انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وعبر رسائل "الجوال" في الآونة الأخيرة العديد من مقاطع الفيديو المحتوية على مشاهد يتم فيها تخويف الأطفال، حيث تعمد صانعو هذه المشاهد تصويرها ورصد ردود أفعال هؤلاء الأطفال بهدف السخرية والتندر وإضحاك الآخرين على التصرفات البريئة التلقائية لهؤلاء الصغار، والتي عادة ما تصدر منهم دون وعي أو إدراك في كونهم يعيشون مواقف مصطنعة. وأكد مختصون في المجال التربوي والحقوقي على أن مواقع التواصل الاجتماعي كشفت عن أشخاص أساءوا استخدام التقنية رصداً وتسويقاً، عادين مشاهد تخويف الأطفال والتعدي على براءتهم وطفولتهم من أبرز المخرجات السلبية للتقنية الحديثة، محذرين من خطورة هذه المشاهد وتعدد تأثيراتها النفسية والاجتماعية والجسدية الآنية والمستقبلية على الأطفال، داعين من استأمنهم الله على الأطفال بتقوى الله -عز وجل- فيهم، إذ إنهم أمانة في أعناقهم، مطالبين الإعلاميين والمثقفين والمربين بتوعية المجتمع، إلى جانب التأكيد على عدم تناقل ومشاهدة هذه المقاطع؛ للحد من انتشارها، وبالتالي القضاء على الظاهرة، مؤكدين على أن في ترويجها تعزيزاً للفكرة ودعماً لمخرجها، مبينين أنه غالباً ما يقف وراءها إنسان ضعيف لا مسؤول، ولا يراعي حق دين ولا أصول تربية ولا مستقبل نشء. توعية المجتمع وعددت "موضي بنت ناصرالعضيب" -تربوية- بعض التأثيرات التربوية والأخلاقية والنفسية الناتجة عن تعرض الأطفال لهذه المواقف المُخيفة، موضحةً أنها تسبب الخوف والذعر للأطفال، وبالتالي فهي تصنع منهم شخصيات جبانة عدوانية كاذبة، مؤكدة على أن الطفل بعد تهديد أمنه النفسي سيكون شخصاً انطوائياً عديم الثقة بنفسه ومن حوله مكتئباً قلقاً متردداً في قراراته، داعية من استأمنهم الله على الأطفال والصغار بتقوى الله -عز وجل- فيهم، مشيرة إلى أنهم أمانة في أعناقهم، مبينة أن ما يفعلونه معهم قد يُحطِّم شخصياتهم، مطالبة الإعلاميين والمثقفين والمربين بتوعية المجتمع، إلى جانب التأكيد على عدم تناقل ومشاهدة هذه المقاطع؛ للحد من انتشارها، وبالتالي القضاء على الظاهرة. عبدالله الفريدي غياب التوجيه وأشار "صالح الدبيبي" -محام- إلى أن تزايد انتشار المشاهد والمقاطع التي تخيف الأطفال يعود لغياب التوجيه الديني والاجتماعي فيما يتعلق بخطورة هذه الظاهرة وأضرارها الصحية والنفسية الآنية والمستقبلية على الأطفال، مرجعاً هذا القبول والتسويق والرواج لهذه الظاهرة على مواقع التواصل إلى انعدام البرامج الترفيهية الجاذبة للمتلقين، ومن ذلك السينما والمسرح، وغيرها. وأضاف أن ارتكاب هذه الأفعال والتصرفات يعدُّ جُرماً بحق البالغين من البشر وبالأطفال والصغار والأحداث ورقيقي القلوب، مشيراً إلى أنها قد تُعرّضهم للعديد من الأضرار النفسية والبدنية والذهنية، مستشهداً في