أقام مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية مؤخرا محاضرة بعنوان " السرد ديوان العرب " للدكتور عبدالله إبراهيم الحاصل على درجة الدكتوراه في السرديات في الأدب العربي من جامعة بغداد والفائز بجائزة الملك فيصل العالمية في فرع اللغة العربية والأدب للعام الجاري، وحضر المحاضرة نخبة من الأكاديميين السعوديين والباحثين والمهتمين بهذا المجال. تحدث المحاضر عن موضوع السرد معتبره ديوان العرب بعد أن كان الشعر ديوانهم، تناول الدكتور عبدالله إبراهيم قضية السرد ضمن ثلاثة محاور وهي (مفهوم السرد عند العرب والإطار الناظم لدراسة هذه الظاهرة، موقع الرواية في خارطة السرد العربي، وصف للممارسة النقدية التي اتخذها سبيلا له في تحليل السرد العربي)، ابتدأ المتحدث بشرح معنى السرد في اللغة العربية لغة واصطلاحا بعد أن عرّفه ب(الإجادة في حبك الكلام ومراعاة الدقة في بنائه متتاليا لا شيء يخل باتساقه) مؤكداً أنه لا يتوافق نهائيا مع معناه في لهجتنا العامية، مدعماً حديثه باستشهاد من القرآن الكريم والحديث النبوي والنصوص الأدبية. صنف المحاضر الرواية العربية من السرديات مشيراً أنها الآن باتت ديوان العرب حيث تعتبر حالياً سجلا حافلا للأخبار والأحوال، كما يجد فيها القارئ معظم مظاهر الحياة، مثل المذهبية والعرقية والمظاهر السياسية والاجتماعية وغيرها، وذكر أن الرواية أيضا خاضت تجربة تحديث لا نظير لها في مجال التطوير اللغوي خلال قرن ونصف، كما قضت على اللغة المعيارية للقرون الوسطى، مضيفاً "يجب أن نعترف بأن ظاهرة الرواية أصبحت الممثل الحقيقي للأدب القومي وليس الشعر كما كان من قبل في العصر الجاهلي والأموي والعباسي وحتى العصور الإسلامية الوسطى". أما عن الممارسة النقدية التي سلكها د. إبراهيم فقد قدم وصفا للعمل المنهجي الذي مارسه في دراسة هذه الظاهرة الذي راعى فيه أن يقام على رؤية واضحة للأدب ومنهج يستعين به لتحليل هذا الأدب، كما أكد أن قضيتي الرؤية والمنهج أثارت اهتمام نقاد الأدب منذ عصر أرسطو قائلاً" في غياب أحدهما يصبح النقد ساذجا لا فائدة منه، باعتبار النقد مدخلا لتحليل الأعمال الأدبية وليس لنقضها أو الإعلاء من شأنها، إنما تلك الممارسة التي تلازم النصوص الدينية والأدبية والتاريخية وتفكك لنا ألغازا وأسرارا، وتعطينا المفاتيح الحقيقية والمكينة للاقتراب إلى النصوص". وختم محاضرته بالرد على من يزعم أن الرواية العربية إنما هي نبتة غربية غرست من آثار الاستعمار الذي حمل معه خطابه، وأكد أن الرواية العربية ليست نصا أدبيا انشق عن الأدب الغربي كما أنها لم تستنسخ منه، ولكنها تفاعلت مع الحراك الغربي تأثرا وتأثيرا انتقلت بعده إلى شكلها الخاص بها.