من غير المقبول أن يخطب الرجل لابنته من قد يرى فيه الصلاح؛ فهذا يعتبر مَنقَصَة ومثلبة وعيباً تحاسبه عليه عادات وتقاليد المجتمع، وقد يُأصَّل لهذا الفهم السَقِيم وإن كان في سِيَر السلف خلاف ذلك، بل الطبيعة البشرية والأصل الإنساني منافية لأفكارهم، فهذه قضية أساسها أكبر من "تفاهة العيب"، هي قضية عبارة عن تكامل إنساني، لأنه حينما خلق الله الإنسان لم يخلق آدم لوحده، أم حواء لوحدها، خلقَ آدم وحواء، ذكر وأنثى، فالتكامل الإنساني يجبرك أن تسلُكَ طريقَك عبر الآخر النوعي، ودون ذلك تظل ناقصًا وشخصيتك غير متزنة، ومع علم الأب علماً يقينياً برهانياً مجرباً، ومعرفته التامة أنَّ هناك من الشبابِ من هو ذو أخلاق وصلاح ولا يُفَوَّت ويرى بعين المحايد أن البيوت قد امتلأت بمن فاتهن قطار الزواج، فوجب عليه حينها أن لا يتردد ويخطُبَ لابنتِه إن وَجدَ من ترضاه ويراهُ أنه صوَّانٌ لها، وليضِرِبَ "العيب" ومجتَمَعه الذي يرى الحياة من ثُقبِ إبرة بعرضِ الحائط، فهؤلاء مَدُّ نَظَرِهم لا يتجاوز أصابِعَ أقدامِهِم، لابد من بث الوعي بين الناس وتعميق أسس الإنسانية التي جعلها الله من خصائص التشريع في الإسلام الخالد المناهض لكل ما يخدم البشرية.