أشعر بأنني تحولت إلى «بات مان»، هكذا يصف المذيع مصطفى الآغا نفسه في ظل الإجهاد الذي يعانيه نظير العمل الكبير المترتب على برنامجه الشهير «صدى الملاعب»، إذ أكد أنه لم يعد يجالس عائلته إلا ما ندر، وأنه يصحو ظهراً ولا ينام إلا فجراً، الآغا شدد على نيته ترك برنامجه الرياضي والتوجه إلى تقديم آخر حواري شامل لكل المجالات السياسية والفنية والأدبيةوالرياضية، كما نبذ صفة التعصب المتشنج كأن يتحول التشجيع للمنتخب الوطني إلى ألوان الأندية وتتلاشى الوحدة الوطنية جرّاء ذلك، وتطرق مذيع أفضل برنامج رياضي للعام الثاني في مهرجان الخليج إلى استضافة المشايخ والفنانين في الفقرة ذاتها، فإلى الحوار: حقق «صدى الملاعب» جائزة أفضل برنامج رياضي للعام الثاني على التوالي في مهرجان الخليج والاذاعة والتلفزيون ما سر تميزكم؟ - سررت لذلك، وأتمنى دائماً أن يتنافس البرنامج مع نظرائه التي تعرض بالاتجاه ذاته في الوسط الإعلامي، وطبيعة برنامج «صدى الملاعب» الذي أصر دائماً على أنه برنامج عربي، وقبل أيام كان أول خبر لنا يتعلق بالدوري العماني ولسنا مرتبطين بدوري واحد، وربما أيضاً يكون تميزنا في البرنامج هو الشمولية، إذ يهتم بغالبية الدوريات العربية، وقليل جداً أن تجد برنامجاً يقدم ذلك بوجود عشرات الفضائيات، ونحن نهتم بأن الحيز العربي أهم المحلي، وأن تحقق إنجاز أمر ليس صعباً جداً، لكن أن تحافظ عليه هذا أمر في غاية الصعوبة، ولله الحمد كان ذلك نتيجة عمل متواصل، فنحن البرنامج العربي الوحيد الذي يعمل سبعة أيام متواصلة، وعندما نجد تكريماً كهذا يعني أن عملك يقدر على رغم صعوبة المحافظة عليه، ومن يستحق التحية فريق العمل الصغير الذي يقف خلف البرنامج. ما المقصود بفريق عمل صغير؟ - نحن ثمانية أشخاص نقوم بعمل يومي بمعدل سبعة أيام في الأسبوع، ونحاول أن نغطي كل ما نستطيع ابتداء من موريتانيا مروراً بالبحرين وصولاً إلى أوروبا، ونحاول من خلال ساعة واحدة أن ننقل الأحداث للمشاهد، ولا توجد لدينا مشكلات مع أي شخص. من خلال ساعة واحدة يلتهم البرنامج هذه الجوائز بخلاف برامج مدتها تصل إلى ساعتين.. ما هي سياستكم؟ - أولاً والأهم العمل بمهنية، فأن تكون مهنياً وتحترم وقت المشاهد أمر في غياية الأهمية، والبعد عن الأمور الصغيرة والإثارة التي أنا أقف ضدها، ومن يبحث عن الإثارة ربما لا يملك المهنية ولا يحصل على الإنتاج، وعندما تدخل في مسائل الإثارة من السهل أن تجلب ثلاثة أو أربعة أشخاص يتحدثون ويتشاجرون مع بعضهم، وربما يكون هذا أمراً يجلب جماهيرية لكن لا تستمر الجماهير في متابعتك، أما عندما يرون 20 دولة عربية يعتبرون «صدى الملاعب» برنامجهم وليعبّر عن هذا فهو يحتاج إلى عمل ومهنية عالية وتقارير ومتابعة، فربما البعض يختصر الطريق بالإثارة، وأحياناً نرى برامج رياضية يصل فيها النقاش إلى الشتم وأنا للأسف لا أغض النظر عن متابعتها. أفهم من حديثك أن الإثارة ليست مطلوبة في الوسط الإعلامي الرياضي؟ - الإثارة مطلوبة أحياناً لكن لا تكون هي الهدف، وأي أكل من دون بهارات لا يكون جيداً كما هي البرامج، لكن لا تكون هي أساس الطبخة. كم تستغرق من الوقت لتعمل يومياً من أجل «صدى الملاعب»؟ - بصراحة «صدى الملاعب» أخذ كثيراً على حساب عائلتي، فأنا أعمل ليلاً حتى الساعة الثالثة فجراً سبعة أيام في الأسبوع واستيقظ الواحدة ظهراً، وأصبحت شبيهاً ب «بات مان»، وأصبحت أشتاق لعائلتي كثيراً، لكن في نهاية الأمر، كما يقول المثل الإنكليزي: «كل شيء على حساب شيء» وأنا راضٍ عما أعمله وأكيد لدي طموح، وعدم الطموح هو نهاية الإنسان. بحكم أنك إعلامي قريب من الجماهير العربية ككل.. كيف ترى التعصب الرياضي في الوقت الحالي؟ - التعصب في الرياضة موجود في كل مكان في برشلونة وريال مدريد وبين مانشستر يونايتد ومانشستر ستي وغيرها، لكن التعصب يكون صحياً ولا يكون تعصباً أشبه بالمرض، وإليك مثال للتعصب المرضي عندما يقول لك شخص ما (فلان «سنتر» بالمنتخب السعودي ثماني مرات) يا أخي وقف على ركلة البداية مع المنتخب وليس لنادي الهلال والشخص المقصود هنا سامي الجابر، أو أن الدعيع تلقت شباكه عدداً من الأهداف، هنا نصل للتعصب اللامحمود عندما نرى المنتخب بعين النادي الذي أنا أشجعه، ومثال آخر البعض الآن ينادي لاعبي المنتخب بألفاظ مسيئة، والتعصب الآن أصبح يضر أكثر من أن ينفع، وهناك تعصب مفيد عندما تغضب الجماهير لمصحلة ناديها، ولكنها عندما يأتي المنتخب يجب أن تقف صفاً واحداً من أجل الوطن، اليوم الكل يتغنى ويقول بأنه مع المنتخب، لكن الواقع الكل يرى المنتخب بعين ناديه، وللأسف في الإعلام أصبح البعض يرى الحقيقة بعين ناديه، أين الوضع الصحي في ذلك؟ يجب أن نضع حداً لهذا التعصب المتشنج، وأنا طالبت أكثر من مرة بأن يكون هناك اتحاد للإعلام الرياضي الذي يرى النور وتكون هناك محاسبة، هناك في الإمارات أربعة مغرّدين في «تويتر» ذهبوا إلى القضاء عندما أثاروا القبلية والعصبية بشكل علني، وأنا مع المحاسبة للحفاظ على نقاء الجو الرياضي. كيف تتعامل مع هذا التعصب في ظل تفاوت الشعبية الجماهيرية للأندية والبحث عن إرضاء الجميع؟ - بالنسبة إلينا نحاول أن نعطي الجميع حقه، وعندما يكون الفتح نادياً مجتهداً نعطيه حقه، وكذلك عندما يكون الشباب بطلاً على رغم أننا بصراحة لم نعطه حقه الكامل مع أننا عملنا لقاءات مع بعض نجومه، ونحن نريد أن يكون لنا لقاء مع رئيس نادي الشباب خالد البلطان بحسب ظروفه وبحسب وقته، وأحياناً بعض رؤساء الأندية يتعاملون مع البرامج بشكل مزاجي، وعندما تأتي لتغطية لنادٍ معيّن تجد الرئيس يريد قناة محددة بفضل أن يظهر من خلالها، ونحن في النهاية نعمل مع جميع الأندية بصفة واحدة وأي خلاف شخصي لدي لا ينعكس على المهنية. ذكرت في لقاء سابق لك أن نهايتك الإعلامية ستكون في برنامج غير رياضي، التشبع أوصلك إلى هذا القرار؟ - لا ليس تشبعاً، كون الرياضة أحداثاً متتالية ومتعاقبة، فمثلاً اليوم يتوج تشلسي وغداً ليفربول، واليوم يلعب الأهلي مع الجزيرة وغداً الهلال وبني ياس، فالرياضة عالم متجدد، لكني أنا شخصياً أريد برنامجاً يعبّر عن طاقاتي غير الرياضية ولا أحصر نفسي في المنطقة الرياضية، وأنا رجل درست وتعلمت وكافحت في حياتي، فمن حقي أن أجد برنامجاً يعبّر عني وعن شخصيتي ويكون لدي برنامج حواري في نطاق مفتوح ومساحة مفتوحة وهذا ليس ببعيد، الرياضة ستكون جزءاً منه لكنها ليست أساسية، وأنا أريد أن يتحدث البرنامج في مساحة مفتوحة عن السياسة والآداب والثقافة والعلم والرياضة وكل أنحاء الحياة وتكون الرياضة جزءاً منه. متى ستكون نهايتك مع «صدى الملاعب» وبدايتك في وجهتك الجديدة؟ - بصراحة لا أعلم بالتحديد، وهذا أمر عائد إلى مجموعة «إم بي سي» لكن أمنيتي أن يكون لدي برنامج حواري وفي أي مكان تتوافر لي فيه المساحة الحوارية في المجموعة نفسها أو غيرها، وهذه أمنية أعبّر عنها في الإعلام فقط. أين تجد نفسك بعيداً عن الوسط الرياضي؟ - بصراحة مهنتي القديمة هي التدريس الجامعي، لكن للأسف «ما عاد يوكل خبز» كما يقال ربما تموت من الجوع وأنت مدرس في الجامعة. عندما تقدم في برنامجك بعض المشايخ والدعاة ومن ثم فنانين وأدباء إلى ماذا تهدف من هذا المزج؟ - هؤلاء الأشخاص يعيشون بيننا ولديهم حس وميول رياضية ولديهم تأثير، ففي اليوم الذي يدعو فيه الشيخ عائض القرني والداعية عمرو خالد لنبذ التعصب والتسامح ألا يؤثر هذا في ملايين؟ بكل تأكيد الإجابة نعم، فنحن نستغل قرب هؤلاء ومكانتهم لدى المشاهدين للوصول إلى ما فيه صلاح الرياضة. من وجهة نظرك لماذا لم تتجه القنوات الأخرى إلى منافستك كونك البرنامج الرياضي العربي الوحيد ربما على الساحة؟ - في استفتاء سمعت به في نادي دبي للصحافة أن الدوري السعودي أهم بالنسبة إلى السعوديين من كأس العالم وكذلك للمغاربة والمصريين، والبعض في طرحهم للبرامج يرون أن التواصل المحلي أهم من الخارجي وقريب لهم أكثر، فماذا يهمهم عندما تكون لديهم مشاهد من موريتانيا أو السودان؟ هو يريد الأشخاص الذين في محيطه، بينما نحن بحثنا عن العيون العربية وفي الوقت نفسه لدينا برامج سعودية في القناة نفسها بقيادة الزميلين وليد الفراج وبتال القوس ونشرة أخبار تغطي جميع العرب، ونعكس توجه القناة وروحها. كيف ترى تقبّل المشاهد لما تطرحه في برنامجك؟ - بصراحة هناك جدل في تقبّل الجماهير، فهناك من يتقبل وجود الشيخ عايض القرني وهناك من لا يقبل، وهناك من يقبل وجود الفنان راغب علامة وهناك من لا يقبل، أيضاً هناك من يطلب منا تغطية الدوري السعودي فقط، في السودان واليمن هناك من يرى أننا لم نعطهم حقهم وأننا نعطي الكرة السعودية مساحة أكثر، وكذلك في عمان يرون أننا لا نعطيهم مساحة، وأننا قبل أيام بدأنا الحلقة بخبر الدوري العماني على رغم أني أراه دورياً ضعيفاً وهم يرونه قوياً والمسألة تبقى جدلية، وطالما أنك تعمل فأنت تخطئ لكن ألا تعمل فأنت لن تنتقد نهائياً، فمثلاً في خبر كتب في صحيفة «الحياة» أننا البرنامج الأفضل عربياً وفي فترة كتب أننا «بطيخة» نقبل ذلك ولكن لا نقبل ذاك كونه شتماً، ولكننا نقبل جميع الآراء من نقد وغيره بعيداً عن الشتم، علماً بأننا لم نتخذ أي إجراء قانوني في كلمة «بطيخة»، من الممكن أن يقال إن فلاناً لم يكن جيداً وتنتقد بحسب المنطق والعقل، ولكن عندما يقال عنه بطيخة فهذا الأمر ليس بنقد. عندما تحول سير البرنامج إلى الدعابة مع ضيوفك في قراءة الرسائل المضحكة ماذا يستفيد منها المشاهد؟ - لا يوجد هدف معين أكثر من أننا نكون شفافين لدى المشاهد، فمثلاً أحد الأشخاص كتب لي: «أنت المذيع الأحقر والأجفح» وهذا رأيه، وأنا أريد أن يرى المشاهد جميع أنواع الأشخاص الذين نتعامل معهم، كما يقول لي البعض لماذا تغطي الدوري السعودي؟ ولماذا تغطي الدوري اليمني؟ فيجب أن نطرح الآراء وكل شيء للمشاهد، فنحن الآن في عام 2012 عصر الربيع العربي، ونحن بدأنا ذلك قبل الربيع كله عام 2006، أنا لم أرَ مذيعاً ينتقد نفسه على الهواء، فأنا لست ملاكاً وهناك من يكرهونني فلِمَ لا أعطيهم مساحتهم؟ تؤيد وسائل الإعلام التي تتجه لنادٍ معين كونه الأكثر شعبية وجماهيرية؟ - بطل الدوري الشباب أعطيته حقه وهو ليس الأكثر شعبية، نادي الفتح وهو ليس الأكثر جماهيرية لكنني خصصت حلقة كاملة له، قدمت من خلالها للوسط العربي نادياً مكافحاً ورسالة تبين أن المال وحده ليس بالضرورة أن يصنع فريقاً كبيراً، ولا الجماهير وحدها قادرة أن تصنع فريقاً كبيراً كما حصل مع الشباب، نادي النصر جماهيري لكنه لم يحقق شيئاً يذكر فهل أركز عليه؟ تحدثنا عن مشكلاته مرة ومرتين، إلى متى؟ فمن المفترض أن أتحدث عن جميع الأندية التي تقدم مستويات جيدة ولا أركز على نادٍ جماهيري بعينه فمن يعمل ويحصد سنذكر ذلك، وليس الهدف أن أركز على نادٍ واحد كي أكسب جمهوره فالهدف أن أكسب مهنيتي ونفسي أولاً. «صدى الملاعب» حقق إنجازات كبيرة إلى أين تريد الوصول به؟ - اليوم نتوج ست مرات بجائزة الأهرام في مصر، وكذلك نتوج أفضل برنامج عربي في البحرين وجائزة الخليج وبجائزة محمد بن راشد كأفضل برنامج عربي جماهيرية وهي في الإمارات ونتوج في ليبيا وتونس والسودان، أعتقد أنني أنا كشخص راضٍ على الشيء الذي وصلنا إليه، وطموحنا أن نصل إلى أن من يحبوننا أكثر من الذين لا يحبوننا، لكن الحمد لله أن تصل إلى كل الوطن العربي وتكرم فهذا أمر مفرح، وفي فلسطين تحديداً تتم دعوتي من أعلى السلطات الفلسطينية، وأن يقال على لسان جبريل الرجوب إن «صدى الملاعب» هو البرنامج الذي أنصف فلسطين وأعطاها حقها هذا بكل تأكيد شرف كبير لي، فيجب أن نعطي كل ذي حق حقه، والإعلام رسالة وليس متعة و«الجمهور عايز كدا». كيف ترى التنافس بينك وبين بتال القوس ووليد الفراج كونكم تحت منظومة واحدة وهي «إم بي سي»؟ - نحن تحت منظومة واحدة نتكامل ولا نتنافس، ولا توجد مقارنة بيننا في البرامج، فكل برنامج له سياسة خاصة وما علينا في أن ندعم بعضنا بعضاً كوننا في مجموعة واحدة هدفنا رفعة المجموعة وتقدمها. يشاع أن هناك خلافاً بينك وبين الإعلامي ماجد التويجري ما تعليقك؟ - أنا وماجد صديقان وظهرت معه في برنامج «إرسال»، ودائماً أتابعه ويتابعني وبيننا اتصالات لا تنقطع، فهل أحتاج لأثبت للجميع أني صديق لهذا الرجل أو لا؟ وأقول لهم انظروا أنا أتحدث معه، فهو اختار وجهته ودعواتنا له بالتوفيق، فهل يجب أن تكون هناك مشكلات عندما يخرج التويجري من «صدى الملاعب» ويختار وجهة جديدة له؟