تمارس بعض وسائل الإعلام المحلي دوراً محبطاً وهادماً ومخذلاً وغير بناء من خلال تناولها لبعض المنجزات الوطنية، في وقت يُفترض منها الاحتفاء بتلك المنجزات على أنها مكتسبات لابد من الحفاظ عليها والإشادة بها ومتابعة مسيرتها. نجحت بعض الدول الخليجية إعلامياً في الترويج والتسويق المستمر لمنجزاتها الوطنية رغم أنها أحياناً أقل مما لدينا إلا أنهم يعملون على تأكيد تميزهم من خلال تسليط الضوء المستمر لكل إبداع أو تميز من أي نوع كان ومهما صغر أو كبر حجمه، عكسنا نحن الذين نسعى لقتل أي شعاع ضوء وأي بارقة أمل بالتثبيط والتدمير وكأن قدرنا الطبيعي ألا يتميز منا أحد في أي مجال. سامي الجابر أحد الكوادر الوطنية المهمة في مجال الرياضة، ومكانته كبيرة إقليمياً ودولياً، ومع ذلك فقد عانى الأمرين داخلياً وتعرض لسيل من الانتقادات المستمرة والتي وصلت إلى مرحلة التشكيك والإلغاء وبكل الوسائل. لم تتعامل تلك الوسائل الإعلامية مع سامي على أنه "مُنتَجٌ" محلي مبدع بحاجة إلى الدعم والإشادة حتى يشتد عوده ويصنع له اسماً في عالم التدريب؛ رغم أن الخليج وإعلامه وبعض المتابعين والمعنيين يشيدون به وبجراءته وتجربته ويؤكدون على أنه يملك من المقومات ما يجعله يتميز في مجاله. أنا هنا لا أتحدث عن سامي الجابر من خلال ميولي الرياضية؛ فلست هلالياً ولا نصراوياً ولا أشجع فريقاً بعينه إنما أتحدث عنه كمواطن سعودي طموح وجريء قرر خوض تجربة مهمة في مجال التدريب الذي كان وما يزال ميداناً حصرياً لأسماء أجنبية مرت على بلادنا لم يشفع لها اسمها وشهرتها بل كانت مجرد أسماء مرت على الذاكرة، بعضهم صنعنا شهرتهم وأسماءهم من هنا من إعلامنا وأموالنا ومنحناهم الفرص حتى تمكنوا من بناء أمجادهم التدريبية وتحصلوا على الملايين من الدولارات وغادروا وهم يهمسون في داخلهم كم هؤلاء السعوديون طيبون وسذج!. سامي الجابر دخل التجربة وهو يحمل طموح الشاب السعودي الذي يرى أن بإمكانه أن يكون متميزاً وخلاقاً ومبتكراً متى ما وجد البيئة الصحية المناسبة والدعم المطلوب ولم يكن يتوقع أن تصل العواطف والميول والتعصب إلى درجة الإلغاء والتشكيك، وذلك على الرغم من أنه لا يزال يسير بفريقه بشكل جيد، فهو على الأقل حارب حتى النهاية في نهائي كأس ولي العهد، ولا يزال ينافس على الدوري، ويمتلك حظوظاً قوية في كأس خادم الحرمين الشريفين، وكان أفضل من بقية المدربين "الأجانب" الذين دربوا أندية كبيرة وفشلوا في المنافسة مثل الشباب والأهلي والاتحاد والاتفاق وغيرها. سامي بحاجة إلى أن يستمر مع الهلال لأكثر من موسم وذلك لمتابعة ما بدأ به، وليس ذنبه أن تكون بدايته مع فريق عريق وكبير كالهلال، والطموح لا حدود له، فهذا مثلاً المدرب الحالي لهامبورغ الألماني ابتدأ مغموراً مع فريقه والذي مثله لاعباً وأصبح الآن أسطورة التدريب في العالم. إن ما نريده من إعلامنا الرياضي أن يكون منصفاً لتجربة سامي الجابر وأن لا يستسلم لتعصب الجماهير. وحين يأتي إعلامي متميز ومثقف مثل بتال القوس في برنامجه في المرمي وهو يتهكم بكل سخرية من سامي الجابر وإنجازاته فهنا الاستغراب الحقيقي لأن بتال القوس وهو يحمل الوعي الكبير يعرف جيداً أن البدايات لابد أن تكون محفوفة المخاطر ولابد للموهبة من الرعاية المستمرة لكي تثمر كما حصل معه شخصياً فحين جازفت قناة العربية ومنحته فرصة كبيرة للظهور على شاشتها فهذا دليل على حرص القناة والقائمين عليها على احتضان المواهب السعودية وصقلها والصبر عليها وليته يتعامل مع الجابر بمثل ما تعاملت معه القناة.