أنتِ لست لي، ولم تكوني في يوم ما لي.. أنتِ لغيري، وأنا لغيركِ..بعد كل هذه السنين.. نرجع ونرجع الحب القديم.. نرجع بعد ماذا.. بعد ما غيرتنا السنين.. نرجع نتذكر عشقاً كان قديماً.. عشقنا يا سيدتي عاش محلقا.. في سماء الأحلام والأمنيات.. ولم تطأ قدمه الأرض التي نعيش عليها.. عشقنا غريب عن الواقع لا يتقبل حياتنا.. أجمعي أحزان السنين الماضية وأحلامنا وحبنا.. ومن الطريق الذي أتيت منه أرحلي.. فلا أنا لك.. ولا أنتِ لي.. تغيرت أحلامكِ وتبدلت.. وأنا ما زلت على العهد القديم أحمل نفس أحلامي وأمنياتي.. فارق كبير بين أحلامي وأحلامكِ.. كطفل رضيع يبكي فراق أمه.. كان هو حبي لك، وكطفل ملول ملّ من لعبته فكسرها كان هو حبكِ لي.. أحلامنا المشتركة تفككت وتخالفت.. فأصبحنا غرباء.. ونحتاج وقتاً فوق سنين الماضي.. لنعرف بعضنا البعض ولنلغي السنين الماضية بما فيها من شوق وانتظار وأحلام.. هكذا كنتِ.. وهكذا صدمت بكِ.. ربما غيرت السنين ما في قلبكِ لي ولكن الموت لن يغير ما في قلبي لكِ.. هذا هو الفرق بيننا!.. مؤلم جداً أن تمشي طريقاً مظلماً وطويلاً، تتحمل فيه برد الشتاء وحرارة الصيف، تمشي ولا ترى أمامك سوى حفنة من الأحلام تسعى لها بكل جد ونشاط، وحين تقترب من النهاية تجد الطريق مسدود!.. مؤلم جداً أن تبقى في الحياة وكل أحلامك التي عشت لأجلها تنهار أمامك وليس بيدك شيء ومؤلم جداً أن تفارق الحياة وفي نفسك أحلاماً قاربت على التحقيق. سيدتي. يئست من كل شيء حين فقدت الأمل بك، لم يكن لي سوى أن أعود إلى مدينتي التي تركتها منذ سنين خلفي.. لعل قوتي تساعدني على الرجوع وإن كنت على يقين تام بأني لن أكمل طريق العودة ربما يؤلمك خيبتي وهزيمتي ولكن.. لا تسألي عني.. فالجواب سيكون سيئا بكل الأحوال.. فقط أذكري لمن يشاركونك الضحكة بأنه عاش مخلصاً ومات مخلصاً.. وأنك لو فتشتي في قلوب البشر لن تجدي حباً صافياً كحبه! سيدتي.. إن أوجعتك حروفي هذه فسامحيني.. فقد أوجعني الزمن كثيراً وأبكاني بعدد تفكيري بك.. أعترف بأن الوصول إليك صعب كما كان الوصول لي من غيرك، تنازلت عن أشياء كثيرة في حياتي لأفوز بك وفاز بك غيري دون تنازل، ربما حكاية حبنا لا تعني شيء كثيراً، كأم تحكي حكاية لابنها حكاية قبل النوم، الأم لا تعنيها الحكاية ولا بأس من تكرارها، والابن تفتح له آفاقا كثيرة لينام على أذرعتها.. سيدتي.. الحروف في قلمي لا تنضب.. وفي داخلي حكايات وحكايات كل حكاية تشبه الأخرى وكل حكاية لها نهاية مؤلمة، تعبت ورب محمد تعبت.. تعبت أرتب أحزاني وأوجاعي في حقائب السفر ولا أسافر!.. تعبت أناديكِ ولا تسمعي ندائي.. تعبت أحفر الأرض لأودع بها شعوري نحوك حتى لا تأخذك الرأفة بي.. تعبت أكذب على الآخرين حين يسألوني عن وحدتي، تعبت أمشي في طرق غريبة علي لا أعرف إلى أين تقودني.. حبك شيء كبير في حياتي أحتويه ولا يحتوني.. فحين رفضتي حبي، لم تعلمي أنني رفضت حبي لغيركِ، فأنا أرفض أن أموت على رصيف بابك وأرفض أن أكون على هامش حياتك. يا أنت هل تعلمين حجم الوجع الذي يتزاحم داخل صدري؟ هل تدركين كم سنة أحتاج كي أنسى حبي وصدقي ووفائي؟ هل تدركين كيف يكون وقع سكين الغدر على شخص غافل لم يتوقع أن يصاب من شخص كان القلب ونبضه؟.. هل تستوعبين معنى أن تمر عليك الساعة كعام وأنت تنتظرين شخصا تتيقنين أنه ضل الطريق إليك ولو كنت تدركين كل ذلك ما طعنت ورحلت، أطلقت قدميك مع الريح وانتعلت الغياب، يا لقوة قدرتكِ على النسيان أعيريني شيئا منها حتى أستطيع النهوض من جديد، أخبريني بمقادير الغياب حتى أصنع لك كعكة الرحيل، أخبريني أن هناك غيري يغرف لك من الكلمات أجمل من كلماتي. علميني وصفة النسيان السرية لأنساك، علميني كيف تضعين خنجر الغدر في القلب لأغدر بقلبي إن كان ظن كذبك صدق، أقرضيني شيئا من غدرك لا لأغدر بك بل لأستل سكين غدرك من صدري وألقي بها بعيدا عني، لم أدخر صبرا لكل هذا ولم يكن بحوزتي غطاء يدثرني من الألم والحزن والوحدة والخوف، لم أخبئ أقراصا تقاوم صداع الصدمة في جيبي، أشعر بالدوار وقدمي لا تستقر بي في مكان أوجعني حبك كم أوجعني غدرك، ورغم كل هذا.. فمكانك فارغ لا يملؤه سوى الألم والحزن ولن يملؤه أحداً بعدك. فمن قال بأن الإحساس لا يخطئ كاذب فقد أخطأ إحساسي بك حين منحك بياضا لم تستحقيه حين قال لي إنك الأرض الطيبة التي سأغرس فيها فسائل الفرح طيلة عمري!.. حين همس إليّ أنك الأنقى والأجمل شعورا، حين جعلني أخالف عقلي وأطلق العنان لقلبي يحركني كيفما شاء، ونسيت عزة الرجل الشرقي وكرامته، نسيت وصايا أمي وكلمات جدتي، نسيت أن الحياة لا تصفو وأن البشر كالذئاب، نسيت أنك تملكين عقاقير سامة سوف تغرسينها في روحي. أنا الآن أكتب لا لتقرئي ولا لتعودي، ولا لأني اشتقت إليك فالمؤمن لا يلدغ من جحره مرتين!.. أنا أكتب في محاولة بائسة لعلاج روحي، لانتشالها من وحل الظلم، لخلع ثوب الخيبة منها أكتب لأداوي جرحي، وأجد جدارا أستند عليه فقد هدتني الخيانة وقصمت الخيبة ظهري فأنا لا أكتب بعثرة لمشاعري!..