وصف عدد من ضيوف المهرجان الوطني للتراث والثقافة "الجنادرية 29" ل"الرياض" بأن الجنادرية تمثل مسيرة نجاحات متتالية تجسد ما وصلت إليه من فرادة وتميز دعم ورعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله – الذي جعل من رسالة المهرجان ورؤيته وأهدافه مهرجانا ثقافيا عربيا، ومؤتمرا فكريا، وموسما حضاريا يستمد أصالته عبر ذاكرة المكان.. ويستنهض حاضر الإنسان محليا وعربيا، لاستشراف الغد برؤية منبرها الحور وفضاؤها الفكر والثقافة والأدب والإبداع محليا وعربيا. * أحداث المنطقة محيرة! يقول وزير الثقافة - الأسبق - الدكتور صالح القلاب: ما وصل إليه المهرجان الوطني للتراث والثقافة يعتبر إنجازا عظيما في نواحٍ عدة، يأتي في مقدمتها أنه استطاع أن يجمع مفكري الأمة العربية والإسلامية من رجال دين وسياسيين ومفكرين وأدباء في مكان واحد اسمه الجنادرية، مكان تبادل الآراء بكل رحابة وشفافية ولغة حوارية تحترم الرأي والرأي الآخر. وقال القلاب: ناقشنا في الدورة التاسعة والعشرين من مهرجان الجنادرية، أبرز قضايانا العربية والإسلامية، وأكثرها أهمية، وتبادلنا مناقشتها بكل جدية واحترام، وتبادلنا حولها الآراء بكل احترام وتقدير لما تناوله المشاركون في بحوثهم، ولما تقدم به الحضور في مداخلاتهم، عبر فضاء ثقافي فكري يتسع لكل الأفكار والآراء في مهرجان بلد المحبة والسلام. واضاف القلاب بأنه من خلال حضور هذه الدورة التي تعد المرة الثانية له، بأن المهرجان أصبح محطة نقاش وبحث واستشراف وتبادل الرؤى، مما يجعل حاجتنا إلى مهرجان الجنادرية حاجة فكرية قائمة، نظرا لما يدعى إليه من النخب الإسلامية والعربية الهامة الفاعلة، مردفا قوله: الجنادرية مؤتمر ثقافي سياسي أدبي في كل الاتجاهات العربية، الذي يجسد في نهاية المطاف النهضة الحثقافية والحضارية للمملكة. وعن مقترحاته لموضوعات البرنامج الثقافي للمهرجان في دورته الثلاثين قال القلاب: عندما نبحث موضوعات بمستوى الموضوع الرئيس لهذه الدورة، فهذا مما يحيرني، ويجعل من الصعوبة بمكان اختيار موضوع قبل سنة من الآن في ظل المتغيرات الكبيرة الهامة التي تشهدها الساحة العربية، التي ما تزال أحداثها متتالية متعاقبة مما سيجعل مقترحاتي غير متنبئة بما هو أهم تجاه أحداث المنطقة العربية. * المهرجان يجسد صورة المملكة أكد المفكر التونسي أبو يعرب المرزوقي، على أهمية المهرجانات الثقافية العربية عامة ومهرجان الجنادرية بصفة خاصة قائلا: البرنامج الوطني للتراث والثقافة "الجنادرية" يعطي صورة حية عن الواقع الثقافي والحضاري للمملكة العربية السعودية، وما حمله المهرجان في دورته التاسعة والعشرين، الذي يأتي امتدادا لدورات سابقة يؤكد ما يحتضنه فكر المهرجان من رؤية ثقافية منطلقها المدارسة والتشاور والتحاور، مما يؤكد – أيضا – صورة المشهد الثقافي في المملكة المشرقة، القادرة على التحاور مع كل الآراء في مختلف القضايا العربية والإسلامية والعالمية المعاصرة، مقترحا في ختام حديثه أن يكون المحور الرئيس للبرنامج الثقافي في دورته الثلاثين هو: دور الفلسفة في بناء الأمم. * تجارب الربيع .. وعدد الباحثين! من جانبه أشاد الإيراني الدكتور علي نوري زاده، بما لمسه هذا العام من تطور يعكس إرادة الارتقاء التي تقف خلف الجنادرية، مشيرا إلى أن البرنامج الثقافي الذي جاء محوره الرئيس هذا العام عن "الإسلام السياسي والحركات الدينية" عبر عدد من العناوين الفرعية، يجسد قدرة المهرجان في كل عام على التقدم