موقف الشيخ القرضاوي منطقي وواقعي الذي رفض فيه أن يكون جزءاً من تحرك إسلامي سياسي التوجهات وما تفرضه التوجهات من تحامل ضد فئة إسلامية لصالح فئة أخرى.. حيث المعلوم أو المفترض أن يكون معلوماً لدى الجميع هو أن الديانة بشكل عام ليست مسلكاً سياسياً تتحرك فيه المسلكيات وأساليب التعامل وفق ما توجه إليه رغبات سياسية.. ومع الأسف أن المشاعر الدينية السائدة الانتشار والأكثر تأثيراً على السلوكيات الجماعية جرى استغلالها منذ أكثر من خمسين عاماً لكي تُفرض بواسطتها سلوكيات سياسية تخدم أهداف أشخاص أكثر مما هي تخدم مفاهيم عقائد واضحة.. منذ عهد الملك عبدالعزيز - رحمه الله - والمملكة بعيدة عن فتح أي فرص لخلق اختلافات وجهات نظر دينية، وما يعنيه ذلك من تشتيت لقدرات الشعب الواحد.. في بداية عهد الملك عبدالعزيز وُجدت محاولات بسيطة التأثير؛ لكنها خطيرة النتائج؛ لوصول الانتماء فيها إلى انتماء صفات شخصية أكثر مما يعنيه الأمر من سيادة إجماع عقائدي يتعامل مباشرة مع وضوح الدين، وما هو عليه من تجرّد تعامل عن أي شبهات.. نعرف جيداً أن التنوّع الطائفي الذي وُجد في وقت مبكر لم يتحول إلى وجود صراعات طائفية بمثل ما هو يحدث في عصرنا الراهن.. والذي من الواضح تبرز فيه تدخلات دول لا عقائد لدفع العالم العربي نحو مزيد من الخصومات.. مزيد من التفكك الاجتماعي.. تنفرد المملكة بوجودها في هذه المثالية عقائد وسلوكاً.. ومن الواضح أن مجتمعنا السعودي - الذي انطلقت قدراته الجزلة للوصول إلى تفوّق قدرات اقتصادية وتعليمية واجتماعية - لم يقبل أبداً أن يوجّه مواطنيه نحو ما هي فيه دول أخرى من انقسامات ولاء وواقع خصومات.. المملكة لم تسعَ إلى استقطاب أي قدرات دينية عربية وغير عربية كي تجهّز نفوذ مؤثرات وولاء باسم الدين، ولكن ما يحدث الآن - وباركه سماحة المفتي - هو أن العقل الواعي قد اتّجه إلى ما يحتاجه الإسلام من واقعية تعامل ووضوح غايات يدعمها في ذلك أنها سلوك مثالية مجتمع حيث لا أثر لها في فرص سلوك خصومات.. نحن في واقعنا سعدنا بتأييد هذا الواقع لما هي عليه أمتنا من رفض لأي إساءة للإسلام..