لا تكاد تخلو أي مناسبة من المناسبات الرسمية أو الموسمية في المجتمع المحلي من وجود "الحلويات" و"الشوكولاته المغلفة" و"قوالب الكيك" المختلفة، حتى أصبحت هذه الحلويات أداة من أدوات التعبير عن الفرح والمشاركة فيه لدى البعض، لدرجة أن هذا النوع من التعبير عن الفرح أوشك أن يتفوق على التعبير عنه بتقديم الهدايا والورود، إذ أنه أصبح لكل مناسبة حالياً قالب "الكيك" الخاص بها وطبق "الحلا" الذي يميزها عن غيرها، سواءً كانت المناسبة قدوم مولود جديد أو حفل تخرج أو مناسبة زواج، ونظراً لرغبة العديد من أفراد المجتمع تمييز أنفسهم عن غيرهم عبر تقديم نوع مختلف يميزهم؛ فإن ذلك أدى إلى زيادة الإقبال على المحال المتخصصة بشكل نتج عنه زيادة كبيرة في أسعار هذه الأنواع بشكل مبالغ فيه في كثير من الأحيان. "الرياض" لمست هذا الارتفاع المتزايد في أسعار "الحلويات" وقوالب "الكيك" و"الشوكولاته" أثناء زيارة لعدد من محال بيع الحلويات الواقعة في موقع يعد من أشهر المواقع وأكثرها انتشاراً لهذه المواقع، وهو شارع "الأمير سلطان بن عبدالعزيز" -الثلاثين سابقاً- في "الرياض"، والتقت في هذه الجولة بعدد من أصحاب هذه المحال ومديري التسويق والزبائن في محاولة لمعرفة أسباب هذا الارتفاع الكبير في الأسعار. زيادة واضحة في البداية أكدت "فاتن عبدالعزيز" –إحدى زبائن محال الشوكولاته المغلفة- على أن هناك زيادة واضحة وملموسة في أسعار الحلويات لدى بعض محال الشوكولاته المغلفة، مضيفة أن هناك نوعا من المبالغة في القيمة المادية للمنتج مقارنة مع الكمية، مشيرة إلى أن الكمية قد لا تكفي في كثير من الأحيان لتقديمها كهدية تليق بالشخص المهداة إليه، مبينة أنها لا تمانع في رفع سعر المنتج بشكل معقول مقابل جودته ومناسبة كميته للقيمة المالية التي تدفعها نظير ذلك، لافتة إلى أن جُل ما تبحث عنه هو السعر المناسب والطعم الجيد والكمية المعقولة. وعزت هذا الارتفاع المُبالغ فيه في أسعار الحلويات إلى استغلال العديد من المحال لحاجة الزبون وحبه لتمييز نفسه عبر تقديم كل ما هو غريب وجديد في هذا المجال بدافع الظهور بمظهر مختلف في العديد من المنتسبات دون التركيز في بعض الأحيان على مدى جودة المنتج وقيمته المادية. اختيار الحلوى وتعبئتها في صوان منزلية أفضل من شرائها جاهزة إقبال كبير وأيدتها الرأي "هيفاء العثمان" –إحدى زبائن محال الشوكولاته المغلفة-، مضيفة أن ارتفاع القيمة المادية للمنتج لا يتناسب مع الكمية المقدمة في كثير من الأحيان، مشيرة إلى أن اعتماد العديد من أفراد المجتمع على الشراء من هذه المحال في كثير من المناسبات الرسمية يُعد أحد أهم أسباب هذا الارتفاع في الأسعار. وشاركتهما الرأي "تغريد المطيري" –إحدى زبائن محال الشوكلاته المغلفة-، مضيفة أن القيمة المادية للحلويات باتت لا تتناسب مع كمية الحلوى، مشيرة إلى أن أقل مبلغ مادي تنفقه في هذا الصدد قد يزيد في كثير من الأحيان على (200) ريال، ومع ذلك فإن كمية الحلوى في هذه الحالة لا تتناسب بأي حالٍ من الأحوال مع مبلغ الشراء، مُرجعة هذه الزيادة في أسعار "الحلويات" و"قوالب الكيك" إلى الإقبال الكبير من قبل أفراد المجتمع على شراء هذه الأنواع، لافتة إلى أنها أصبحت عامل أساس في اكتمال رونق المناسبة الاجتماعية. أساليب ترويجية ولفتت "منى الضويلع" –إحدى زبائن محال الحلويات- إلى أن أسعار هذه الأنواع كانت في متناول الجميع قبل فترة بسيطة، بيد أن سوق الحلويات شهد حالياً ارتفاعاً كبيراً في الأسعار بشكل مبالغ فيه، وقالت :"نظراً لطبيعة المجتمع المحلي الذي لا تكاد تخلو أي من اجتماعاته ومناسباته الموسمية والاجتماعية والعائلية من وجود القهوة العربية والحلويات المرافقة لها، ومن ذلك الحلا الشرقي وقوالب الكعك والشوكولاته المغلفة، فإن ذلك جعل أصحاب المحال المتخصصة يستغلون هذا الجانب أسوأ استغلال في رفع أسعار هذه الأنواع بشكل غير معقول يتطلَّب تدخل الجهات المعنية لكبح جماح هذه الارتفاعات غير المُبررة". وأضافت أن