فشل البرلمان العراقي المنتخب في جلسته الأولى أمس التي شهدت فوضى دستورية ومشادة كلامية، في انتخاب رئيس له بحسب ما ينص الدستور، على ان تعقد جلسة جديدة بعد اسبوع "اذا توفرت امكانية للاتفاق". وقال النائب مهدي الحافظ الذي تراس الجلسة لكونه اكبر الاعضاء سنا "تعقد جلسة الاسبوع القادم اذا ما توفرت امكانية للاتفاق"، مضيفا ان موعد الجلسة المقبلة سيكون الثامن من تموز/ يوليو الحالي. ونقلت قناة "العراقية" الحكومية الجلسة مباشرة على الهواء. وينص الدستور العراقي على ان "ينتخب مجلس النواب في اول جلسة له رئيسا، ثم نائبا اول ونائبا ثانيا، بالاغلبية المطلقة لعدد اعضاء المجلس، بالانتخاب السري المباشر"، من دون ان يوضح كيفية التعامل مع فشل انتخاب هؤلاء في الجلسة الاولى. ورغم انه ليس مذكورا في الدستور، الا ان العرف السياسي السائد في العراق ينص على ان يكون رئيس الوزراء شيعيا، ورئيس البرلمان سنيا، ورئيس الجمهورية كرديا. وتلا مهدي الحافظ اليمين الدستورية باللغة العربية امام النواب الذين رددوها وهم واقفون، قبل ان تتلو النائب الكردية ألا طالباني اليمين باللغة الكردية ليرددها النواب الاكراد في البرلمان. وقال الحافظ ان 255 نائبا حضروا الجلسة من بين 328 نائبا، معلنا بذلك تحقق النصاب القانوني وبدء عملية اختيار رئيس المجلس النيابي الجديد، والذي من المفترض بحسب العرف السائد ان يكون سنيا. وطلبت النائب الكردية نجيبة نجيب التحدث، فدعت رئيس الوزراء الى "فك الحصار" عن اقليم كردستان الشمالي الذي يتمتع بحكم ذاتي ودفع المستحقات المالية للاقليم من الموازنة العامة والمجمدة منذ اشهر. وما ان تدخل الحافظ ليبلغ النائب الكردية بان هذه الجلسة مخصصة لموضوع انتخاب رئيس المجلس ونائبيه فقط، حتى صرخ النائب محمد ناجي المنتمي الى منظمة "بدر" الشيعية "تريدون ان نفك الحصار عن داعش؟"، في اشارة الى تنظيم "الدولة الاسلامية" الذي يحتل مناطق من شمال العراق محاذية لاقليم كردستان. ثم تدخل النائب كاظم الصيادي المنتمي الى "دولة القانون" بزعامة المالكي ليقول ان رئيس اقليم كردستان "مسعود بارزاني اكبر عميل وخائن. تصدرون النفط الى اسرائيل وتنزلون العلم العراقي. سنسحق رؤوسكم وسنريكم ماذا نفعل بعد انتهاء الازمة". واعلن بعدها الحافظ عن استراحة لمدة نصف ساعة. ويشن مسلحو تنظيم "الدولة الاسلامية" الى جانب مسلحي تنظيمات متطرفة اخرى هجوما منذ ثلاثة اسابيع سيطروا خلاله على مناطق واسعة في شمال العراق وغربه وشرقه تشمل مدنا رئيسية بينها تكريت (160 كلم شمال بغداد) والموصل (350 كلم شمال بغداد). واكد "الدولة الاسلامية" اقوى التنظيمات الاسلامية المتطرفة التي تقاتل في العراق وسورية والذي اعلن الاحد قيام "الخلافة الاسلامية" ومبايعة زعيمه ابو بكر البغدادي "خليفة للمسلمين"، نيته الزحف نحو بغداد ومحافظتي كربلاء والنجف . وفي خضم هذا الهجوم الذي ترافق مع انسحاب القوات العراقية من مناطق عدة بينها مناطق محاذية لاقليم كردستان، ارسلت سلطات الاقليم قوات البشمركة الكردية الى مناطق متنازع عليها مع بغداد ابرزها كركوك (240 كلم شمال بغداد) وفرضت سيطرتها عليها. وتطغى مسالة ترشح رئيس الوزراء نوري المالكي الذي يحكم البلاد منذ العام 2006 لتولي رئاسة الحكومة لولاية ثالثة على العملية السياسية في العراق. وفازت لائحة المالكي باكبر عدد من مقاعد البرلمان (92 من بين 328) مقارنة باللوائح الاخرى في الانتخابات التشريعية التي جرت في اواخر نيسان/ابريل الماضي، الا ان هذا الانتصار لا يضمن للمالكي البقاء على راس الحكومة. ويتعرض رئيس الوزراء الى انتقادات داخلية وخارجية خصوصا حيال استراتيجيته الامنية في ظل التدهور الامني الكبير في البلاد وسيطرة المسلحين المتطرفين على مساحات واسعة من العراق، ويواجه كذلك اتهامات بتهميش السنة واحتكار الحكم. ويطالب خصومه السياسيون كتلة "التحالف الوطني" اكبر تحالف للاحزاب الشيعية بترشيح سياسي اخر لرئاسة الوزراء، فيما يصر هو على احقيته في تشكيل الحكومة، علما انه تراس حكومته الثانية رغم ان لائحته النيابية لم تفز في 2010 باكبر عدد من مقاعد البرلمان. وينص الدستور العراقي على ان يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال ثلاثين يوما من تاريخ اول انعقاد للمجلس، علما ان انتخاب احد المرشحين للرئاسة يكون باغلبية ثلثي عدد اعضاء البرلمان. واذا لم يحصل اي من المرشحين على الاغلبية المطلوبة من الاصوات، يتم التنافس بين المرشحين الاثنين الحاصلين على اعلى الاصوات ويفوز من يحصل على اكثرية الاصوات في الاقتراع الثاني. ويكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الاكثر عددا بتشكيل مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية، على ان يتولى رئيس مجلس الوزراء المكلف تسمية اعضاء وزارته خلال مدة اقصاها ثلاثون يوما من تاريخ التكليف.