لم تأتِ الحزبية الإسلامية في واقع حاضر هذا العصر وهي مداهمة بشرية صارمة وواعية ومتعقّلة داخل مجتمع كبير في مجموعه؛ لكن يمثل فيه من هم مسلمون أقلية تحلم أن تلتقي عبر الحزبية من يمكن أن يحميها من تدخّل فئات أخرى غير إسلامية قد تستهدف إضعافها أو محاصرة انتشارها.. لا شيء من ذلك.. وهذا هو المضحك.. فماذا يعني أن تأتي أقلية إسلامية من دولة أخرى داخل دولة هي إسلامية بكامل تكوينها السكاني لتمثّل وجود خصوصية إسلام تروّجها على أنها إسلام حقيقي وما هو غيرها ليس إلا ديانة بادية محدودة المفاهيم؟.. هناك من قال ذلك في أكثر من مجتمع عربي.. فتم هناك أيضاً رفض بجدية صارمة وجود هذه المباشرة بإيجاد تنوّع إسلامي يستهدف فرض خصوصية إسلامية لمن فشلوا في بلادهم قبل سبعين عاماً، كما حدث في مصر، ويحاولون التواجد في مجتمعات أخرى.. ليس بما هو منطقي وواقعي، خصوصاً وأنه ليست هناك جزئيات إسلامية إلا ما ابتكره بشر لا أنبياء في تحويل الديانة إلى منطلق مصالح خاصة.. نذكر جيداً - قبل خمسين عاماً تقريباً - كيف رحّبت المملكة بوجود أي مسلم يريد أن يمارس وضوح الديانة، لكن حين اتضح فيما بعد وجود وضوح أهداف الغايات نحو مصالح خاصة وفرض ديانة خاصة رفضت الدولة والمجتمع ذلك.. شعوب عربية إسلامية رفضت أن تجد تنوّعاً إسلامياً أوجد فيه هذا التنوّع كي يتحوّل إلى خصوصية عقائدية تخدم من يدير المجموع لا من يدّعي الإيمان به.. نحن جميعنا نعرف أن المجتمعات العربية في هذا العصر قد مرّت بتجارب قاسية.. بتتابع مراحل فشل مؤلمة.. بتراجع واضح وصارخ من وجود تلاحم سكاني يتوقع أن يتجه إلى الأمام؛ فإذا بهذه المجتمعات تسعى بها ظروفها نحو التمزّق وشمولية الضياع بما هي عليه الأفكار السياسية أو الوطنية من تتابع العجز في أي مشوار يحلم بالتقدم.. في هذه الأجواء الضائعة والتي لا يخفى علينا جميعاً فيها بروز الممارسة الطارئة في تعدد مواقع تعلن وجود إسلام من شأنه أن يحقق بداية المستقبل الأفضل.. أي إسلام هذا؟.. ماذا إذاً تُسمّى مراحل تتابع الإسلام من بداية وجوده وحتى العصر الراهن الذي أصبح عند حزبية معينة يعني وجود إسلام خاص.. إسلام يرتبط بمن هم يروّجون أفكارهم وأهدافهم وغاياتهم بعيداً عن أي إسلام طبيعي ومنطقي عند الآخرين.. هذا ما لن يقبل، ولن يكون، إلا مجرد مرحلة تاريخية سريعة تمرّ عبر تتابع كل محاولات أخرى ذهبت بالمجتمعات إلى الخلف والخوف والفشل.. الإسلام عقيدة شريعة واضحة ومعروفة منذ أكثر من 1400 عام، أما ما يأتي في عالمنا العربي وداخل وجود إسلامي شامل إذا اضطربت الأفكار عند بعض القياديين فهي عند المواطن العادي جداً أو المثقف جداً تظل تعني واقع كل جزالة دين خارج سلبيات الأطماع ومشبوهية الغايات..