذلك، النظر في إنشاء صناديق للتقاعد! التفكير بالأجيال القادمة لا مندوحة منه، ولا تثريب عليه، ولكن ما بالنا لا نهتم بأحوال المتقاعدين في أيامنا هذه، وزماننا هذا! فالمتقاعدون لدى مؤسستي: التقاعد العامة والتأمينات الاجتماعية، في حاجةٍ ماسّة إلى رعاية مادية وتشريعية، عاجلة، وليست آجلة! ولقد كتبتُ، وكتب غيري، مراتٍ عديدة، بأنَّ هذه الشريحة المجتمعية لا تطالب بمثل مزايا المتقاعدين في بعض الدول المجاورة وغير المجاورة، ولا بأندية ومشافي مخصصة، ولا بمراكز رعاية طويلة الأجل للمرضى أو كبار السن من المتقاعدين، ولكن تطالب بالحد الأدنى فقط! معاشات تكفي الحاجة، وتأمين طبي يُخفف أعباء وتكاليف العلاج، وعلاوة سنوية مُسانِدة، وتخفيضات على رسوم الخدمات العامة ! المتقاعدون، وقد بلغ عددهم وفق إحصائية عام 1435ه نحو663 ألف، في المؤسسة العامة للتقاعد، بمعدل نمو سنوي قدره 10.5 %! وأكثر من 190 ألف متقاعد، في مؤسسة التأمينات الاجتماعية، بمعدل نمو سنوي قدره 10.6%! بحاجةٍ إلى رؤية أكثر وضوحاً، وتحديداً، لطبيعة مشكلاتهم، وماهياتها، وليس القفز عليها، إلى موضوعٍ آخر، وإن كان ذي صلة، قد يحتاج إقراره إلى سنوات، هذا إن تمَّ إقراره أساساً! مسك الختام: إنشاء وتأسيس أمثال هذه الصناديق، وإدارتها، ليس بالأمر الهيِّن، بل يحتاج إلى دراسات جدوى شاملة تُحيط بكل الأبعاد الإستراتيجية، والإدارية، لها، وتحتاج كذلك إلى إدارة رشيدة واعية مؤهلة أمينة، تعمل على اختيار وتصميم أفضل نماذج الاستثمار، لتحقيق أفضل العوائد الممكنة! لدعم احتياجات مؤسستي التقاعد والتأمينات الاجتماعية المستقبلية! ولكن كما أشرتُ أعلاه، المسألة، قد تطول، وقد تظل لسنواتٍ عديدة، حبيسة داخل متاهات البيروقراطية، أو الدراسات! ومن ثمَّ فإنَّ الأولى بالمعالجة والتطوير العاجل، أنظمة التقاعد القائمة، بما يُتيح تنمية المنافع، والتعويضات، لجهة تحسين أحوال المتقاعدين، في الحال، والمآل!.. شَذْرَةٌ: تأتيكَ الفرصة فقط عندما تكون مستعداً لها!