نحو مناقشة القضايا الهامة، الأكثر بروزا وجرأة مضيفا: مهرجان الجنادرية اليوم من أفضل المهرجانات الثقافية العربية. وقال زاده: من خلال حضوري ومشاركتي لموضوعات هذا العام، أجد أن المفكرين والمثقفين العرب والإسلاميين التقوا في مناقشة عناوين على درجة كبيرة من الأهمية، تمت مناقشتها في المهرجان بمثابة الفضاء الأكثر رحابة واتساعا، رغم الوقت الذي أتصور أن لم يكن كافيا، لما تمثله قضايا الإسلام السياسي من أهمية كبرى، وخاصة أمام عدد الباحثين المشاركين في ندوات المهرجان. وعن مقترحات زاده للبرنامج الثقافي لدورة العقد الثالث للمهرجان الوطني للتراث والثقافة قال: أقترح أن يكون عدد الباحثين أقل مما درج عليه العدد في دورة المهرجان التاسعة والعشرين، وذلك لإتاحة الفرصة لما سيقدمه المشاركون في بحوثهم، ولما يتبع عادة أوراق الباحثين من مداخلات منها ما سيكون على درجة من الأهمية – أيضا – متمنيا أن تتضمن عناوين البرنامج القضايا التالية: الثورة في تونس نموذجا، أو الثورة في مصر نموذجا، أو (الربيع العربي بين النجاح والفشل) أو أن تكون إيران موضوعا رئيسا. ما بعد الإسلام السياسي.. دور الفلسفة في بناء الأمم.. الشعرية في النص.. ربيع العرب.. أبرز مقترحات العقد الثالث * تبني الجنادرية لمشروع عربي من جانبها وصفت الناقدة والشاعرة العمانية الدكتورة حصة البادي، التي تحضر الجنادرية لأول مرة قائلة: فاق واقع المهرجان كل تصوراتي، لما وجدته من شمولية المهرجان للجوانب الثقافية المختلفة، إلى جانب ما تميز به حراك برنامجه الثقافي والتقاء الفكر والثقافة والإبداع تحت مظلة المهرجان، عبر طرح وأصناف من التلقي ذات الطابع الخاص للمهرجان. وقالت البادي عن أهمية المهرجانات الثقافية: هي حاجة ملحة، وفضاء خصب ورحب لتدارس الأفكار عبر ما تتخذه موضوعاته من طرح، حتى في ظل وجود الطرح "الانفعالي" إلا أنها تظل مثمرة بما تشكله من مواكبة للحياة الثقافية والفكرية والأدبية الإبداعية. أما عن مقترح البادي لموضوعات البرنامج الثقافي في دورته القادمة، قالت: المهرجان الوطني للتراث والثقافة يمثل للمثقفين والمفكرين والأدباء العرب، قدرة ثقافية، وجدارة تجعله قادرا على إدارة أفكار تمثل "مشاريع" ثقافية يتبنى إطلاقها مهرجان الجنادرية، ليتم الشروع في تطبيقها لا الوقوف عند مستوى "التنظير" لتناقش مستجداتها في موسم الجنادرية القادم، مما سيجعل المهرجان يحقق لنا عبر هذه التراكمية مشروعا "حقيقيا" سواء كان فكريا أو ثقافيا أو أدبيا. * وجها لوجه.. ومقترح الخيون كان مقترح الكاتب والناقد العراقي رشيد الخيون، في الدورة الماضية ل"ثقافة اليوم" أن يكون الإسلام السياسي أحد محاور هذه الدورة، التي جاء محورها الرئيس عن الإسلام السياسي متضمنا جملة فرعية من المحاور، إذ يقول الخيون في هذا السياق: أتصور أن الحوار لا يحقق غاياته المنشودة إلا عندما يتقابل المحاورون وجها لوجه، فالحوار عن طريق الصحف والشاشات والكتب لا يؤدي ما تؤديه المواجهة على طاولات الحوار. وقال الخيون: الندوات التي تناولت العنوان الرئيس للبرنامج الثقافي عن الإسلام السياسي، مع اختلاف العناوين الفرعية، جعلتنا أمام أطروحات "مع" و "ضد" وخاصة فيما يتصل بالمفاهيم، والآراء المدنية في سياق المحور الرئيس التي كان منطلقها – أيضا – رؤية إسلامية، التي جاءت عبر الحوار الذي ساد الندوات، وسماع كافة الأطراف، رغم خروج بعض الأطروحات عن العلمية الوصفية لصلب العناوين الفرعية