تستفزني الأسئلة الباردة.. وتبدو لي أحياناً وكأنها عقاب تاريخي لي سيستمر إلى ما بعد طرح السؤال بأيام.. لا أفضل أن أجيب.. ولا أفضل تلك الإجابات المثلجة.. والتقليدية.. يأسرني التخمين وتلك الأمورالمعلقة.. والتي لاتحمل إجاباتها! في الأسئلة عليك أن تتمرد على الإجابات السريعة.. وأن يكون ذلك الجزء الأهم في شخصيتك هو الصمت المرهق للآخر.. ! في الحياة قد تصطدم بمن اعتاد على الأسئلة الباردة والساخنة .. والفارغة.. والاعتيادية.. والتي لامعنى لها.. قد تجد أشخاصاً تشكّلتْ تفاصيل حياتهم على الأسئلة.. ولكن دون صياغة.. ودون أهمية أو قيمة .. فمتعة السؤال صياغته.. ومتى يُطرح؟ ولماذا؟! من اعتاد طرح الأسئلة يتحول إلى شخص مدمن للسؤال .. يتواجد من أجل أن يسأل.. صديقة لي هوايتها الأسئلة.. وفي كل مرة تسأل من لايملك الجواب .. وليس هناك في الغالب مبرر لطرح السؤال.. لأن من يسأل عليه أن يكون ذكياً بما فيه الكفاية ليتحصل على إجابة.. وعليه أن لايصرّ على أسئلته الفارغة على اعتبار أنه لم يخسر شيئاً.. وهو مخطئء فقد خسر سؤاله..! يسأل البعض لأنهم لايعرفون .. ولكن أن تسأل من لايعرف فهذا لأنك لاتعرف على من تطرح سؤالك..! أحياناً تجد غريباً يسألك أسئلة خاصة ولامعنى لها.. وعندماتصمت أو تسأله لماذا يسأل؟ أو ينثر عليك أسئلته؟ يقول إ نه أمر عادي.. أما بالنسبة لك فهو خارج إطار الاعتياد.. وهو أيضاً الفراغ الذي يحتوي تفكيره وأسئلته.. ربما وبساطته أحياناً! في الواقع تمر الأسئلة بمراحل كثيرة إن كانت تستحق الإجابة.. وفي الغالب إن لم تكن ذات أهمية فلا داعي من طرحها.. لأن قيمة السؤال وأهميته تعتمد على من سوف يجيب عنه وتوقعك لهذه الإجابة وهل هي المطلوبة؟ بمعنى أن لاتسأل من لايملك الجواب.. وأن لاتسأل من يملك جواباً لايقنعك ولايصل إليك..! ذلك أن الأسئلة في حد ذاتها مهارة وفن.. خاصة أن علامات الاستفهام استبدادية ومرعبة.. في تكوينها ومفهومها..! ولذلك نجد الكثير لايجيدون طرح الأسئلة بطريقة صحيحة ومختصرة لأنهم لم يتعلموا صياغتها ومتى تطرح ومتى تغيب..! استمع مثلا ًإلى مداخلات المتصلين مع البرامج وكيف يغرق المتصل في بحر البحث عن صياغة سؤال وينتهي الاتصال وهو لم يعرف لماذا اتصل أو يسأل سؤالاً تافهاً وبعيداً عن الجدل..وغير مفهوم.! في مفهوم الأسئلة لا بد أن يكون السؤال المطروح ضامناً أساسياً للإجابة وإلا ليس هناك سبب أن يُطرح .. وأن يبدأ في شيء معلوم حتى ينتهي إلى ما هو معلوم أيضاً! في الأسئلة أيضاً ينبغي أن يضيف لك السؤال عندما تسأله..بدلا ًمن أن يحذف من رصيدك.! ومع ذلك تظل هناك أسئلة ليس لها إجابات.. وهناك أسئلة إجاباتها ليس بالضرورة أن تأتي وقت طرح السؤال بمعنى أنه لم تحن إجاباتها بعد.. ولكن الأهم تلك الإجابات التي تسبق طرح الأسئلة..! وهناك أسئلة لاينبغي طرحها لأنك تعرف الإجابة مسبقاً..! وأخيراً ليس المتعة في طرح الأسئلة.. أو أن تكون سائلا ً.. أو باحثاً.. عن إجابة .. لكن المتعة الأكبر هي أن تُحول كل سؤال يُطرح عليك الى "علامة ستفهام".. وكل حواب إلى أسئلة مفتوحة تُذيب فيها السائل إما في روح اللغة .. أو في صمت يستنفد معه أحكامه.. أو إجابات قصيرة تنتقل به من موقع سؤال الى مواقع تتناثر فيها أسئلته الباهتة ليعيد جمعها على المسافة الممتدة..!