لم تكن وسيلة تنفيذ بعض أحكام العقوبات التعزيرية كافية في ردع بعض المخالفين فكراً وسلوكاً، وتحديداً ممن يُقدمون على ارتكاب بعض الجرائم الأخلاقية ومن أهمها جريمة "التحرُّش" و"الابتزاز"، فكان لا بُدَّ من إعادة النظر في أساليب تنفيذ الأحكام التعزيرية بشكل يُسهم في ردع وتخويف كُلَّ من تسوِّل له نفسه ارتكاب بعض الجرائم التي تُخالف الدين، وتؤثِّر سلباً على أمن الوطن، وحفظ حقوق الآخرين واحترامها، وبالتالي فإنَّه لا بُدَّ من اعتماد طريقة مناسبة تكفل تصوير العقوبات التعزيرية التي تصدر بحق المخالفين عبر التقاط الصور لهم لحظة تطبيق الحكم عمليَّاً ونشرها عبر الصحف ووسائل الإعلام بدون ذكر الأسماء؛ وذلك كوسيلة لخلق الرادع القوي في نفس كُل مخالف للنظام والقانون، وحتى يكون هناك تفكير كبير قبل الإقدام على بعض الجرائم مع تطبيق ذلك على كافة من يقدم على مخالفة النظام ويرتكب الجرائم دون استثناء لأحد. ولكن هل من الممكن أن يُسهم تصوير العقوبات التعزيرية في الحد من الجرائم، خاصَّة الأخلاقية منها؟، وهل لا بُدَّ من اعتماد هذا الأسلوب في أصل الحكم بالعقوبات التعزيرية؟، أم يُترك الأمر برمَّته للقاضي ليُقدِّر ذلك عبر ما يجده مناسباً ليُطبَّق كعقوبة بحق المخالف ومرتكب الجرم؟. تصوير الجاني ورأت "هنادي إسماعيل" أنَّ تصوير الجاني الذي يصدر بحقه حكم تعزيري يُعدُّ من أهم الخطوات التي لا بُدَّ من اتِّخاذها، خاصَّةً في الوقت الحالي الذي كثر فيه هذا النوع من الجرائم وتحديداً الأخلاقية منها، ومن ذلك ما يتعلَّق بقضايا التحرُّش بالفتيات في الأسواق والأماكن العامة، مُضيفةً أنَّ العديد من هؤلاء أصبح لديهم من الجرأة ما يكفي لدفعهم إلى لمس فتاة أو الاقتراب منها والتحرُّش بها أمام العامَّة دون خجل أو وجل، مُشيرةً إلى أنَّ ذلك يدل على أنَّ هناك شعوراً بعدم وجود الرادع القوي الذي يكفي لالتزامهم بالنظام واحترام حُريات وحقوق الآخرين، لافتةً إلى أنَّ النظام لو كان صارماً بما يكفي فإنَّه لن يتجرأ أيّ شاب على التحرُّش بفتاة وهو يعلم كُلَّ العلم أنَّه سيتمّ نشر صوره أثناء نيله العقاب الذي يستحقَّه. وأضافت أنَّ العديد من أفراد المجتمع بحاجة لوجود ما يجعلهم يأخذون العبر؛ ليشعروا بقيمة احترام الأنظمة واحترام الآخرين أيَّا كانت سلوكيَّاتهم، فليست العبرة في وجود بعض الأشخاص الذين يبدو عليهم الانفتاح أو عدم الالتزام بالمظهر اللائق، بل إنَّ ذلك يكون في وجود الرادع الكبير الذي لا بُدَّ أن ينبثق من فكرة الصرامة في تطبيق العقوبات. وسيلة تنفيذ بعض الأحكام لا تزال مستترة رغم أن الجُرم يستحق التشهير مثل التحرش بالفتيات شباب مراهق وأوضح "حسام الفهد" أنَّ في التشهير بالجاني الذي صدر بحقه حكم تعزيري قسوة كبيرة، خاصَّة حينما يتمّ تصويره ونشر تلك الصور أمام الجمهور، مُشيراً إلى أنَّ في ذلك تشهيرا به وبأسرته التي لا تتحمل أبداً سوء سلوكياته وتصرفاته، مُوضحاً أنَّ عملية الردع تتأتَّى عن طريق تطبيق العقوبات اللازمة مع اتّخاذ إجراءات أخرى تكون كفيلة بتخويفه ومنعه من الإقدام على فعل ذلك الجرم مُستقبلاً، لافتاً إلى أنَّ الإشكالية تكمن في أنَّ الكثير مِمَّن يرتكبون المخالفات سواءً التحرُّش أو التعدِّي على الآخرين أو تخريب المُمتلكات العامَّة هم من فئة الشباب المُراهق الذي قد لا يكون وصل لسن ال (20) عاماً، وقد يدفع ثمن تلك الممارسات بعقوبات تعزيرية، ولكن حينما يُشهَّر به عبر تصويره في وسائل الإعلام فإنه قد يتوب ويُغير مسار حياته ويصبح مواطناً صالحاً، ومع ذلك فإنَّ المجتمع قد لا ينسى أبداً ما أقدم عليه من جُرم وقد يتأثَّر مستقبله نتيجةً لذلك. توبة الجاني وشدَّد "الفهد" على ضرورة أن يرتقي المجتمع في فهمه للعقوبات وأن تُخلق مساحة فضفاضة للتسامح وتقبُّل الآخر بعد التوبة من الخطأ، وأن يدفع ذلك أفراد المجتمع الذين كانت لهم سوابق في