افتتح البرلمان العراقي المنتخب أولى جلساته منذ انتخابه، في خطوة تطلق عملية تشكيل حكومة جديدة يسعى رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي الى البقاء على رأسها. وترأس الجلسة النائب مهدي الحافظ، لكونه اكبر اعضاء البرلمان الجديد سناً، ويحضرها المالكي ونائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي وشخصيات قيادية اخرى. وهي الجلسة الأولى للمجلس منذ انتخابات نيسان (ابريل) الماضي. وتلا مهدي الحافظ اليمين الدستورية باللغة العربية امام النواب الذين رددوها وهم واقفون، قبل ان تتلو النائب الكردية الا طالباني اليمين باللغة الكردية ليرددها النواب الاكراد في البرلمان. وقال الحافظ ان 255 نائبا حضروا الجلسة من بين 328 نائبا، معلناً بذلك تحقق النصاب القانوني وبدء عملية اختيار رئيس المجلس النيابي الجديد، والذي من المفترض بحسب العرف السائد ان يكون سنّياً. ودعا الرئيس المؤقت للبرلمان العراقي لوقف ما وصفه بالانتكاسة الامنية حتى يمضي العراق في مساره الصحيح. وقال إنه لابد من استعادة الامن والاستقرار في شتى ربوع العراق حتى يمكن ان يمضي في المسار الصحيح ويبني مستقبله. وطلبت النائب الكردية نجيبة نجيب التحدث، فدعت رئيس الوزراء الى "فك الحصار" عن اقليم كردستان الشمالي الذي يتمتع بحكم ذاتي ودفع المستحقات المالية للاقليم من الموازنة العامة والمجمدة منذ أشهر. وما إن تدخّل الحافظ ليبلغ النائب الكردية بان هذه الجلسة مخصصة لموضوع انتخاب رئيس المجلس ونائبيه فقط، حتى صرخ النائب محمد ناجي المنتمي الى منظمة "بدر" الشيعية "تريدون ان نفك الحصار عن داعش؟"، في اشارة الى تنظيم "الدولة الاسلامية" الذي يحتل مناطق من شمال العراق محاذية لاقليم كردستان. ثم تدخل النائب كاظم الصيادي المنتمي الى "دولة القانون" بزعامة المالكي ليقول إن رئيس اقليم كردستان "مسعود بارزاني اكبر عميل وخائن. تصدرون النفط الى اسرائيل وتنزلون العلم العراقي. سنسحق رؤوسكم وسنريكم ماذا نفعل بعد انتهاء الازمة". وأعلن بعدها الحافظ عن استراحة لمدة نصف ساعة. وتطغى مسألة ترشح رئيس الوزراء نوري المالكي الذي يحكم البلاد منذ العام 2006 لتولي رئاسة الحكومة لولاية ثالثة على العملية السياسية في العراق. وفازت لائحة المالكي باكبر عدد من مقاعد البرلمان (92 من بين 328) مقارنة باللوائح الاخرى في الانتخابات التشريعية التي جرت في اواخر نيسان (ابريل) الماضي، إلاّ أن هذا الانتصار لا يضمن للمالكي البقاء على رأس الحكومة. ويتعرض رئيس الوزراء الى انتقادات داخلية وخارجية خصوصاً حيال استراتيجيته الامنية في ظل التدهور الامني الكبير في البلاد وسيطرة المسلحين المتطرفين على مساحات واسعة من العراق، ويواجه كذلك اتهامات بتهميش السنة واحتكار الحكم. ويطالب خصومه السياسيون كتلة "التحالف الوطني" اكبر تحالف للاحزاب الشيعية بترشيح سياسي اخر لرئاسة الوزراء، فيما يصر هو على احقيته في تشكيل الحكومة، علما انه تراس حكومته الثانية رغم ان لائحته النيابية لم تفز في 2010 باكبر عدد من مقاعد البرلمان. وينص الدستور العراقي على ان يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال ثلاثين يوما من تاريخ اول انعقاد للمجلس، علما ان انتخاب احد المرشحين للرئاسة يكون باغلبية ثلثي عدد اعضاء البرلمان. واذا لم يحصل اي من المرشحين على الاغلبية المطلوبة من الاصوات، يتم التنافس بين المرشحين الاثنين الحاصلين على اعلى الاصوات ويفوز من يحصل على اكثرية الاصوات في الاقتراع الثاني. ويكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الاكثر عددا بتشكيل مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية، على ان يتولى رئيس مجلس الوزراء المكلف تسمية اعضاء وزارته خلال مدة اقصاها ثلاثون يوما من تاريخ التكليف. وبحسب العرف السياسي السائد في العراق، فإن رئيس الوزراء ينتمي الى المذهب الشيعي، ويكون رئيس البرلمان سنياً ورئيس الجمهورية كردياً، على رغم أن الدستور لا ينص على هذه المحاصصة الطائفية القومية. ومع إن إئتلاف رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي حصل على أعلى عدد من المقاعد في الانتخابات، إلا أنه يواجه مطالبات بالتنحي إثر الهجوم الذي شنه تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) وسيطر خلاله على مناطق شاسعة في شمال العراق ووسطه. والمرشحون المحتملون ليكونوا بدلاء عن المالكي، هم عادل عبد المهدي النائب السابق لرئيس الجمهورية وإبراهيم الجعفري، سلف المالكي في رئاسة الوزراء، وطارق نجم، كبير موظفي مكتب المالكي، وفالح الفياض، مستشار الأمن الوطني، وباقر جبر صولاغ وأحمد الجلبي، النائب السابق لرئيس الوزراء، وحسين الشهرستاني، نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة.