على الرغم من سهولة التقاط الصور عبر الكاميرا الرقمية أو الهواتف المحمولة، إلاّ أن البعض لا يهتم كثيراً ب"أرشفة" الصور قديمها وحديثها في "الألبومات العائلية"، باعتبارها الذاكرة التي توثّق أجمل وأغلى لحظات حياتنا، والتي لا يفوتنا العودة إليها بكل حميمية بين وقت وآخر. ويُعد وجود"ألبومات" الصور اليوم نادراً إلاّ في بعض المناسبات كالزواج أو حفل تخرج، حيث أسهمت التقنية الحديثة -خاصة أجهزة الإتصال والجوال- في إلغاء ما يُسمى بالتصوير الشخصي أو العائلي، بل أصبح جمع و"أرشفة" الصور من العادات القديمة التي لا يهتم بها أحد، ومع ذلك لازال هناك من يهتم بجمع أفراد الأُسرة، ثم التقاط صورة تجمع الكبير والصغير، وحفظها في "ألبوم" خاص، لضمان بقائها، وحتى تكون وثيقة تاريخية لأفراد الأجيال القادمة. وتأخذنا بعض الصورة القديمة إلى روح الزمن الجميل، والأماكن والشوارع، وكذلك بساطة الناس وهو ما يعكس دفء الترابط في زمن الآباء والأجداد الذين رحلوا عنّا، وبقيت صورهم ترسم وجوههم في ذاكرة الأحفاد، مما يؤكد أهمية الحفاظ على صورنا بعيداً عن "ذاكرة الهاتف"، الذي ربما تعرض إلى التلف، لضمان وصولها إلى كل فرد من الأسرة مُستقبلاً. الصورة توثّق براءة الطفلين محمد وعبدالرحمن سحب الصور وقالت "نورة الشبل" -إعلامية-: على الرغم من سهولة التقاط الصور وازدياد رصيدنا المصور بشكل لافت، إلا أننا لم نعد حريصين على "أرشفتها" ضمن ألبومات العائلة أو على الأقل حفظها بشكل أمن، مضيفةً أن أفراد الأُسرة يمتلكون الكثير من الصور الخاصة بهم في أجهزتهم، لكنهم لم يهتموا بأرشفتها أو جمعها، مؤكدةً على أن الأمر متروك حتى الآن للصدفة، مُشيرةً إلى أنها كأم حريصة على الحفاظ على هذه الصور التي توثق أجمل وأهم الذكريات، حيث تعمل على تنزيلها وسحبها من أجهزتهم بشكل مستمر ودوري، خوفاً من فقدان أحدهم هاتفه، كما لا يفوتها الكتابة على ظهر الصورة الوقت والمكان وبعض التفاصيل الخاصة بأحداث الصورة. ذكرى حارة الطفولة بقيت راسخة في نفوس الأطفال وأوضح "ماجد المنيع " -مصور فوتوغرافي- أن المجتمع يفتقد كثيراً من اللحظات عندما نهمل جانب الأرشفة للصور، فالحاصل حفظ نسخ رقمية دون طباعتها أو على الأقل حفظ نسخة احتياطية في مكان آخر، خاصةً عند استعادة الذكريات، حيث نرغب بشدة مشاهدة صور تلك الفترة من الزمن، مضيفاً أن إهمال التصوير أو الأرشفة يدعو للندم مستقبلاً، مؤكداً على أن أفضل طريقة لحفظ الصور العائلية هي طباعتها ورقياً، فهي أكثر أماناً وأجمل عند التصفح. مخزون هائل وذكرت "عبير المسعودي" أن سهولة التصوير اليوم أتاحت أمامنا الكثير من الإمكانات والفرص لاقتناء مخزون هائل من الصور الشخصية والعائلية، فالتصوير اليوم بوجود كاميرا الهاتف سهّل علينا توثيق أي لقطة جميلة أو مضحكة أو عفوية، أو حتى التقاط أصعب وأدق اللحظات، معترفةً أنها لم تفكر حتى اليوم في