للموضوع الرئيس. وعن المقترح "الثقافي" لموضوعات دورة العقد الثالث للجنادرية قال: أمام موضوعات هامة وجدناه في هذه الدورة وما سبقها من موضوعات الساعة إقليميا وعربيا، نظل بحاجة إلى زيادة الندوات أمام عدد المشاركين، أو أن يكون عدد المتحدثين أقل، تبعا لأهمية العنوان، ورغم التحولات التي تشهدها المنطقة العربية، إلا أنني اقترح أن تطرح تجربة بعض الدول العربية التي قطعت أشواطا في الخلاص من سطوة الإسلام السياسي خلال هذا العام وفي مقدمتها العراق وسوريا ومصر وغيرها، لنناقش في الدورة القادمة عنوان " ما بعد الإسلام السياسي" إلى جانب ما سيكشفه ربيع العرب من متغيرات ما تزال تحولاتها متتابعة. * الجنادرية نبض المستقبل العربي كما وصفت الشاعرة السودانية منى حسن، المهرجان الوطني للتراث والثقافة قائلة: المهرجانات الثقافية ما تزال ذات أهمية متنامية، الأمر الذي يجسده لنا مهرجان الجنادرية عبر برنامجه الثقافي، الذي تحول إلى مؤتمر ثقافي فكري جمعنا بمفكري وأدباء وشعراء ومثقفي الأقطار العربية والإسلامية، لتلتقي أفكارنا وإبداعاتنا الشعري منها والسردي في قمة عربية فاعلة الحراك، قمة عربية كبرى لا يمكن وصفها إلا من خلال العيش في رحابها، فاجتماع المفكرين والباحثين والأدباء العرب في مهرجان الجنادرية يعني لنا أن الجنادرية جمعت أفكار قلب الأمة النابض بحراكها. وعن البرنامج الثقافي قالت حصة: وجدت في موضوعات البرنامج الثقافي سواء في موضوعه الرئيس عن الإسلام السياسي، أو عن الاتجاهات الفكرية في الرواية العربية، أبعادا فكرية وثقافية تميز بها المهرجان في جانبه الثقافي، مقترحة أن يناقش البرنامج الثقافي في دورته القادمة، مناقشة شعرية النص وجماليات الإبداع، بعيدا عن الإطارات الأدبية في القوالب الشعرية التي أكدت منى أن الطرح النقدي الثقافي تجاوزها. * الثقة في قدرة المثقف السعودي أما الروائي والشاعر المغربي إدريس علوش فيقول: هناك من يعتبر – بكل أسف – أن المهرجانات الثقافية تأتي من قبيل الترف الحضاري، إلا أنني أؤكد أن المهرجانات الثقافية العربية، وفي مقدمتها مهرجان الجنادرية الذي يعتبر اليوم بصمة بارزة في المشهد الثقافي العربي والإسلامي، حاجة ثقافية وفكرية ملحة. وأضاف علوش: نجح مهرجان الجنادرية في انتباهه والتفاته إلى التعدد الثقافي والنسيج المتكامل في المشهد الثقافي في المملكة خاصة وفي الوطن العربي والإسلامي عامة، وقدرته على مد جسور التواصل الحقيقي بين المبدعين والأدباء والمفكرين العرب، التي تتجاوز الصور الجاهزة التي ربما يعاني منها العديد من المهرجانات التي لا تتعامل بمثل فاعلية الجنادرية وتفاعلها مع حراكنا العربي والإسلامي. وختم علوش حديثه مؤكدا أن مهرجان الجنادرية لديه الكثير من المقومات التي تجعله متفردا بين المهرجانات الثقافية العربية، التي يأتي ضمنها التنوع، وفسح المجال للسؤال، والتنوع القائم على التعدد فكريا وثقافيا، واستشرافه لقضايا العصر المتجددة التي تأتي عبر رؤية معاصرة تستلهم الأصالة الثقافية العربية. وعن مقترح علوش للبرنامج الثقافي للعام المقبل، قال: لدى المثقف السعودي قدرة ثقافية خلاقة على اختيار الأفضل، وخاصة متى ما اشترك أكبر عدد ممكن من الإعلاميين والمثقفين في وضع موضوعات للدورة القادمة التي لا استطيع التنبؤ بموضوعاتها لثقتي في قدرة المثقف السعودي على اختيار الأفضل. د. أبو يعرب المرزوقي د. علي نوري زاده د. صالح القلاب د. حصة البادي منى حسن د. رشيد الخيون