بدأ المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) الجمعة المصادقة على دستور تونس الجديد الذي صاغه المجلس المنبثق عن انتخابات 23 اكتوبر 2011. ويفترض الانتهاء من المصادقة على الدستور قبل 14 يناير الحالي، تاريخ إحياء الذكرى الثالثة للاطاحة بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وفي أول عملية اقتراع، صوت 175 نائبا بنعم على تسمية الدستور الذي أطلق عليه اسم "دستور الجمهورية التونسية". وبحسب قوانين المجلس التأسيسي، يتعين أن تصوت الأغلبية المطلقة من أعضاء المجلس على كل فصل من الدستور بشكل منفصل. وبعد ذلك، يتعين أن يصوت ثلثا الأعضاء على الدستور كاملا في اقتراع منفصل. وفي حال تعذر ذلك يتم عرضه مرة ثانية على التصويت للحصول على الثلثين، وإذا لم يحصل ذلك، يتم عرضه على استفتاء شعبي. ويذكر أن مشروع الدستور الذي تم عرضه في غرة يونيو 2013 بعد إعداد مسودتين الأولى في اغسطس 2012 والثانية في ديسمبر 2012 بعد نقاشات مطولة وتجاذبات متعددة صلب اللجان التأسيسية وبعد ادخال تحسينات عليه قامت بها اللجان وهيئة التنسيق والصياغة على ضوء مقترحات الحوار الوطني في الداخل والخارج بالإستعانة بخبراء في القانون الدستوري الذين استعان أكدوا أن هذا المشروع حقق تقدما هاما مقارنة بدستور 1959 ويرسي نظاما سياسيا جديدا مختلطا تراقب فيه السلطتان التشريعية والتنفيذية بعضهما بعضا من خلال منح الثقة وسحبها للحكومة وحق رئيس الجمهورية في رد القوانين وحل البرلمان في حالة محددة وإرساء رقابة المحكمة الدستورية على القوانين وسير المؤسسات...كما يرفع المشروع المعروض على المناقشة سقف الحقوق والحريات طبقا للمعايير الدولية ... كما أكد التقرير العام حول مشروع الدستور أن المشروع ارتكز على مبادئ تحقيق أهداف الثورة في الكرامة والعدالة والحقوق والحريات والتنمية والجمع بين ما تأصل في الهوية العربية الإسلامية وما جاء به الكسب الثقافي الحضاري الإنساني العام من قيم سامية للحداثة والدفع بالشعب إلى العمل والبناء من أجل النهوض الحضاري. وبرغم التفاؤل الكبير الذي تبديه جل الأطراف السياسية حول محتوى مشروع الدستور الجديد فإن عديد القطاعات الحقوقية والسياسية لا تزال تنتقد المشروع في بعض أبوابه خاصة في باب السلطة القضائية وطريقة تشكيل الهيئات الدستورية القضائية والتعديلية والأحكام الإنتقالية مما دفع بعديد منظمات المجتمع المدني مثل جمعية القضاة والإتحاد العام التونسي للشغل والهيئة المستقلة للإتصال السمعي البصري لتقديم مقترحات تعديل ترتقي لمستوى تطلعاتهم.