أختي الغالية .. ُرقى ماذا أقول عنك بعد أن ختم الشيخ الفاضل إمام المسجد النبوي الشريف الشيخ صلاح البدير الركعة الاولى من صلاة الفجر قبل الصلاة عليك بقول الحق سبحانه ( )يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي () صدق الله العظيم ... فلن أجد ما أبدأ به حديثي عن سجاياكِ أحسن من هذا أبداً. رُقى ... وهي الكنية التي كان يناديك بها الوالد رحمة الله عليه , و أنتِ أهلٌ لهذه الكنية وقد تربيت وعشت وترعرعت في كنف تلك الجامعة «جامعة الشيخ حمدان» التي ربتنا تربيةً اسلامية ً خالصةً بالتعلق بالمساجد وحفظ كتاب الله والصلاة على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم , والعلم والمعرفة والتحصيل. لكن الحقيقة التي لا مفر منها هو الطريق الذي يسلكه الكبير والصغير إنه الفراق... إنه الرحيل من دار الفناء إلى دار الخلود , رحلت وغَيّبَ الموت بهجة قلبي ونور عيني. أختي الغالية .. إن رحيلك هذا أثّر في وجداني كثيراً , فقد تربينا منذ الصغر كقلب واحد وروح واحدة ولقد أثَار رحيلك كثيرا من الذكريات... رُقى... وأنتِ ذات الخلق الرفيع والأدب الجَّم البارة بالوالدين والمحبة لإخوانها كيف انساكِ ؟وأنتِ تقبلين يدي و رأسي وعندما كبرتِ وتزوجتِ ابن عمي وابن خالتي وأخي يوسف , لم تتغير هذه الطريقه أبداً وحتى قبل سفركِ بأيام وأنتِ ترددين لا تنساني من الدعاء , وتستمر الذكريات واللحظات الجميلة. فلقد حضرت يوماً لوالدي وعندها نادى بصوت حنون : « يا رُقى هذا سيدك خَلف أتى», فأقبلتِ وقبَّلتِ يد الوالد ورأسه وفعلتِ ذلك معي وهو يردد «رحمة الله عليه»: «الله يخاوي بينكم» ،واذكر والدتي رحمها الله عندما تحضر اليها اخواتي تتصل بي لتخبرني بذلك وتطلب مني الحضور وتكون في غاية السعادة والهناء. جميله يا رُقى وأنتِ صغيرة ... جميلة يارُقى وأنتِ كبيرة ...وكنتِ القلب الحنون بعد وفاة الوالدين وعندما ازوركِ لا تعلمين ماذا تفعلين وماذا تقدمين وتقولين لي بالحرف الواحد انتبه لصحتك. رُقى... لم انسكِ ولن أستطيع ان أنساكِ ، إني أرى في وجه ابنتي (كِنَتك) مدى تأثرها بفراقك. رُقى... إنما يُطمئنني و يطمئن كل مُحب , أنكِ ستكونين دائماً الغائبة الحاضرة فقد تركتِ بصمتك و رَبيتِ أبناءك تربيةً اسلاميةً صحيحةً , فمنهم الأستاذة (منى) خادمة العلم والكاتبة الصحافية التي تخدم دينها وتبرز أهمية الوطن ومناصرة ولاة الأمر ، ومنهم (الدكتور محمد)الطبيب الاستشاري الناجح و (عبدالله) المربي الفاضل و الدكتور(علاء) الأستاذ الجامعي الحافظ لكتاب الله ,الذي يؤم المصلين بصوت شجي , ولا أنسى عندما أهديتني شريطاً من تسجيلاته , ومدللتها أخر العنقود (روان) التي استحوذت على النصيب الاكبر من الرضا و الحنان , سلكوا ونبعوا من تعليماتك وتوجيهاتك أدباً وحشمةً وتقديراً , أما مدى إخلاصكِ وتضحيتك لزوجك الغالي المُربي الكبير رفيق دربي الأستاذ يوسف عبدالله , والذي تحرصين كل الحرص أن تكوني زوجة مخلصةٌ مطيعةٌ له , وقد لاحظنا ذلك في الحضر وفي السفر.حفظهم الله جميعاً وأعانهم على برك بعد وفاتك كما كانوا بارين بك في حياتك . رُقى ... لقد مرت علينا أنا وأسرتي والذين يعلمون مدى حبك لهم وحبنا لك , أن الامتحان الحقيقي للمحبة , لا يظهر إلا عند فقدان الحبيب , أنتِ الحبيبة. يا رب إن هذه أمَتك , قَدِمت إليك وهي ترجو رحمتك , فاستقبلها بعطفك ولطفك وعظيم كرمك , ويا رب ألهِم ذويها ومحبيها الصبر و السلوان و اجبرهم في مصابهم ... إنا لله وإنا إليه راجعون. اللواءخلف بن حمدان علي الغامدي