لم تحقق الاتصالات واللقاءات التي عقدت داخل كل من فريقي الأكثرية والمعارضة في عطلة نهاية الأسبوع أمس، أي تقدم ملموس في تذليل آخر ما تبقى من عقبات ما زالت تؤخر استكمال اعلان اللوائح الانتخابية في عدد من الدوائر، خصوصاً في جزين وبيروت الأولى (الأشرفية) وزحلة، على رغم أن الأكثرية أوشكت على الانتهاء من وضع اللمسات الأخيرة على أسماء المرشحين على لوائحها. وإذ يتساوى رئيس المجلس النيابي نبيه بري وحليفه «حزب الله» في معاناتهما مع رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» العماد ميشال عون في جزين، فإن رئيس كتلة «المستقبل» النيابية سعد الحريري يكاد يواجه معاناة مماثلة مع حلفائه، وتحديداً رئيسي حزب الكتائب أمين الجميل وحزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع. أزمة بيروت الأولى وفي هذا السياق قالت مصادر سياسية مواكبة للاتصالات الجارية بين القيادات الرئيسة في قوى 14 آذار إنها ما أن أوشكت على الانتهاء من استيعاب الارتدادات السياسية للمواقف الأخيرة لرئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط الذي سارع الى تصويب وتصحيح بعض ما ورد على لسانه، حتى بدأت تلوح في الأفق بوادر أزمة جديدة بين النائب الحريري وجعجع على خلفية تمسك الأخير بترشيح ريشار قيومجيان عن الأرمن الكاثوليك في بيروت الأولى في مواجهة مرشح الأحزاب والجمعيات الأرمنية المنتمية الى قوى 14 آذار النائب سيرج طورسركيسيان. وأوضحت المصادر نفسها ل «الحياة» أن التنافس الحاد بين الجميل وجعجع على كسب أكبر عدد من المرشحين الحزبيين كان وراء قطع الطريق على ترشيح مستقلين من قوى 14 آذار في عدد من الدوائر، وقالت إن الجميل يتشدد في مطالبته بمزيد من المرشحين الحزبيين بذريعة أن الفرص أمام نجاحهم ليست محسومة خلاف حليفه جعجع الذي ينطلق من أربعة مقاعد مضمونة على الأقل لمرشحي «القوات». وإذ أشارت المصادر عينها أيضاً الى التضحيات التي قدمها الحريري ومن حساب تياره للحفاظ على تماسك الأكثرية ووحدتها في المعركة، أكدت في المقابل أن بعض حلفائه لم يجاروه في تقديم التسهيلات لمصلحة تثبيت عدد من المرشحين المستقلين على اللوائح. واعتبرت أن أهمية اللقاء الذي عقد ليل أمس بين الحريري وجنبلاط يكمن في الاعلان بصورة رسمية عن تجاوز التداعيات التي خلفتها المواقف الأخيرة لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي كاشفة أيضاً عن لقاء عقد ليل أول من أمس بين الحريري وجعجع لم ينته الى نتائج ايجابية في شأن الوصول الى حل للخلاف بينهما على مرشح الأرمن الكاثوليك عن بيروت الأولى. وفيما نفت المصادر ما تردد من أن جعجع أبدى كل استعداد لسحب مرشحه قيومجيان مشترطاً تدخل الحريري لدى النائب السابق غطاس خوري لاقناعه بسحب ترشحه في الشوف، علمت «الحياة» أن النقاش بينهما بقي في اطار ايجاد مخرج ينهي الأزمة القائمة في بيروت الأولى لا سيما أنها تؤخر اعلان اللائحة المؤلفة من ميشال فرعون ونايلة تويني ونديم الجميل وجان أوغاسبيان باعتبار أن المشكلة متعلقة بسحب قيومجيان لمصلحة طورسركيسيان. ونقلت المصادر عن جعجع