كثرت الأحزاب والطوائف التي تجعل الدين مطية؛ لتحقيق مآرب مخفية خلف الستار، تتحدث باسم الإسلام لتستميل القلوب، وتستقطب الأتباع، تُظهر وجها جميلا، وتخفي أفكاراً وطموحات مشبوهة في دهاليز الظلام، إن هذه الجماعات تبدأ صغيرة، ومن يتتبع تاريخها يجد أن النشأة الأولى تعود لفكر أحادي، حاد عن جادة الصواب، وعن إجماع الأمة، فضَلّ صاحبه عن السبيل، وأخذ يروج لنهجه الجديد، ليبذر بذرة التحزب في بعض العقول اليافعة ذات التجارب المحدودة، وقد تجد بذرته مستقرا لها في رؤوس خاوية، أينما مالت الريح تميل، لم تزدها السنين إلا جهلا. والحقيقة أن الأمة العربية نالها بأس شديد، جراء انقسام مجتمعاتها إلى شيع، تدعي تمسكها بالدين الإسلامي القويم، وتحتكر الحق لجانبها، وترمي فئات أخرى بالضلال، وتميل لتكفير من يخالفها، وربما تعلن الجهاد لمحاربته، وأغلب هذه الفئات تلبس عباءة العقيدة، وتزعم أن كل ما ترومه تطبيق شرع الله، بينما هدفها الأساسي جمع أكبر عدد من المؤيدين؛ كي تجعلهم لعبة في اليد، تحركهم وفقا لمصالحها الخاصة، والتي في مقدمتها الاستئثار بالسلطة، حتى لو تطلب الأمر ممارسة الإرهاب بمختلف صوره، من قتل وتفجير، وتخويف ونحو ذلك؛ لهذا نجد الترويج للجهاد بمفهوم يخدم الجماعة، أمر في مقدمة الأولويات. المعضلة أن ممارساتهم أضرت بسمعة الإسلام وأتباعه في كثير من بقاع العالم، فتلك مجتمعات لا تعرف حقيقة الإسلام بل تفهمه من تصرفات أتباعه، وأيضا خلقت فتنا وقلاقل داخل القطر الواحد، محصلتها تهديد الأمن، وضعف الاقتصاد، وتشرذم أبناء المجتمع، وجعلهم أضدادا متصارعة؛ وبالتالي ينشغلون عن التنمية والتقدم وتحصيل العلم بأنفسهم؛ لهذا صدرت الأوامر الملكية للتصدي لظاهرة التحزب بأي شكل كان، وتحديد عقوبة واضحة بحق كل من يشارك في أعمال قتالية خارج المملكة، أو ينتمي للتيارات المتطرفة أو المصنفة كمنظمات إرهابية، أو تأييدها أو تبني فكرها أو دعمها، وتلا هذا إصدار وزارة الداخلية لقائمة تضم بعض الجماعات التي تحمل فكرا متطرفا. وتلك أوامر تهدف لوحدة الصف، وإعمال العقول فيما يقدم ولا يؤخر، كما أنها تهدف للحفاظ على دين السلام ممن يحاولون استغلاله لحاجة في نفس يعقوب.