تطل أسئلة كثيرة من بعض القراء باتجاه الشاعر أو الفنان بوجه عام، وهي ليست كأسئلة الشعر، فأسئلة الشعر أعرض وأكثر شمولية باتجاه الحياة والكون والحاضر والمستقبل، وغالبا ما تكون أسئلة أولئك القراء نابعة من رؤية خاصة تجنح إلى الذات ولا تصل إلى عوالم الشعر العريضة.. أكثر الأسئلة غباء تلك التي تطرح على الشاعر أو الفنان بوجه عام: ماذا تقصد بقولك كذا وكذا...؟ وما معنى هذا البيت؟ وما معنى هذه الجملة الشعرية؟ أذكر أنني قلت ذات مرة: لا تسأل شاعرا عن شعره، فإنه سيثرثر باتجاه آخر، ومثل هذه الأسئلة ربما تكون مقبولة إلى حد ما عندما تكون في مسابقة شعرية أو تحكيم نص التبس على محكم يريد أن يستمع إلى رأيه.. لكنها لا تكون مقبولة حين تطرح على شاعر فنان له تجربته في الكتابة وله رؤيته العريضة تجاه الأشياء.. الشعر الحقيقي لن يكون تقريرا أو خبرا صحافيا، إنه وحده هو الذي يحول (الحدث إلى لغة والتاريخ إلى قصيدة) أو حتى رواية وقصة، وعلى القارئ أن يتحول من (مستهلك) للنص إلى (منتج) له، وتلك مقولة شهيرة لرولان بارت له، أي عليه أن يتعامل مع النص وفق مخزونه الثقافي ويقتحم الشفرات المزروعة في جسد النص، وينطلق منها بإنتاج أسئلة جديدة لا أن يطرح الأسئلة الساذجة بانتظار إجابة الشاعر، فليس دور الشاعر أن يقدم لنا الأجوبة جاهزة أن المعنى كما يقال أصبح في وعي المتلقي الآن، وليس في وعي الشاعر كان شاعر العربية الكبير (أبو الطيب المتنبي) يقول: (ابن جني أعلم بشعري مني)، وهذه دلالة واضحة على فاعلية دور القارئ المنتج، ولكن أيضا ليس كل قارئ يتعامل مع النص سيكون مثل ابن جني في رؤيته الناقدة. وكما يقول الدكتور عبدالله الغذامي: يجب أن يكون (اعتماد النص على نفسه لا على صاحبه أو نية المؤلف)، وعلى القارئ أن ينطلق من الجانب الذوقي والجمالي إلى عوالم المعنى.. في أمسية الشاعر والروائي الجميل عبدالله ثابت بنادي تبوك الأدبي مؤخرا طرحت مثل تلك الأسئلة، أقصد الأسئلة التي تطرح على الفنان الشاعر والروائي، وهي أسئلة تأتي من قارئ لا ينتمي لحقل الأدب أو القراءة الإبداعية، إنه يأتي من زوايا بعيدة جدا، فتأتي أسئلته مثخنة باتجاهات مختلفة، فعلى الشاعر إما الإجابة وإما الدخول في حوار آخر.. وأدهشتني كثيرا رؤية عبدالله ثابت وإجاباته الناضجة أمام سيل من أسئلة تتداعى أمامه؛ ولأن ثابت عرف شاعرا قبل أن يكون روائيا؛ شاعرا يحمل من غيم اللغة ما يكفي لبناء حائط عال من الشعر؛ ذلك الشعر الذي رافقه في سرده في روايته الإرهابي 20، وهو الشعر المسرود مثلما يقول كانت إجاباته مثالا مشرقا للمثقف الفنان، وأخيرا أقول: على القارئ أن يتحول من مستهلك للنص إلى منتج له. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز ؟؟؟ مسافة ثم الرسالة