قوله إنه لن يسحب مرشحه قيومجيان وأن المشكلة لا تعود الى كسب مقعد بالزائد بمقدار ما أنها متعلقة باصرار «القوات» على عدم الغياب سياسياً عن بيروت أسوة بجميع الأطراف. ولم يعترض جعجع، كما تقول المصادر، على تمثيل الكتائب في بيروت الأولى بالمرشح نديم الجميل مع أن «القوات» هي الأقوى في هذه الدائرة، لكنه في المقابل لن يتساهل في شطبها من اللائحة، لأن ما يهمها الحضور السياسي في العاصمة. وإذ تشكل عقدة الاختلاف على مرشح الأرمن الكاثوليك العائق الوحيد الذي ما زال يؤخر اعلان لائحة الأكثرية في بيروت الأولى، فإن الالتفات الى دائرة زحلة من قبل القيادات الرئيسة في 14 آذار بدأ يحقق تقدماً على طريق تأليف اللائحة فيها على رغم أن الحريري كان حاسماً في موقفه بعدم التدخل في اختيار أسماء المرشحين المسيحيين تاركاً لحلفائه في الكتائب و «القوات» أمر التغلب على الاشكالات الناجمة عن تعدد المرشحين المسيحيين. زحلة لكن التقدم الحاصل في زحلة يمكن أن يصطدم بعقبات جديدة مصدرها الكتائب و «القوات» مع أن المواكبين للاتصالات أكدوا ل «الحياة» أن اللائحة سترى النور في الساعات المقبلة وتتألف من نقولا فتوش وطوني أبو خاطر (كاثوليكيان) وايلي ماروني (ماروني) وجوزف صعب المعلوف (أرثوذكسي) وعاصم عراجي (سني) وانطوان تشاناقيان (أرمن أرثوذكس) وسيكون الشيعي على الأرجح عقاب صقر لغياب أي اتصال بين المرشح النائب السابق محسن دلول وزعيم تيار «المستقبل»، إلا اذا طرأت متغيرات في اللحظة الأخيرة أدت الى اعادة خلط الأوراق في ضوء الحضور المثير للمحامية ماجدة بريدي رزق في الساحة الانتخابية. أما على جبهة المعارضة في زحلة فإن رئيس الكتلة الشعبية الوزير الياس سكاف يتريث في حسم أمره في شأن اختيار المرشح السني على لائحته، معتبراً - كما تقول مصادره - إن ذلك يدفع باتجاه تفتيت أصوات المقترعين السنّة ليكون في وسعه في اللحظة المناسبة انتقاء المرشح الأقوى. كما أن الاتصالات التي كان محورها سكاف، أدت الى اقناعه بصرف النظر عن استبدال مرشح آخر بالمرشح عن الأرمن الأرثوذكس النائب جورج قصارجي بذريعة حضوره مؤتمراً صحافياً دعا اليه المرشح جوزف صعب المعلوف للاعلان عن ترشحه من طريق الخطأ وأنه كان يعتقد بأن حليفه في اللائحة النائب كميل المعلوف هو الذي دعا الى المؤتمر. وبالنسبة الى المتن الشمالي، علمت «الحياة» أن اجتماعاً عقد أمس بين الرئيس الجميل ونائب رئيس الحكومة السابق النائب ميشال المر، في سياق لقاءاتهما لوضع اللمسات الأخيرة على أسماء المرشحين على اللائحة المدعومة منهما. وبحسب المعلومات، فإن المشاورات بين الجميل والمر تواصلت ليل أمس في حضور آخرين وأن الجميع اتفقوا على تحديد موعد للاعلان عن أسماء المرشحين على لائحة تحالف المر - الكتائب في الساعات المقبلة. وفي دائرة جبيل حيث نجح عون في الاعلان عن أسماء المرشحين على لائحة «تكتل التغيير والاصلاح»، ما زالت الأكثرية والمستقلون يعقدون لقاءات متتابعة من دون احراز أي تقدم، وكان آخرها لقاء ضم ناضم خوري وفرنسوا باسيل والمتحدث باسم الأمانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد