استجمعت "هند" قواها النفسيَّة والعقليَّة بعد أكثر من (15) عاماً مرَّت من حياتها الزوجيَّة، لتتخذ قراراً بالسفر مع شريك حياتها للمرة الأولى؛ فهي تدرك أنَّه لن يمانع في ذلك، فكلاهما مرَّ أثناء العام الماضي بمرحلة عصيبة من التحديات والتجارب الصعبة، بيد أنَّ هذا القرار كان وقعه أليماً على أبنائها، خاصة الصغار منهم، إذ ظلّوا في حالة رفض واعتراض على القرار منذ أن أخبرتهم به قبل أسبوع من موعد السفر. أعباء ماديَّة وقالت "عبير عبد الرحمن":"عشت أكثر من (20) عاماً مرتبطة بأبنائي في حلِّي وترحالي، وكنت مهتمة جداً بكل ما يحقق متعتهم وسعادتهم وترفيههم في السفر، إلى جانب تحمُّلي كلَّ أصناف التعب والمشقة منهم دون أن التفت لمتطلباتي أو حاجاتي الشخصية ورغبتي في الراحة والاستجمام دون قلق أو خوف ممَّا قد يعتريهم حينما أتركهم بمفردهم"، مُضيفةً أنَّ ذلك كان اختباراً لمدى قدرتهم على تحمل المسؤولية عن أنفسهم من جهة، وتجاه بعضهم بعضاً من جهة أخرى. وأضافت أنَّها اكتشفت مدى ما كانت تتحمَّله هي وزوجها من أعباء مادية ونفسية وجسدية في السفر برفقة أطفالهما، موضحةً أنَّ مسألة السفر برفقة زوجها وحيدين أصبحت منذ ذلك الوقت عادةً دائمة، مشيرةً إلى أنَّ ذلك منحهما الفرصة هي وزوجها ليُقرِّرا السفر خلال أيّ وقت من العام يُحدِّدانه حسب حاجتهما؛ مما انعكس على توطيد العلاقة بينهما واكتشاف وتجديد حياتهما بعيدا عن الأطفال. جدول الرحلة يستأثر الأطفال بجزء كبير من جدول الرحلة أثناء السفر وأشارت "فداء" إلى أنَّها اعتادت منذ فترة طويلة السفر كل عام بصحبة زوجها وأطفالها، بيد أنَّها قررت مؤخراً عدم اصطحاب أطفالها في السفر، وذلك بعد أن عاشت تجارب مريرة أثناء السفر بصحبتهم، مضيفةً أنَّه يأتي في مقدمة ذلك اضطرارها وزوجها إلى تغيير جدول الرحلة الذي كانا قد خططا له قبل السفر، موضحةً أنَّ ذلك جعلهما لا يحظيان بأيٍّ ممَّا تم التخطيط له منذ البداية، نتيجة انشغال كل منهما بمتطلبات أطفالهما. وأضافت أنَّ وجود أطفالهما معهما في السفر يُحتِّم عليهما التفرّغ لهم تماماً، مبيِّنةً أنَّ فكرة زيارة الأماكن السياحية التي يرغبان التوجّه لزيارتها لا تستهوي أطفالهما، مرجعةً ذلك إلى رغبتهم في الذهاب إلى مزيدٍ من الأماكن والمواقع ذات الطابع الترفيهي، مشيرةً إلى أنَّ ذلك يجعل أطفالها يتذمَّرون بشكلٍ كبير ويُصبح منظرهم لافتاً للانتباه، لافتةً إلى أنَّ وجود أطفالهما بصحبتهما أثناء السفر يحرمهما من التردد على بعض الأماكن التي يمنع فيها اصطحاب الأطفال، أو حتى تلك الأماكن التي يُمكن البقاء فيها إلى ساعة متأخرة من الليل. بكاء الطفل لحظة الوداع يثير مشاعر الوالدين عارض صحِّي وأوضحت "إلهام العمر" أنَّها اكتشفت من واقع تجربتها المتكررة في السفر للخارج بصحبة أطفالها مدى العبء والمسؤولية الكبيرة التي تنتج عن اصطحابهم، فهي مضطرة -مثلاً- إلى أن تأخذ بعض احتياطاتها اللازمة، مضيفة أنَّها تأخذ في الحسبان تعرّض أحدهم لأيّ عارضٍ صحيّ، وبالتالي تصطحب معها بعض الأدوية والمواد الطبيّة وحقيبة الإسعافات الأولية، خاصةً أنَّ بعضهم يعاني من مشكلات صحية متكررة أو مزمنة، ناهيك عن التكاليف المادية ومصاريف المسكن والمأكل والمشرب. ممارسات خاطئة وبيَّن "وليد القاسم" أنَّه قرر حينما سافر في إحدى المرَّات ترك ابنته الصغيرة ذات الثلاثة أعوام عند جدتها، نظراً لما تُبديه من إزعاج وقلق، مضيفاً أنَّها عنيدة كثيرة الحركة وتُسبب إرباكاً له ولوالدتها وشقيقاتها الأخريات، موضحاً أنَّ ذلك من الممكن أن يوجّه أنظار