المسؤولية الأدبية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان قيمة يحتم الالتزام بمضمونها اتساقا مع المنطق بكل ابعاده، في حين ان المجتمع الدولي وبكل اسف مازال يحابي المتنفذين، فما يلبث ان يرزح المنطق تحت وطأة التجاهل والإعراض في مواقف من الوضوح ما يبرز فيها الطرف المعتدي والمعُتدى عليه، وماطفق الغرب مبدلاً إزار الديموقراطية التي يتشدق بها ليل نهار لتدق آخر مسمار في صدقيتها بإزار فضفاض يتسع لاحتمالات تنبري لها عوامل الالتفاف على الشعور المخجل بالذنب ومحاسبة الضمير الذي لم يجد ما يستره فكانت النتيجة الخروج عن النص بافتعال تشوبه الريبة. أي إن الرهان على السيناريوهات المعدة سلفاً لم تعد توافق رغبة الجماهير، بقدر ما يحتويها النص التلقائي الخالي من التزييف والتضليل، وفي تلك الحال فإن العقل يمسي رهناً للشكوك والتخرّصات ومكبلاً بالهواجس وسوء الظن الذي ما برح ينخر في سلامة النية وصدق التوجه، فهل يجيز العقل والمنطق التعسف والكيل بمكيالين على هذا النحو؟، ألا يدعو الأمر للغرابة؟ هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن التباين في المعطيات وفقاً لازدواجية المعايير بهذا الخصوص يسهم ولاريب في إفراز الآثار السلبية طبقاً لهذه المعادلة المفتقرة للاتزان، فإرادات الشعوب لا تخضع للمراهنات والمزايدات، بقدر ما يوفر لها الاحترام قيمة طبيعية تستحقها. واحترام هذه الإرادة ينبغي أن يصاحبه حسن النية، وحسن النية يفرض المنطق المتعقل المتزن إزاء فرض الرؤى بصيغة عادلة وفاعلة. فيما تكتنف هذه الصيغة وفق استقراء الواقع وبكل أسف عمليات جراحية تجميلية تهدف إلى خنق المضمون مع بقاء الشكل كإيحاء رمزي ليس إلا، أي إن هذه الصيغة تكون من الوضوح بمكان حينما ترتبط بمصالحه في حين ان غياب التدخلات الجراحية اللازمة في بعض المواقف باتت تدعمه تفسيرات وتنبؤات لا تتكئ على منطق، فضلاً عن انتقاء حسن الظن الملهم لكل توجه خلاق. إن الوقت قد حان للإدارة الدولية لبسط النفوذ المنطقي والموضوعي لكبح جماح التسلط والاستبداد وبموجب الالتزام الأدبي والأخلاقي تجاه منح الشعوب حقوقها المعنوية والاعتبارية التي تحفظ لها سلامها وكرامتها من خلال المعايير المنصفة، إن صيانة الأخلاق وحمايتها وفق المعايير المتسقة مع المفهوم الذي يحقق أعلى مستوى من درجة الحماية والأمان مرهون بتحقيق الإنصاف والعدل في العلاقة فيما يسهم غيابهما في انتفاء تحقيق المصالحة مع الذات وهذا مدعاة لنشوء صراع مرير بين ما يقره المرء من ناحية ويلتف عليه من ناحية أخرى مهما بلغت حرفية التبرير في تحوير المسار، العالم من حولنا ينوء بكمّ وافر من هذه المشاهد، فغمط هنا وظلم هناك، ويظل الرهان على تحقيق المصالحة مع الذات متوقدا ولا يهدأ، فهو وإن بدا في الظاهر غير مؤثر فإنه بمن يستشعره لا يفتأ أن يتحول مستفزا عنيدا لا يكل من إبراز الحجة كلما حل الظلام وخلا الى نفسه ومهما حاول التجاهل والنسيان وطي هذه الصفحة، الضمير اليقظ لايمل من المكاشفة مهما حاولت التبريرات أن تغطي هذا الجزء لأنها وبكل بساطة تفتقر إلى المنطق وبالتالي فإنها تستعصي على التغطية، إن أقسى ما يعانيه صاحب الفكر السليم والعقل الراجح هو سطوة الانحياز التي ما برحت ترهق الجميع، بل إن مرارة الشعور بهذا الأمر تكون ايضا قاسية على من يملك النفوذ قياسا على ما أسلفت، ولاشك ان اصلاح المسار يتطلب مهارة عالية ومرونة في تحقيق الانسجام، ولا يتم هذا الأمر بطبيعة الحال إلا من خلال بسط العدالة بكل ما تعنيه من حفظ للحقوق في رتباط وثيق للأدب بالإحساس واقترانه بطبيعة الحال مع الأخلاق، وحينما يكون المستوى رفيعا فإن هذا الرقي سينعكس تلقائياً على درجة الإحساس التي بدورها ستعلو في ضوء الأدب الرفيع فتؤثر النتيجة الإيجابية الخلاقة لتشكل مزيجاً فاعلاً في دفع القوة المعنوية نحو المصالحة مع الذات وراحة للضمير، ولاشك ان الحوار يعد محور الارتكاز واللاعب الأبرز الذي يستطيع أن يحقق النتائج الإيجابية من خلال تفهم وجهات النظر وقراءتها قراءة متقنة تراعي الاعتبارات المختلفة والإحاطة بمعطيات المراحل ومتطلباتها وهذا ما يتمناه الجميع ويعيش من أجله الجميع بدون تحيز مخلٍ ومواربة مملة، وهذه من أهم ركائز صناعة السلام المنشود. رسالة الى الضمير اليقظ اليك أيها الضمير يامن لا تهدأ ولا تستكين لتؤازر الحق المبين، يستهويك الصفاء تعشق هدوء العاقل وتمقت تهور الجاهل، وتقف صلباً شامخاً لتحقيق التوازن السائل بين تطبيق القيم وتمرير المصالح. قد تغيب تارة بيد أنك لا تختفي، يرغب البعض في إقصائك في تهميشك غير أن الجوف دارك، تحسن وخز من تجرأ وتستر ما تعرى، كنت في وجه المخالف نداً وللأشرار سداً، كم أجهز النبوغ فيك؟ على شقاء مستبد كم توارى خلف إيحائك؟ بؤس طفلٍ كاد يفقد طرفاً كاد يعدم بصراً كاد يقضي عمره فوق كرسي متهالك.عندما تنهمر دموع البؤساء تستثير النبل فيك حين تسمع أصوات الضعفاء لا يكلّ العزم منك، تجول في الخواطر تستنهض المشاعر، بيد أن العاطفة الهوجاء ترغب في تحجيمك في تحطيمك في النيل من تأثيرك، لا لن تخور قواك، والعقل المدبر لم ينساك لم تزل للنضج شريانا ولم تزل للحق عنوانا في اتكاء على قيم نبيلة. حينما يفقد الأب فلذة كبده جراء أخطاء مقصودة لا تغتفر، ومآسي من صنع البشر يلتهم القهر شيئاً من بصره ويأكل الهم جزءاً من كبده وخيوطاً متشابكة تحفرها الآلام على وجنتيه حتى لتخاله متخطياً عمره بمراحل حين منحه الحزن سنين بالجملة ساهمت في تغيير ملامحه في لحظة بؤس عابرة. لله درّك أيّها الضمير اليقظ فأنت من قيّض الله لك قوة التأثير وملامسة المشاعر لتهذيب العقول وتحديد الميول، فخذ من الطاقة ما يعزز من اداء دورك الخلاق بت دوماً شامخاً تزهو فرحاً كلما ازداد عدد الشرفاء.