يعتبر الوسط السياسي اللبناني بأن الحكومة المنتظرة قد تشكّلت سياسيا، بعد أن تبدّل خطاب 14 آذار جذرياً من رفض الجلوس الى طاولة حكومية واحدة مع "حزب الله" الى القبول بذلك، وبعد مفاجأة الرئيس سعد الحريري غير المتوقعة التي أطلقها من أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي معلنا عبر وكالة "رويترز" أنه مستعدّ للمشاركة في حكومة ائتلافية مع "حزب الله" "باعتباره حزبا سياسيا". شكّل موقف زعيم 14 آذار "مفاجأة الموسم" السياسي بامتياز، وخصوصا مع تلقف قوى 8 آذار لهذه المبادرة بإيجابية قصوى. هذا التحوّل غير المتوقع في مواقف القوى السياسية الرئيسية في البلد لم ينسحب على حليفيهما المسيحيين. فالعماد ميشال عون غير مقتنع بحسب أوساطه بعملية المداورة في الحقائب والتخلي عن حقيبتي الطاقة والاتصالات، ورفض عون المنطلق من مصلحة معينة يقابله رفض مبدئي لرئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع للدخول في حكومة مع "حزب الله" كونه غير مقتنع بتبديل الحزب لأدائه الداخلي أو للتخلي عن انخراطه في الحرب السورية وقبوله بإعلان بعبدا الذي يفرض على لبنان النأي بنفسه عن الحوادث السورية. والسؤال الأساسي الذي يطرح اليوم هل من الممكن أن يعمد الفريقان الى تشكيل حكومة من دون حليفيهما المسيحيين والاكتفاء بتطعيمها ببعض الأسماء لشخصيات مسيحية لا طعم سياسيا لها؟ يقول سياسيّ وسطي ل"الرياض": إذا حصل هذا الأمر نكون أمام تكرار سيناريو الحلف الرباعي الذي حصل في انتخابات 2005 بين "تيار المستقبل" و"حزب الله" وحركة "أمل" و"الحزب التقدمي الاشتراكي". ويشير السياسي قائلاً:" آنذاك أمسك وليد جنبلاط سعد الحريري بيده من ساحة 14 آذار الى ساحة 8 آذار حيث كان أمين عام "حزب الله" حسن نصر الله يصرخ بالفم الملآن: شكرا سوريا!، وبعد هذا الحلف الذي أخرج منه ميشال عون تمكّن الأخير من حصاد 70 في المئة من أصوات المسيحيين في الانتخابات النيابية وهذا السيناريو سيتكرر حتما إن اتخذ الطرفان خطوة ناقصة وشكلا حكومة بلا عون وبلا جعجع". ويسجّل أمس موقف لافت للنائب في "حزب الله" نوّاف الموسوي يقول فيه:" لقد سمعنا في هذه الآونة مواقف إيجابية، ونحن منذ بدء المسعى الآيل الى تشكيل حكومة جامعة تعاطينا بإيجابية تامّة، ونحن هنا لنقول إننا سنقابل الإيجابية بالإيجابية وسنردّ على التحية إن لم يكن بأحسن منها فبمثلها، لأننا حريصون على وحدة بلدنا في مواجهة التحديات". وأشار الموسوي:" إن من ما جرى من خطوات حتى الآن على صعيد تشكيل الحكومة يؤكد بأن لا عقبات جدية تحول دون القيام بهذه الحكومة في أقرب وقت ممكن، وسنواصل العمل مع الأفرقاء جميعاً من أجل تذليل العقبات".