في كل سنة ومع اقتراب مواعيد اختبارات القدرات والتحصيل أسمع قلب الطالب يخفق بشدة، وأراه يحدث نفسه قائلا: ألهث وأتعب وأسهر من مرحلة إلى أخرى، ومن عقبة صغرى إلى كبرى، وأنجح ثم أنجح، وفي كل يوم أحمل حقيبتي فوق ظهري التي فيها همومي وكتبي اثنتي عشرة سنة، ثم يأتي ذلك اليوم ليتحداني ويتحدى كل آمالي وأحلامي ومعاناتي،إنها أيام اختبارات القدرات والتحصيل. أنا بشر يسمونني طالبا منذ اثنتي عشر سنة، وهم يختبروني في كل فصل منذ إذ كنت طفلا حتى أصبحت شابا يافعا، فتخطيت كل الاختبارات الفصلية والشهرية، وحتى اليومية، ومع ذلك كله كنت من المجتهدين المتفوقين والطامحين، ثم يأتي يوم القدرات أو التحصيل، والذي قد أُزل أو أُخطأ فيه، فتمحى كل حسناتي وينسى كل ما فات من جهد وتعب لأجل يوم موعود معدود. لماذا يختبر الطالب وقد تخرج للتو من المرحلة الثانوية؟، هل ضاعت كل قدراته وتحصيله في فصل الصيف؟! أم لأننا لسنا واثقين من مناهج التعليم؟ أو أننا نعتقد أن الطالب لم يستوعب أو يفهم شيئا بعد كل تلك السنين من التعليم!، أو لأن الاختبارات الفصلية أو النهائية للمرحلة الثانوية ليست بتلك الكفاءة ونشك في قدرتها، فما ذنب الطالب في ذلك كله؟!. وهناك أسئلة كثيرة مازالت تدور في عقول الطلاب وعقولنا بعد عدة سنوات من تجربة اختبارات القدرات والتحصيل، منها: هل نظام التعليم يطبق المعايير المطلوبة خلال اثنتي عشرة سنة يوافق القدرات والتحصيل؟ هل هناك تطور ملموس في إنتاج الطلاب الفكري والإبداعي بعد تطبيق التجربة؟ هل هذه التجربة مقتبسة من دول متقدمة مثل أمريكا أو أوروبا أو اليابان والصين، وإذا كان الجواب نعم!، فهل مستوى مدارسنا متقارب من مدارسهم من حيث البيئة والوسائل والمناهج؟ هل البنية التحتية والأدوات والأجهزة والحاسبات متوفرة في كل المدارس وتساوي مستوى أسئلة القدرات والتحصيل؟ أسئلة كثيرة تنتظر الأجوبة على أرض الواقع، بل إن الطلاب إلى اليوم مازالوا يتسألون أليس هناك بدائل أخرى؟ بلى، هناك كثير من الحلول التي نعتقد أنها ستكون ناجحة ونافعة منها: أن تكون مناهج الثانوي فعّالة وعالية المستوى في قسميها العلمي والأدبي، وأن تكون اختبارات مرحلة الثانوية بنفس المستوى من الجودة والقوة التي تجعلنا واثقين بأن الطالب إذا تخرج فهو فوق كل شبهات القدرات والتحصيل. أن تكون المعلومات والمفاهيم والأسئلة التي توجود في اختبارات القدرات والتحصيل من ضمن الاختبارات الفصلية للمرحلة الثانوية، أو إضافة مادة في مناهج المرحلة الثانوية تسمى مادة القدرات والتحصيل. ومن الحلول التحفيزية الفعالة أن الطالب أو الطالبة الذي يحصل على تسعين في المئة فما فوق في الصف الثاني والثالث ثانوي على التوالي لا يحتاج لأداء اختبار القدرات ولا تحصيل (كفى الله المؤمنين القتال)، وهذا الحل بالذات فيه دافع معنوي وحسي للطلاب للاجتهاد والتعلم طوال السنة، فليس المقصود اختبار الطالب لذات الاختبار، ووضع مطبات وعراقيل، وإنما المقصود تحصيل الفهم والعلم معا. وأخيراً قلوبنا معك أيها الطالب فالكل يريد أن يختبرك، وحتى بعد التخرج والتفوق مازالوا يشكون في قدراتك وتحصيلك، فيختبرونك مرة أخرى!