هذا الجانب بتعرّض طفلين لإعاقة ذهنية نتيجة مطاردتهم برأس خروف ميت، داعياً الجهات المعنية إلى الوقوف بحزم ضد من يتعدون على براءة الطفولة للتسلية والترفيه، عاداً هذه الظاهرة جريمة أخلاقية نهى عنها ديننا الإسلامي الحنيف. وطالب بوجود جهة تكون مسؤولة بشكل رسمي عن مراقبة مثل هذه التصرفات التي تمتهن الطفولة، مضيفاً أن هذا السلوك يمكن إدراجه تحت مصطلح العنف الأسري الذي تقبل فيه الدعوى وتحال بعد ذلك للإمارة وهيئة التحقيق والادعاء العام، داعياً من يتضرر في هذا الشأن من شخص ما إلى التقدم بشكواه إلى مراكز الشرط، مقترحاً أن تخصص الجهات الاجتماعية المعنية وسائل للتواصل؛ لرصد هذه المقاطع العنيفة وتتبع عناصر صناعتها وتقديمهم للعدالة. بندرالحمر مخرجات سلبية وأوضح "بندر الحمر" -مصور فوتوغرافي- أن مواقع التواصل الاجتماعي تعددت وتنوعت وانتشرت حاملةً الجانبين الايجابي والسلبي، مضيفاً أن هناك من يستخدمها وفق ثقافته وتوجهاته، مشيراً إلى أنها كشفت عن أشخاص أساءوا استخدام التقنية رصداً وتسويقاً، عاداً مشاهد تخويف الأطفال والتعدي على براءتهم وطفولتهم من أبرز المخرجات السلبية للتقنية الحديثة، مبيناً أن هؤلاء إنما يهدفون إلى الخروج بمقاطع فكاهية طريفة، لافتاً إلى أن مرتكبي هذه الأفعال انعدمت لديهم الرحمة والعاطفة. وأضاف أن تعدد المشاهد المتداولة التي تهدف لتسلية وإضحاك الآخرين هي نتاج أفراد لا يراعون حدود الأدب واللباقة، محذراً من التأثير السلبي لهذه المقاطع على حاضر الطفل ومستقبله، مستشهداً في هذا الشأن بمقطع إطلاق كلب على طفل وتصويره، فيما تتعالى صرخات الصغير معتقداً مواجهته للموت ومتوسلاً لمصوره أن يُنقذه، مؤكداً على أن مثل هذه المواقف مخيفة للكبار فما بالك بالصغار والأطفال؟، داعياً الجميع إلى عدم ترويج هذه المقاطع. وأشار إلى أن في ترويج هذه المقاطع تعزيزاً للفكرة ودعماً لمخرجها، مبيناً أنه غالباً ما يقف وراءها إنسان ضعيف لا مسؤول ولا يراعي حق دين ولا أصول تربية ولا مستقبل نشء، مؤكداً على أن هناك حاجة ماسة لوجود برامج تثقيف إعلامية ودورات وورش عمل، إلى جانب تخصيص خطب الجوامع للتحذير من مخاطر انتشار هذه الظاهرة، وكذلك لتربية حسنة من البيت والمدرسة، لافتاً إلى أن ديننا الإسلامي جمع الأدب والتربية وحسن الخلق، وبالتالي فنحن بحاجة إلى أن نطبق ذلك على أرض الواقع في تعاملاتنا مع الصغار والكبار. صالح الدبيبي ظاهرة غير اعتيادية وقال "عبدالله الفريدي" -أخصائي اجتماعي-:"انتشرت في الآونة الأخيرة مقاطع إخافة الأطفال على اليوتيوب وفي مواقع التواصل الاجتماعي ورسائل الواتس آب من باب المزاح وإثارة الضحك دونما إدراك ومراعاة لنفسياتهم أو تأثرهم بالموقف الذي تظهر آثاره في مراحل متقدمة"، مضيفاً أن هناك من يظن أن مزاح الأسر مع أطفالها ظاهرة