في وزارة الصحة، هل العلة في الوزير أم في تركيبة الوزارة الإدارية والفنية؟ لأن تعاقب العديد من الوزراء عليها، وبقاءها خارج الزمن، والعجز عن إصلاحها منذ تأسيسها ورئاستها لسمو المرحوم الأمير عبدالله الفيصل، وإلى الدكتور عبدالله الربيعة، أبقاها لغزاً محيّراً حول أداء واجباتها بالشكل الطبيعي، وكيف تعاقب عليها العديد من الشخصيات المهمة ولم تغير أسلوبها وتعاطيها مع فرضيات التطور؟ جميع الوزارات لديها من النواقص الكثير جداً لأن إنشاءها قام على تركة أنظمة عربية ظلت تكرس البيروقراطية وتوظف المحاسيب ولا تهتم بالكفاءة، وقد نقلنا نفس التجارب وأضفنا إليها أساليب الاتكالية وسوء الإنتاجية، وتراكم الموظفين كعبء على العمل والوظيفة، ومع ذلك هناك من طوّر، ومن خرج من عباءة النظام القديم، لكن المرض في وزارة الصحة ظل عضالياً بدليل أن الفشل يُعزى للوزير بدون فهم البيئة الداخلية للوزارة، ولذلك لابد من تحليل موضوعي يدرس الأسباب لأنه من غير المنطقي رمي التهمة على رأس السلطة فيها من جميع الوزراء ونسيان العلة الداخلية.. صحيح أن الوزارة تأتي في أهميتها قبل وزارة التربية، وعلى نفس المستوى مع وزارة الداخلية، لكن لماذا كلّ من وزرائها في نظرنا فاشلون في وقت لها سُلم وظائف وهيكل إداري خاضع لنظام الدولة في التوظيف والحوافز، ونهاية الخدمة، إلى آخر تلك العقود الوظيفية المتعارف عليها لكن لماذا كل تلك العقود فشلت في تعديل مسارها، وهل يلام شخص أم نظام، أم تركيبة غير قابلة للتفكيك حتى ولو بجراحة غير طبية وإنما إدارية بحيث يضحَّى بالعاجز والفاسد، وقليل الخبرة والعمل، ليعاد تأسيسها وفق خطة تشارك فيها إدارات قانونية ومعهد الإدارة، وبيوت الخبرة من قطاعات حكومية وأهلية لإعادة هيكلتها من جديد؟ ليس (كورونا) من كشف وزارة الصحة، فقد تعرضت المملكة لموجات مماثلة من حالات لم تصل إلى الوباء، ولكنها كانت مقلقة، ومع ذلك جاء التعامل معها بنفس السلبية، ونحن نعلم أننا معرضون لتلك الأمراض بواسطة من يصلون إلينا من دول موبوءة، لا ترقى فيها الصحة للتعامل مع مستوطنات أمراضها بالتطعيم والعلاج وخاصة مواسم الحج والعمرة والزيارة، وبالتالي لم نجد في هذه الوزارة الاحتياطات اللازمة، وبالتالي لا يلام من تعاقبوا عليها من وزراء وإداريين، إذا كانت الأسباب لا تزال غامضة أو متستراً عليها، ولكن يلامون إذا كانوا لم يكشفوا عن الحقيقة، ويعلنوا عن عجزهم أمام القيادة والمواطنين.. الشكاوى لا تتصل فقط بنشوء مرض ما، وإنما بالتسيب الظاهر مع صيدليات أصبحت مثار شك في تنامي أعدادها والترخيص لها بدون حاجة، ولا كيف تتجاوز مهنتها إلى الغش وصرف الأدوية المجانية، ولا استحواذ مؤسسات أو أشخاص عليها، والمرض يطال المستشفيات الحكومية في عجزها عن تأمين سرير لمريض أو صرف دواء أو وجود أخصائي يتميز بالكفاءة، ونصل إلى المستوصفات والمستشفيات الخاصة وإدارة اللعبة بالتحول من مهن شريفة إلى تجارية حتى إن المريض ميسور الحال لم يعد يثق بكل الهيكل الصحي لدينا ليبحث عن منافذ خارجية تمنحه الصدق في التشخيص والعلاج.. الوزارة تحتاج لعلاج جذري وحتى لا يقع المخلص في جريرة المخطئ، لابد من وقفة جادة وصحيحة عن أسباب تردي عملها وانتشالها من فشلها إلى النجاح، أو التسليم بما هو موجود نكتفي به!!