كشفت دراسة حديثة عما قد يكون حلا للغز طبي عمره عشرات السنين عن السبب في أن مضادات الاكسدة مثل فيتامين (ه) والبيتا كاروتين تسرع من نمو اورام الرئة في المراحل الاولى لدى الاشخاص الاكثر عرضة لخطر الاصابة مثل المدخنين بدلا من ان تحميهم من السرطان كما تقول النظريات. وقال عالم الاحياء بير ليندال من جامعة جوتنبيرغ السويدية وأحد الباحثين المشاركين في الدراسة متحدثا للصحفيين إن "مضادات الأكسدة تسمح للخلايا السرطانية بتفادي نظام الدفاع الذاتي للخلايا" ضد الاورام. واضاف ان ذلك يسمح بالانتشار دون سيطرة للاورام الموجودة بما في ذلك الاورام التي يتعذر اكتشافها بسبب صغر حجمها. وأكد الباحثون ان النتائج لا تتعلق بأغذية مثل الفواكه والخضراوات الغنية بمضادات الاكسدة بصورة طبيعية.ولم تبحث الدراسة التي نشرت في دورية (ساينس ترانسلايشينال ميديسين) ما إن كانت مضادات الأكسدة يمكن أيضا ان تسبب الاصابة بسرطان الرئة وليس فقط مجرد التعجيل بنمو الاورام الموجودة. ولم تفحص أيضا كل الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من مضادات الأكسدة بصورة طبيعية. لكن الدراسة تتفق مع عدد كبير ومتزايد من الابحاث التي تتحدى الفوائد الصحية لتناول مكملات الفيتامينات باستثناء حالات سوء التغذية. وفي الخلايا المستنبتة في المعمل تعطل مضادات الاكسدة الشقوق الحرة وتقضي عليها وهي مواد كيماوية تفاعلية تنتج اثناء عملية التمثيل الغذائي (الأيض) ويمكن ان تضر بالحمض النووي (دي.ان.ايه) وغيره من مكونات الخلية. وبحلول الثمانينات أدى ذلك الى فكرة ان مضادات الاكسدة ربما يمكنها من خلال حماية الحمض النووي من الضرر ان تمنع السرطان وامراضا اخرى مما فتح المجال لسوق كبيرة لإنتاج مضادات الاكسدة. وفي الدراسة الجديدة أعطى علماء جامعة جوتنبيرغ فيتامين (ه) وعقار ن-اسيتايلسيستين غير المسجل تجاريا وهما من مضادات الاكسدة لفئران لديها سرطان الرئة في مراحل مبكرة. وكانت جرعات فيتامين (ه) مماثلة لتلك الموجودة في مكملات الفيتامينات في حين كانت جرعات اسيتيايلسيستين منخفضة نسبيا. وتسببت مضادات الاكسدة في زيادة في اورام الرئة بمقدار 2.8 مثلا وجعلت الاورام اكثر توغلا وعدوانية وتسببت في وفاة الفئران بمعدل اسرع بالمقارنة مع فئران لم تعط مضادات اكسدة. وحين اضيفت مضادات الاكسدة لخلايا بشرية لسرطان الرئة في اطباق معملية عجلت ايضا بنمو السرطان. والانجاز المهم في الدراسة هو تحديد الكيفية التي يمكن ان يحدث بها ذلك. وما يبدو انه يحدث هو ان مضادات الاكسدة تقلل فعلا الضرر للحمض النووي حسب المتوقع. لكن الضرر يصبح محدودا لدرجة ان الخلية لا يمكنها اكتشافه. وبالتالي لا تنشط الخلية نظامها للدفاع ضد السرطان والذي يعتمد على بروتين يسمى بي53. وفي الوضع العادي اذا اكتشف نظام بي53 ضررا مهما للحمض النووي مثلما يحدث من الاشعة فوق البنفسجية فانه يقتل الخلية قبل ان تصبح خبيثة. ووجدت الدراسة انه من خلال السماح ببقاء خلايا السرطان تحت مستوى راداد بي53 فإن مضادات الأكسدة تسمح للأورام بالنمو.