الآخرين نحوهم، مشيراً إلى أنَّ الأمر يبدو أكثر إحراجاً حينما تكون وُجهة السفر خارج حدود الوطن، خاصةً في أمريكا والدول الأوروبية، لافتاً إلى أنَّ سلوك الآباء والأمهات تجاه أطفالهم يكون مراقباً، وبالتالي فإنَّ أيّ تجاوزات أو ممارسات خاطئة يتم الإبلاغ عنها، قد تجعل الشخص تحت طائلة المُساءلة والعقاب من السلطات هناك. وأضاف أنَّ السفر بصحبة الأطفال من الممكن أن يكون أمراً مقبولاً حينما يكون ذلك داخل المملكة، مُشيراً إلى أنَّه من الممكن أن يتفهَّم الآخرون أيّ ردَّة فعل غاضبة من الآباء تجاه أطفالهم، إلى جانب أنَّ ردود أفعال الآباء في هذه الحالة قد تبدو متشابهة إلى حدٍ كبير. بكاء الأطفال ورأت "إلهام العبدالرحمن" أنَّ المعاناة تبدأ منذ ركوب الطائرة، وهو الجزء الأكثر إزعاجاً على الإطلاق، حيث البكاء المستمر من قبل الأطفال، والتذمّر الواضح من قبل ذويهم، مُضيفةً أنَّ ذلك يجعل الآباء في هذه الحالة أكثر لفتاً للانتباه، الأمر الذي قد يضايق الأشخاص المجاورين لهم داخل الطائرة، خاصةً حينما تمتد الرحلة الجويَّة لساعات طويلة، لافتةً إلى أنَّ كثيراً من الآباء والأمهات يتعاملون مع هذه المشكلة بإعطاء أطفالهم جرعات من أدوية تجعلهم ينامون طيلة مسافة الرحلة، أو يعملون على تنظيم وقت نومهم قبل السفر. وأضافت أنَّه من الضروري حينما يسافر الآباء بصحبة أطفالهم أن يتجاهلوا وينسوا أيَّ أمر خاصٍ بهم خططوا لتحقيقه، مُرجعةً ذلك لصعوبة تحقيق أيّ متعة أو ترفيه خاصٍ بهم في حضور أطفالهم، مشيرةً إلى أنَّ كثيراً من الأمهات لا يمكنهنَّ حتى الاهتمام بهندامهنَّ في السفر، في ظل وجود الأطفال. سفر الزوجين لوحدهما يعمل على توطيد العلاقة بينهما بعيداً عن الأطفال وأكَّدت "دانة" على أنَّها لن تسافر مع أفراد أسرتها حينما يكون أشقاؤها الصغار من بين المسافرين، مُضيفةً أنَّها تُفضِّل البقاء في منزل جدتها على السفر بصحبتهم، مُشيرةً إلى أنَّها سافرت في وقتٍ مضى برفقة والديها وأشقائها الكبار وكانت من أجمل سفراتها على الإطلاق، موضحةً أنَّ من أسوأ تجاربها في السفر مع أسرتها وأشقائها الصغار أنَّ والدتها غالباً ما تُوكل لها مهمة الانتباه لشقيقها الأصغر وملاحقته من مكان لآخر، لافتةً إلى أنَّ إزعاج الأطفال يكون بشكلٍ أكبر في الفنادق وداخل الطائرة أثناء الرحلة. ميزانية السفر وأشارت "بدرية المساعد" إلى أنَّها غيَّرت خططها أثناء السفر في السنوات الأخيرة، بسبب حرمانها الشخصي من الاستمتاع بالسفر، مُضيفةً أنَّها كلَّما خططت لأمر ما يكون لصالحها، فإنَّها لا تجد الوقت ولا الفرصة لتحقيقه، موضحةً أنَّها قرَّرت عدم السفر نهائياً بصحبة أطفالها وذلك بعد تفكير عميق في مختلف جوانب الموضوع، لافتةً إلى أنَّها لجأت إلى التغيير في هذا الشأن، إذ أصبح السفر لديها يتم على مرحلتين أو عدة مراحل متفاوتة أو متقطعة تبدأ بالسفر بصحبة أطفالها أولاً والتفرّغ لهم تماماً. وأضافت أنَّها أثناء ذلك تخطط لميزانية السفر وتجلس مع أطفالها وتتحدث معهم وتناقشهم في كل ما يتعلَّق بجوانب الرحلة ووجهتها، إلى جانب ما يرغبون في تحقيقه، موضحةً أنَّ المهم هنا هو تحقيق متعتهم وترفيههم بقليل من التوجيه والإرشاد، مشيرةً إلى أنَّ وجهة السفر مع الأطفال غالباً ما تكون إحدى مدن المملكة، مؤكدةً على أنَّ السفر للخارج بصحبتهم مرهق جسدياً ونفسياً ومُكلف مادياً، لافتةً إلى أنَّ هذه التعديلات التي أدخلتها على نظام السفر وفَّرت لها متسعاً من الوقت لتسافر وتستمتع بالسفر كما يحلو لها سواء بصحبة زوجها أو برفقة شقيقاتها أو صديقاتها.