منذ أمدٍ بعيد والتاريخ يستحضر لنا مشاهد من قهر المرأة بصور شتى؛ إلى أن أشرق نور الإسلام فخص النساء بحقوق أطرت لهن كرامتهن ورفعت من شأنهن؛ كان ذلك لعدالة ديننا الحنيف من جانب؛ ولأهمية الدور المعول على النساء في الحياة التشاركية مع الرجل. إلا أن عصرنا المعاش يعكس لنا بين الفينة والأخرى عبر وسائل الإعلام المختلفة حكايا مؤلمة تجردت من الرحمة وابتعدت عن تقوى الله ؛لأناسٍ لا يزالون يعيشون في سراديب الجهل بممارساتهم اللا إنسانية ضد زوجاتهم الصابرات على ما يجدنه منهم من عنف يتراوح ما بين المعنوي واللفظي والجسدي. إن صبر الزوجات على جحيم الحياة الزوجية وما يلقينه من الأزواج المنحرفين أخلاقيا؛ أو المتعاطين للمخدرات ؛أو المضطربين نفسياً لا يبرره فقط الخوف من لقب مطلقة وما يترتب عليه من مآسي؛ بل إن القضية تتمثل في الخوف من الاكتواء بنار الحرمان من رؤية فلذات أكبادهن. كما إن تهديد الأزواج لزوجاتهن بهذا الحرمان الجائر، لا شك إنه يصور أسلوبا قمعيا وإرهابا فكريا يمارس لإذلال المرأة وتركيعها من أجل سلب إرادتها ونسف حريتها الشرعية. وحتى إن كتب الله الفرج للزوجة المعنفة بحصولها على الطلاق؛ فإن هذا القهر حتماً سيستمر معها بحرمانها من أطفالها؛ فهي إن حصلت على حق الزيارة بحكم شرعي عبر مسلسل قضائي طويل؛ لا يلبث أن ينتهي دون نتيجة نظرا لمماطلة طليقها المدعوم بتهاون بعض مراكز الشرطة في متابعة تنفيذ جدول زيارة المحضون لها، هذا فيما يتعلق بظروف المطلقات اللاتي لا يرغبن في الحضانة لأسباب مختلفة يطول شرحها لكنها لا تخرج عادة عن جهلهن بحقوقهن وحقوق أبنائهن المكفولة بالنظام. ومن المعلوم أن عاطفة الأبوة لا تقارن بعاطفة الأمومة التي أكدت عليها الشريعة السمحاء المتيقنة بالدور الأساسي الذي تقوم به الأم في التنشئة الصالحة للأبناء والبذل لإشعارهم بالأمان والاطمئنان النفسي والإشباع الوجداني من نهر عاطفتهن العذب؛ مما ينعكس إيجاباً على بناء شخصية متوازنة نفسياً تساهم في النفع المجتمعي عموماً؛ فأين جبابرة الحرمان من ذلك وأين إدراكهم المختل عن التفكُر في مدى الآثار النفسية والاجتماعية السلبية التي تتجاوز الأم لترمي بأضرارها الخطيرة على تنشئة الأبناء فيتربوا في حياة تتلاطم بها أمواج القسوة والحرمان والصراعات والفقد العاطفي والكراهية المتجذرة مما قد يخلق لديهم غريزة الانتقام فيتحينوا الفرصة ليجرعوا أباءهم كأس الحرمان والانفصال الذي شربوا منه قصراً. #ماذا_لو: بادرت وزارة العدل في جعل قضايا النزاعات الزوجية من القضايا المستعجلة جداً بحيث يُبت فيها في مدة لا تتجاوز عشرة أيام مع تسهيل إجراءات التقديم وليكن إلكترونياً؛ ففي ذلك تسهيل على المتضررين وتخفيف من نسبة ارتفاعها الذي وصل إلى 60 ٪ من مجمل القضايا الواردة للمحاكم بحسب الإحصائيات الأخيرة؛ لاسيما وأن هذه الوزارة تعيش حالياً طفرة تطويرية مميزة ضمن مشروع الملك عبدالله لتطوير مرفق القضاء؛ لكنها للأسف لم تحظ بالتسليط الإعلامي الممنهج والمستحق. [email protected]