اسف يا قلبي.. فقد رحلت من تحبها.. رحلتِ.. ورحلت معك بقايا الفرح التي كنت أنتظرها.. أن تعلمني إياها.. رحلتِ.. وبقيت أنا أمضغ الأسئلة في ذهول تام هل انتهت الحكاية هنا؟ هل افترقنا قبل أن نلتهم كعكة عامنا الأول ؟.. رحلتِ.. وأنا لم ألفظ بعد الأبجديات التي رتبتها لأحكيها لك.. نزعت جسدك ووجودك من روحي.. وتركتِ داخل صدري كرسيك فارغا بعد أن نفضت غبار وجعها داخلي.. أسئلة كثيرة تشعرني بالدوار وكأن مروحة لها شفرات حادة تدور لتمزق أفكاري.. من علمك النسيان والإنكار.. من علمك القسوة والجرح.. ومن منحك القدرة على نقض العهد والوعد ؟.. وإلى أين سترحلين ؟!.. فقد كنت وطنك حينما قلت "إني أعيش الاغتراب".. وقد كنت دمعتك حين أبى الوقت أن تبكي.. وقد كنت الملجأ لك حين تضاربت في عينك دروب الحياة.. أنا لا أمنعك من الرحيل.. ولن أصرخ خلفك لتعودي.. فلك حرية الطريق.. كما كان لك حرية المواعيد !.. ولكن.. لكي أتقبل رحيلك الموجع.. وأدرك طريقي في الحياة بدونك.. ولكي أنساك.. «..كل كتاب يحمل بداخله قلبا ينبض.. تحسسوا كلماته برفق عندها ستشعرون بنبضه..» قلمي أظافر الحنين واقطعي جذور الشوق، واتركيني أجوب الشوارع أبحث عن بسمة فقدت مني وأعيريني قلبا آخر وذاكرة جديدة لأتخلص من بقاياك.. واتركي أسمي مشاعاً لغيرك.. لعل غيرك يزيد عليه ما انحرمت منه منك.. عيشي حياتك كما تحبين بلا قيود وبلا أنا.. وافعلي ما يحلو لك.. فأنا سلكت طريقاً لا يحمل ذكرياتك ولا رسمك.. ولن أحذو عنه أبداً.. أجمعي دموعي التي نثرتها يوماً شوقاً وحباً لك، أنشريها تحت ضوء الشمس، واخلفي كل مواعيدي السابقة التي تحققت والتي انتظرتك فيها كثيراً، فلن تتكرر أبداً.. اقرئي تفاصيل ذكرياتك معي مع نفسك كما كنت أنا سابقاً أفعل واسألي نفسك أمازالت تسكنك أم ثقب البعد ذاكرتك اشرحي لي كيف ستنسي رجلا أحبك بصدق ومنحك بوفاء.. لأتعلم كيف أنسى أنثى كانت كل شيء في حياتي.. وأخبريني عنك.. ما الذي سيحل بك بعدما رحلتِ.. وما الجديد في حياتك.. وهل يستطيع الزمن أن يدرّبك على الفراق كرها أم أنك ستدربين الفراق على القسوة منك.. أخبّريني عن أمانيك وأحلامك هل ستعيش بعدي أم ستموت.. وهل أنا سأظل في أحلامك أم انتهيت من وجودك.. واحكي عليّ مغامراتك معي والتي كنت تكتبينها على جدران غرفتك ألا زالت موجودة أم أنك أعدت طلاءها لتخفي كل ما يذكرك بي.. اقرئي عليّ تفاصيل ذكرياتك معي ألا زالت تسكنك أم ثقب البعد ذاكرتك أعيريني قلبا آخر لأنساك وذاكرة جديدة لأتخلص من بقاياك أقنعيني أن الوجع سيزول وأن الجرح سيندمل وأن ثمة في الحياة أكوام فرح تنتظرني انتشلي جثث الحزن من صدري.. اكنسيه منك ومن بقاياك فلم يعد بي طاقة لحزن أكبر.. عودي أصابعي التي اعتادت على الكتابة إليك أن تكتب لغيرك.. عتقي رقبة فرحي وانفضي الغبار عن سعادتي ثم اغربي عن وجهي أقرضيني المزيد من الدموع لأبكيك وأطلق آهاتي المسجونة بين أضلعي.. عوضيني عن السهر والفقد واللوعة.. عن خسارتي الفادحة لأجلك.. أسنديني لأقف من جديد فلم أعد أقوى على الحركة ولم تعد قدمي تحملني.. حينها.. أسلكي طريق الرحيل ولا تلتفي خلفك أبداً..