بفضل التطور التقني، لم يعد الإنسان بحاجة إلى الوقوف في طابور طويل ليسدد فاتورة هاتفه، ولم يعد كذلك مضطراً للذهاب إلى ذات المصرف ليحول أموالاً لأحدهم، كما أنه يمكنه اليوم أن يسجل في الدراسة في إحدى الجامعات بلمسة على أزرار لوحة مفاتيح الحاسب الآلي وهو في جوف بيته. هكذا تلعب التقنية دوراً مهولاً في التخفيف من ضغوط الحياة على الناس، وتحيل حياتهم إلى الجانب الأسهل بشكل غير مسبوق. وفي المملكة بدأت الجهات الخدمية الخاصة منها والحكومية في توظيف التقنية لتقديم خدماتها بشكل يسر على الناس أمورهم، ووفر الكثير من الجهد والمال على تلك الجهات الخدمية. فقد أصبح الحاسب الآلي يقوم مقام ذلك الموظف الذي قد يتثاءب كثيراً جراء الإرهاق أمام طول الطوابير التي تصطف للحصول على إحدى الخدمات، حتى تجرأ ذلك الحاسب على مكانة الموظف ومكانه، وكاد الحاسب أن يصبح بديلاً حقيقياً لجهد ذلك الإنسان ودوره. وفي المرحلة التي أصبح فيها جهد الإنسان هو مجرد الإشراف على تلك الحواسيب التي تومض أنوار معالجاتها دون توقف، يبدأ السؤال عن حجم الوظائف التي أصبح لا حاجة لأن يعين عليها موظفون في ظل هذا التقدم التقني المهول، وما دور ذلك في تفشي البطالة بالنظر إلى ندرة الوظائف الشاغرة التي تحتاج إلى جهد بشري، خاصة في الجهات الخدمية. الباحث في مجال تقنية المعلومات سعود الهواوي يشير إن التقنية ستلعب في المستقبل القريب دوراً كبيراً في خارطة سوق العمل في المملكة، وقال: إن التقنية تلعب اليوم دوراً كبيراً ومؤثراً في مسألة الخدمات، مما يجعلها أكثر تأثيراً من حيث الإنجاز وقلة التكلفة، وهذا بدوره قد يؤثر على خارطة طلب الوظائف بشكل مباشر. وبين أن الطلب على الموظفين التقنيين سيكون هو الأكثر بين الوظائف في المستقبل، مشيراً إلى أن التقنية اليوم أثرت تأثيراً ايجابياً على أداء الموظفين وسهلت من مهامهم، وقال: لقد اطلعت على دراسة أمريكية أشارت إلى أن التقنية قد طورت من أداء العاملين في السوق الأمريكي، ولكنها في الوقت ذاته ساهمت في شح الوظائف المتاحة أمام طالبي العمل. وأشار إلى أن دخول التقنية والروبوتات حتى في العمليات التصنيعية حدت بشكل واضح من أعداد الموظفين حتى في الجانب الصناعي، مبدياً قناعته بأن التقنية ستتوسع في المستقبل القريب لتقوم بأكثر الأعمال على اختلاف مشاربها. وأكد الهواوي أن تأثير التقنية على توفر الفرص الوظيفية في السوق المحلي سيكون أقل منه في الأسواق العالمية الأخرى، لكنه أقر بأن هناك تأثيراً بالفعل في تقليص بعض الوظائف في بعض الجهات الخدمية، مؤكداً أنها سنة التطور التقني المضطرد. وأكد سعود الهواوي أنه يتوجب على الشباب أن يهتموا بمعرفة التقنية ودراستها لأنها هي المستقبل الوظيفي في المرحلة المقبلة، مبدياً قناعته بأن التركيز على توظيف التقنية سيتيح فرصاً أخرى للعمل عن بعد، مشيراً إلى أن طبيعة العمل عن بعد قد يخدم شريحة النساء بشكل أكثر.