اعتيادية، بينما قد يكون لذلك العديد من الجوانب والأضرار السلبية، موضحاً أن من أساليب المزاح الخاطئة لجوء الكبار لتخويف الصغار بإصدار أصوات حيوانات أو تقمص شخصيات مخيفة أو بمواجهتهم بحيوانات تدخل الرعب في قلوبهم، الأمر الذي ينعكس عليهم بشكل سلبي. وحذَّر الأشخاص البالغين من معاملة الأطفال بهذه الأساليب، مضيفاً أنهم لا يعرفون جديتها وهزلها وعاقبتها، وبالتالي فإن هذه المواقف قد تتسبب في حدوث أمراض عضوية ونفسية للأطفال، ومن ذلك إصابتهم بالتأتأة والتبول اللا إرادي وحالات الترقب، إلى جانب الالتصاق بالأم بشكل دائم نتيجة الخوف، مشيراً إلى أن الأطفال دون السنوات الخمس غالباً ما يكونون الأكثر تأثرا بمثل هذه المواقف المصطنعة لإضحاك الآخرين. وشدد على ضرورة معالجة الأطفال الذين تعرضوا للخوف نتيجة تعرضهم لمواقف مخيفة، والأخذ في عين الاعتبار مدى تأثير هذا الخوف على حياة الطفل، موضحاً أنه حينما لا يكون لهذا الخوف أي تأثير في حياته اليومية، فإن ذلك أمر طبيعي وسيزول، أما إذا كان هذا الخوف يسبب إجهاداً نفسياً كبيراً للطفل أو يعيقه عن ممارسة نشاطاته اليومية، فعندها يجب أن يتلقى العلاج اللازم، مشيراً إلى أن علاج المخاوف المستمرة لدى الأطفال في كثير من الأحيان يتم بالطريقة نفسها التي يُعالَج بها البالغون، وذلك بإنقاص مستوى التحسس لديهم عبر التعرض للمواقف التي تثير لديهم الخوف. برنامج علاجي ولفت "الفريدي" إلى أن مخاوف الطفل غالباً ما تكون متقلبة وعابرة؛ لذا يجب فحص السجل السابق للطفل والمتعلق بمخاوفه قبل البدء في البرنامج العلاجي، مضيفاً أنه غالباً ما تزول معظم مخاوف الطفل دون الحاجة للعلاج، كما أن الطفل قد يتعلم طريقة جديدة للفت الانتباه عندما يُعبِّر عن موقف ما، وهنا قد يستخدم الطفل جملة "أنا خائف"؛ فيتجاوب الوالدان معه بتعاطف شديد، وبطبيعة الحال إذا احتاج الطفل إلى استخدام كلمة "الخوف" باعتبارها وسيلة للفت الانتباه، فقد يشير ذلك إلى نوع مختلف من المشكلات داخل الأسرة. وأضاف أنه لا يمكن أن يستجيب من يعاني من الخوف إذا تعرض لعقوبة، كما أنها لن تتحسن حالته في السيطرة على مخاوفه، مشيراً إلى أن الأطفال على وجه الخصوص يستجيبون بشكل أفضل إذا تمت مساعدتهم على زيادة مهاراتهم وكفاءتهم، ثم تشجيعهم على المشاركة في الأنشطة التي تتضمن أموراً يخافون منها، أما بالنسبة للأطفال الصغار فيمكن أن يمارس الوالدان مع الطفل الأنشطة العملية التي يخاف منها على شكل لعبة؛ لأن معظم الأطفال يستجيبون بشكل أفضل عندما يلعبون، وفيما يخص حالات الخوف الشديد، فقد يستخدم المعالج طرق الاسترخاء، ومن ثم يعرض على الطفل مقاطع فيديو، ويجعله في هذه الحالة يواجه الموقف بشكل خيالي، أي يساعد المعالج الطفل على تخيل مواجهة الموقف المخيف قبل محاولة تعريضه له في الواقع.