يبدو أن اختلاف خيارات الناس في كيفية تمضية اوقاتهم لم يعد مقصورا على الكبار فقط، وإنما لفئة الاجيال النامية ايضا. وبات التأثير واضحا بسبب وجود التسالي ومواقع التواصل الاجتماعي. والمشكلة ليست في وجود ظاهرة التقنية الذكية فهي مفيدة وانما في اختلاط اوقات الراحة بالنشاط.. حالة يسميها الاخصائيون حرمان النوم المزمن الذي قد يؤدي إلى اضطرابات سلوكية واجتماعية بسبب تأخر اوقات النوم وعدم انتظامها خاصة لدى صغار السن الذين يحتاجون إلى ساعات نوم اطول لاكتمال نومهم ونشاطهم, فهل نعي تلك الخيارات مع احتياج الراحة والنشاط؟ بالطبع لا ! هاتفت قريبتي ذات أمسية تعليقا على وضع ابنائها مع تلك الحالة وهي تشكو . "بت لا اعرف متى ينام ابنائي او يصحون؟ تصوري ارسل لابنتي على الواتس اب لأجد انها نائمة ثم افتح الواتس في وقت آخر وقد يكون بعد منتصف الليل بمراحل وأجدها متواجدة اون لاين؟ وعندما أسالها كيف تكون مستيقظة في تلك الساعة.. تبادرني بعتب" كنت فقط اشاهد ما استجد من تواصل ..." " ولكنه وقت نومك" " ما عليه سأعوضه" ولكننا نعلم الان ان اوقات النوم الضائعة لا تعوض حقيقة خاصة اذا كانت في حال مستمرة. وتضيف القريبة بأن الامر لا يتعلق بخياراتهم دوما ففي رحلة سابقة وكنت معها في غرفة واحدة كانت اضاءة هاتفها تغمر المكان كلما فتحته لتعبر به قليلا على المواقع والرسائل. وكان الضوء المتقطع يتداخل مع حالة النعاس فيتقطع نومها المعتاد.. وكانت تنصح ابناءها بأن يبعدوا الاجهزة عن اسرّتهم ولكن الوضع لا يتغير كثيرا كما نعلم الا في حالة الالتزام العملي. وتذكرت قريبة اخرى لها من تجربة تناثر الضوء سالفة تثير الضحك بالفعل فقد جاءت الابنة الكبرى لتنام معها ذات رحلة سفر لبقية العائلة وطلبت ان تبقي الانوار في الغرفة مضاءة واعلنت " اخاف الظلام اريد نورا" وقالت الام" وانا لا اعرف أنام في مكان مضاء فماذا نفعل؟ اقترحت الابنة ان يبقوا على جهاز التلفزيون على ان يخفضوا الصوت وقبلت الاخرى الحل على مضض. وبعد مضي حوالي عشرين دقيقة ارادت الام ان تتأكد من نوم الابنة كي تطفئ الجهاز فاقتربت بهدوء حتى كانت في مقابلتها تماما تبحث في مدى عمق نوم الفتاة. ولكن الفتاة فتحت عينيها في تلك اللحظة ورأت وجها يتفحصها فصرخت في فزع وصرخت الاخرى معها في دويتو عائلي متلاحق. ولم ينم احد تلك الليلة بالطبع وتقول القريبة بانه حدث تنبيه مقلق لجهازهم العصبي وبقوا متوترين نهار اليوم التالي. وتعليقا على تلك الظاهرة يقول اطباء في مستشفى في ليفربول ببريطانيا بأن ألعاب البلاي ستيشن والايفون وغيرهما ساهمت بشكل كبير في عدم قدرة المراهقين والصغار على النوم بشكل كاف، ورغم ان السبب هو عدم الالتزام بمواقيت النوم وليس في الالعاب ذاتها، الا ان معالجات بيتية تقليدية بامكانها ان تساعد لو كان الوالدان يملكان وقتا وصبرا كافيا. فمن خلال دراسة تدوين لعادات النوم نشرتها صحيفة الديلي اكسبرس تبين ان الفئة التي لم تنشغل بالالعاب قبل النوم تمكنت من الخلود إلى النوم بصورة افضل بينما تبقى نسبة كبيرة من الناس في حالة أرق لانها لا تسترخي بالشكل الكافي وربما يبقى ذهنها في حالة صحو حتى عندما تلوذ بالنوم.