أرشفة الكثير من الصور التي تحتفظ بها في أجهزة هواتفها، على الرغم من كونها تؤمن كثيراً بأهمية أرشيف العائلة، مضيفةً:"قبل أيام كنت أشعر بالحنين لمشاهدة بعض الألبومات القديمة، والتي أستمتع كثيراً في مشاهدتها واستعادة ذكرياتي الجميلة، سواء مع من نحبهم أو حتى من فقدناهم"، مُستغربةً كيف كان هناك حرص كبير على التصوير قديماً رغم صعوبته، وأيضاً رغم قلة البرامج الإلكترونية المعالجة للصور. ملامح الصورة أظهرت بساطة التعبير عن مشاعر الماضي «أرشيف الرياض» وأشارت إلى أن الألبومات القديمة تحمل قيمة جمالية تفوق ما نشاهده اليوم من صور فقدنا طبيعتها وعفويتها لمبالغتنا ببرامج "الفوتشوب" والتعديل غير المبرر، مبينةً أن إحساسها وهي تقلب الصور القديمة والقليلة يختلف كلياً عن ما تشعر به وهي تقلب الكم الهائل من صور هاتفها وحاسوبها، موضحةً أن التقنية خدمتنا إلاّ أنها جعلتنا نتساهل في الحفاظ على الأرشيف العائلي المهدد بالفقد والضياع. أرشيف العائلة حفظ وجوه الزمن الجميل برنامج انستقرام وأكد "محمد التويجري" على أن أهمية أرشفة الصور الشخصية أو العائلية تختلف حسب وجهة نظر الأشخاص، فمن كان حريصاً على أرشفتها والمحافظة عليها سينعكس ذلك على الصور التي يلتقطها باهتمام وحرفية، خاصةً تلك التي تتعلق بحدث مهم في حياته أو في حياة أُسرته، مضيفاً أنه سيجتهد كثيراً في الحفاظ عليها وأرشفتها بطريقة آمنة، مبيناً أن أصحاب الصور العشوائية من الطبيعي أن تكون أرشفة صورهم هي آخر اهتماماتهم، مشيراً إلى أننا لم نُحسن استخدام بعض البرامج الخاصة بالصور، فعلى سبيل المثال تحول "الانستقرام" إلى معرض يضم ما نلبس وما نأكل، وليس توثيق صور لها قيمتها الجمالية، معترفاً أن عدد الصور الكبير الذي نمتلكه أفقدنا القدرة على أرشفتها، ذاكراً أن التطور الحاصل في التصوير رافقه أيضاً تطور في آلية الأرشفة. وأضاف: أحرص على مواكبة التطور الخاص بأرشفة الصور من خلال إنشاء بعض ألبومات الصور الرقمية ومقاطع الفيديو، لافتاً إلى تفضيله استخدامه للكثير من البرامج التي تضفي على الصورة بعض التأثيرات الجمالية. عبير المسعودي تصوير هاتف وأوضحت "تهاني" أنه على الرغم من حرصها كثيراً على مميزات "كاميرا" الهاتف عند شرائه، وتأكدها من وجودها في حقيبتها في المناسبات الهامة، إلاّ أنها مع ذلك لا تملك أي ألبوم يجمع تلك الصور، بل لم تطبع أي منها، مضيفةً أنها أفادت من وجود تطبيقات وبرامج الألبومات في هاتفها وجهاز حاسوبها، وحفظت ونسخت كثيراً من الصور قبل وبعد التعديل في أكثر من ذاكرة خوفاً من فقدانها. وتأسفت "أم أحمد" على كونها فقدت صور"بنتيها" التوأم، بعد أن اختفت من جهاز هاتفها، حيث لم يعد لهن أي صور توثق عامهن الأول، حتى تلك التي كانت قد أرسلتها لشقيقاتها وصديقاتها لم تجد منها إلاّ القليل، مضيفةً أن اعتمادها على تصوير الهاتف الجوال وعدم طباعة الصور، أفقدها أغلى وأجمل صور لهما، مبينةً أنها تجد متعة كبيرة في التصوير، خاصةً في تصوير أبنائها الذين أنشأت لكل منهم ألبوماً مليئاً بالصور، إضافةً إلى ألبوم آخر خاص بالأسرة، مشيرةً إلى أنه عندما أنجبت ابنها الكبير الذي يبلغ من العمر (14) عاماً، اشترت "كاميرا"، حيث لم تفوّت التقاط أي لحظة جميلة ومميزة له. محمد التويجري وثيقة تاريخية وقالت "سلافة الفريح" -فنانة فوتوغرافية ومدربة تصوير ضوئي-: تُعد الصورة العائلية وثيقة تاريخية تزيد قيمتها كلما مر عليها الزمن، إضافةً إلى بُعدها النفسي والأسري والاجتماعي، فإذا نظرنا إلى صور فترة الستينات مثلاً نجد أنها تأخذنا إلى روح ذلك الزمن الجميل، حيث الأماكن والشوارع التي طمست ملامحها الآن، وكذلك بساطة الملابس والأثاث الذي يُعد حالياً من التحف والمقتنيات النادرة، مضيفةً أن الجميل أيضاً أنها لا تخلو من وجود أبناء الجيران وكأنهم جزء من الأسرة، وهذا يعكس دفء الترابط في زمن الآباء والأجداد الذين رحلوا عنا وبقيت صورهم ترسم وجوههم في ذاكرة الأحفاد الذين لم يلتقوا بهم، مبينةً أن الصور الثمينة التي تُحفظ في ألبومات عميد الأسرة يتنافس الجميع على اقتنائها، ذاكرةً أنه في الوقت الحالي مع وجود "الكاميرا" بيد الطفل قبل الكبير ظهرت عشوائية أرشفتها، وهو ما قد يؤدي إلى ضياعها بضياع الهاتف الجوال دون الاهتمام بحفظها أو أرشفتها، مؤكدةً على أن الصور العائلية تختلف أهميتها بحسب ثقافة الناس ووعيهم بضرورة وجود صور تحفظ تسلسل الأجيال. معرضة للتلف وأكدت "سلافة الفريح" على أن وجود ألبومات الصور المطبوعة أصبح نادراً إلاّ في صور الزفاف؛ لأن التصوير الشخصي أو العائلي مع استخدام التقنية الحديثة بات مبعثراً في الهواتف المحمولة عند هذا أو ذاك، مضيفةً أنه قلّما نجد الشخص الذي يهتم بجمعها وأرشفتها في ألبومات عائلية لأسباب عديدة أهمها؛ الجهل بقيمة الصور، كذلك كثرة الصور العشوائية وصعوبة فرزها، وأيضاً الاطمئنان بأنها محفوظة الكترونياً وهذا غير صحيح، فهي معرضة للتلف لأي سبب، إضافةً إلى الاعتقاد السائد أن طباعة الصور يتطلب الذهاب للأستديو؛ ناصحةً باقتناء طابعة صور منزلية في كل بيت للحفاظ على خصوصية العائلة وأعراض النساء، حيث إن أمر الطباعة سهل جداً ويمكن تعلمه في خطوات بسيطة مع اختيار نوعية ورق خاص بالصور، إلاّ في الصور الاحترافية التي تتطلب تعلم برامج معالجة الصور في "الفوتوشوب" و"اللايت روم" وغيرها، أو الاستعانة بصديق.ونصحت كذلك بتكليف شخص مُحب للتصوير في الأُسرة يجمع الصور المتفرقة من الهواتف المحمولة بشكل دوري، ويحفظها في ملف واحد يندرج تحته عدة ملفات للصور بحسب التواريخ والمواضيع، ثم تصنف الأجمل منها وتوضع في ألبوم خاص للطباعة، وتطبع ورقياً وتحفظ في خزنة العائلة، لافتةً إلى أنه بعد سنوات تتحول اللحظات الجميلة إلى وثائق تاريخية تُجدد العلاقات وترسم الابتسامات.