يوم الجمعة الماضي في مكتب باسيل. وأصر سعيد على ترشحه، رافضاً الانسحاب لمصلحة تشكيل لائحة من المستقلين بذريعة أنه الأقوى وأن التعاون يتطلب توافق المرشحين الآخرين على مرشح ماروني واحد يكون الى جانبه مع مرشح شيعي يتفق على اسمه لخوض الانتخابات ضد لائحة «التيار الوطني الحر». أما في كسروان فتتوقع المصادر المواكبة أن يتعاون النائب السابق فارس بويز مع عون وأن يأخذ الأخير وقته لاعلان اللائحة التي يتزعمها والتي لن يكشف عن أسمائها إلا بعد اعلان اللوائح الأخرى وتحديداً اللائحة المشتركة للأكثرية والمستقلين، التي تنتظر بدورها مصير الاتصالات الجارية لتأليفها. جزين وبعبدا وعاليه وبخصوص ما آلت اليه الاتصالات للتوفيق بين بري وعون في جزين فإن قيادة «حزب الله» مستمرة في جهودها للتوصل الى تسوية بينهما على قاعدة أن الاختلاف بين أطراف المعارضة ممنوع في هذه الدائرة وأن الحزب لن يسمح به مهما كلف الأمر لما سيكون له من انعكاسات سلبية على وحدة المعارضة. وعلمت «الحياة» أن بري رفض اقتراحاً تقدم به «حزب الله» بالنيابة عن عون ويقضي بأن يترك لرئيس المجلس تسمية المرشح الماروني البديل من النائب سمير عازار وأن لا مانع لديه من ترشح نجل الأخير المحامي ابراهيم عازار. وبحسب المعلومات فإن بري رفض مجرد البحث بهذا الاقتراح، مؤكداً عدم تخليه عن عازار باعتباره الأقوى في جزين وبالتالي فإن أي اقتراح غير قابل للبحث إذا ما خلا من اسمه. وسأل بري عن الأسباب التي ما زالت تملي على عون استبعاد عازار والتي تبين أنها شخصية بامتياز. وتبقى أخيراً الاشارة الى أن تسمية المرشح الشيعي الثاني عن دائرة بعبدا من قبل «حزب الله»، ستتأخر، ليس بسبب ارتباطه بحل المشكلة في جزين وإنما لأن الحزب يريد أن يأخذ وقته لاختيار المرشح الأنسب. ومع أنه تردد أن الحزب قد لا يمانع بتسمية المرشح الشيعي رمزي كنج من «التيار الوطني» فإن مصادره تتكتم حول الاسم الذي سيختاره بعدما كان أشيع أنه سيكون من المرشحين المنتميين اليه بلال فرحات أو بسام همدر أو المرشح المقرب منه فادي فخري علامة. والى حين يقرر «حزب الله» اختيار الوقت المناسب لحسم اسم المرشح الشيعي الثاني فإن عون بدأ يواجه مشكلة درزية في بعبدا من خلال اصراره على اختيار عمر الأعور الذي لن يضيف قوة الى اللائحة في ظل استمرار مرشحين آخرين من آل الأعور هما فادي ونديم الأعور، ينظر اليهما بعض حلفاء عون على أنهما أقوى من مرشحه المدعوم من «حزب الله». وبالنسبة الى عاليه، فإن الاتصالات التي أجريت مع رئيس «تيار التوحيد اللبناني» الوزير السابق وئام وهاب لإقناعه بسحب مرشح التيار سليمان الصايغ وصلت الى طريق مسدود على رغم أن الوساطات تجاوزت الساحة الداخلية الى سورية التي تمنت أن تعالج هذه المسألة بين الحلفاء. وينطلق عون في اصراره على سحب المرشح الصايغ من أن سحبه يفسح المجال أمام فوز المرشحين النائب أكرم شهيب والوزير طلال أرسلان بالتزكية وهذا ما يؤدي حتماً الى خفض نسبة الإقبال الدرزي على الاقتراع ما يسمح بتسجيل خرق لمصلحة المرشح الأرثوذكسي على اللائحة مروان أبو فاضل.