طبيعة المجتمع المدني باتت تقتضي أن يُحضر المدعوون معهم بعض الشوكولاته وقوالب الكيك والحلويات المغلفة، موضحة أن الحلويات باتت تعد لدى العديد من أفراد المجتمع إحدى أهم الوسائل للتعبير عن مشاركة المضيف فرحه أو مناسبته أياً كانت، إلى جانب زيارته والتخفيف عنه حينما يكون مريضاً أو تهنئته بزواجه أو نجاحه، أو غير ذلك من المناسبات، مشيرة إلى أن العديد من المحال باتت تنتهج أساليب ترويجية لإغراء الزبائن بالشراء منها، ومن ذلك الاهتمام بشكل ونوع صينية التقديم، مبينة أنهم يحرصون على أن يحمل شكلها نوعاً من الفخامة والرونق وأن تكون ذات قيمة عالية. وأوضحت أن قيمة بعض الصواني فارغة قد تصل في بعض الأحيان إلى (400) ريال، في الوقت الذي قد لا تتعدى القيمة الحقيقية للمنتج مبلغ (120) ريالاً، مشددة على ضرورة تدخل "جمعية حماية المستهلك" لوقف هذه الزيادة في الأسعار وإلزام المحال بإعداد طلبيات جاهزة مسبقاً بأسعار وكميات معقولة، بدلاً من التركيز على إعداد طلبيات جاهزة ذات كميات كبيرة، وهو الأمر الذي يُجبر الزبون المستعجل في كثير من الأحيان إلى شرائها مباشرة؛ بسبب عدم توفر طلبيات جاهزة ذات كميات مناسبة له. وأيدتها الرأي "لطيفة زربطان" –إحدى زبائن محال الحلويات-، مشيرة إلى أنها بدأت تلاحظ خلال الفترة الأخيرة أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار الحلويات بجميع أنواعها، لافتة إلى أن الأسعار كانت في متناول الجميع في السابق، أما الآن فإن هذه الأسعار باتت لذوي الجيوب المنتفخة فقط. أسعار الحلويات ارتفعت في الآونة الأخيرة بشكل مبالغ فيه تسعير الحلويات وأجرت "الرياض" لقاءات مع عدد من أصحاب محال بيع الحلويات ومديري التسويق فيها؛ لمعرفة الكيفية التى يتم بها تسعير الحلويات، إذ بين "نايف الأسمري" –صاحب أحد محال الكيك المشهورة– أنه يتم تحديد القيمة المادية للمنتج بعد حساب مجمل التكاليف التي تتعلق بالمنتج المراد بيعه، موضحاً أنه يؤخذ بعين الاعتبار قيمة المكائن المساعدة في التصنيع، إلى جانب حساب التكلفة المادية للأيدي العاملة المشرفة على التشغيل، وكذلك قيمة إيجار المحل، إضافة إلى حساب القيمة المادية للمواد الأولية المُكونة للمُنتج. وأضاف أن التكلفة المادية للأيدي العاملة تختلف من منتج لآخر، مشيراً إلى أن بعض المنتجات تحتاج إلى عامل فني دقيق متقن لبعض الأدوات التي تعمل على إعداد نوع معين من أنواع الكيك أو الحلويات، وبالتالي فإن ذلك يؤدي إلى ارتفاع القيمة المادية للمنتج، وذلك لما يتطلبه هذا النوع من الآلات من توفير عامل متخصص بشكل يختلف فنياً ومادياً عن أي عامل آخر، مشيراً إلى أن هناك اختلافاً في تقدير ذلك من محل لآخر، موضحاً أن بعض المحال قد تعمل على تسعير منتجاتها بشكل عشوائي وغير معقول، مبيناً أنه قد تصل قيمة المنتج إلى حوالي (200%) من سعره الحقيقي. وأكد "الأسمري" على أن دور "وزارة التجارة" واضح وجلي فيما يتعلَّق بتحديد أسعار قيمة المواد الأولية المُكونة للمنتج، مشيراً إلى أن هناك تفاوتاً في مدى رضا الزبائن عن القيمة المادية للمنتجات، موضحاً أن هناك من هو راضٍ ومن هو غير ذلك، لافتاً إلى أن أكثر المواسم إقبالاً على شراء الحلويات وقوالب الكيك هي مواسم ما بعد الاختبارات، مبيناً أنه يكثر فيها إقامة احتفالات النجاح، مضيفاً أن مواسم الزواجات تأتي في المرتبة الثانية وأخيراً مواسم الأعياد. ثقة الزبون وأيده الرأي "أحمد الأحمد" –مدير تسويقي في أحد محال بيع الحلويات–، مضيفاً أن تحديد القيمة المادية لأي منتج تعتمد على مكوناته الأولية، فكلما ارتفعت القيمة المادية للمواد الأولية اللازمة لإعداد المُنتج، كلما ارتفعت القيمة المادية للمنتج بشكله النهائي، مؤكداً على أنهم يراعون تسعيرة المنتج ذاته في السوق، مشيراً إلى أنه من غير العدل بيع المنتج ذاته بأغلى من سعر السوق وبنفس المكونات، لافتاً إلى أن ذلك مما قد يجعل المحل يخسر ثقة الزبون، وبالتالي يؤثر ذلك سلباً على سياسة البيع لدى المحل.