مخالفات وجرائم أيَّاً كان نوعها إلى أن يتحوَّلوا إلى أفراد مقبولين من المجتمع، خاصَّة أن الغالبيَّة من هؤلاء هم من الشباب الذين قد يمرون بحالات يختل فيها لديهم تقدير معيار الصح من الخطأ، فالنضج غير موجود لديهم، وبالتالي فإنَّهم يحتاجون إلى خوض التجارب المختلفة في الحياة؛ حتى يفهموا ما يمكن أن يصب في مصلحتهم، ويتعلموا كيف يكونوا أفراداً صالحين في المجتمع، خاصَّة أنَّهم قد لا يتحمَّلون بمفردهم تلك المُخالفات، بل إنَّ البيئة الاجتماعية التي جاءوا منها لها دور كبير في تحميلهم ذلك القدر من الاستهتار واللامبالاة وعدم احترام حريَّة وخصوصيَّات وحقوق الآخرين. وأضاف أنَّ العديد من الفتيات يتحمَّلن جزءاً كبيراً من مسؤولية الأخطاء التي قد يرتكبها بعض الشباب تجاههنّ، مُشيراً إلى انَّه في الوقت الذي تتعرَّض فيه فتاة بعينها للتحرُّش المُعلن الصريح، فإنَّه يوجد هناك فتيات أُخريات لا يتعرَّضن لمثل هذا التحرُّش، لافتاً إلى أنَّ ذلك يدلّ على أنَّ هناك أخطاء في سلوكيات بعض الفتيات قد تدفع الشباب إلى تجاوز حدود الأدب والاحترام معهن، داعياً إلى إيجاد أساليب ردعٍ مُماثلة بحق هؤلاء الفتيات ولكن بطريقةٍ تتناسب مع طبيعة الفتاة، مُبيِّناً أنَّ هناك من الفتيات من تعتقد أنَّه لا يوجد من يحق له أن يحاسبها في ظلّ عيشهنَّ وسط أُسر تمنح الحرية المُطلقة دون مراعاة للعواقب، مُوضحاً أنَّ المسؤولية مُشتركة، كما أنَّ الحل يكمن في إيجاد النظام الصارم الذي يُطبَّق بحقّ الشاب والفتاة على حد سواء. نشر الوعي وأشارت "انتصار سعد" إلى أنَّ تصوير العقوبات التعزيرية هو الحل الأمثل الذي يكفل تحقيق التزام كل من يحاول أن يتجاوز القانون بارتكاب جرمٍ ما، خاصَّة بعد أن أثبتت جميع محاولات الإقناع والحوار ومحاولة نشر الوعي فشلها في هذا الشأن، مُؤكِّدةً أنَّه يجب على الجاني أن يشعر أن صوره ستكون منتشرة في كل وسائل التواصل الاجتماعي والصحف والمجلات والقنوات الفضائية، وأن يعلم أنَّه لا بُدَّ من وجود ما يجعل أيَّ مرتكبٍ للجرائم يُفكِّر كثيراً قبل أن يُقدم على ارتكاب جريمته المُخالفة للقانون، لافتةً إلى أنَّه مهما كانت الإغراءات والأسباب التي تدعو لارتكاب تلك المُخالفات فإنَّ على الشباب التفكير طويلاً قبل الإقدام على ارتكابها، وأن يعلموا أنَّ الفضيحة ستلاحقهم دائماً وقد تقضي على مستقبلهم. التحرُّش بالفتيات ولفت "يوسف الحمدان" -محام، ومستشار قانوني- إلى ضرورة وضع قانون يُلزم تصوير العقوبات التعزيرية، خاصَّة على الشباب الذين يمارسون التحرُّش بحق بعض الفتيات، مُشيراً إلى أنَّه ليس هناك شك في أنَّ الإعلام يمثل صورة من صور العقوبة في حالة إقدام بعض الشباب على ارتكاب بعض الأخطاء والمخالفات؛ لأنَّ أكثر من يتخفَّون في ارتكاب الجرائم إنَّما هم يخشون ظهورهم في وسائل الإعلام أو التقاط صور لهم، مُشدِّداً على ضرورة أن يتم اعتماد نظام تصوير العقوبات التعزيرية، حيث إنَّ النشر هنا يُعدُّ نوعاً من أنواع العقوبة ولو لم يُكتب الاسم. وأضاف أنَّ هناك بعض الاعتبارات التي لا بُدَّ أن يُنظر لها بعين الاهتمام في حال طُبق قانون تصوير عقوبات التعزير، ومن ذلك التحقق من واقعة التحرُّش وأن يكون قرار التصوير هو خيار في يد القاضي متى ما وجد ضرورة للأخذ به، مُشيراً إلى أنَّ القرار يجب أن يخضع لما يراه القاضي، فيُمكنه الاكتفاء بعقوبات التعزير فقط، مُوضحاً أنَّ التحرُّش هو جريمة قد لا تتعلق بالشباب فقط، إذ إنَّ هناك من الفتيات من تدفع الشباب للتحرُّش بها إمَّا عن طريق ملابسها التي ترتديها أو في طريقة حجابها التي قد تُخالف الحجاب الشرعيّ أو بلين القول والكلام الذي تقوله للشاب. مسؤوليَّة الفتاة وبيَّن "الحمدان" أنَّه لا يرى أن يتمّ تطبيق العقوبات التعزيرية بحق الفتاة، بل لا بُدَّ أن يكون هناك رأفةً بها؛ لأنَّها تختلف عن الشاب الذي يبقى طوال اليوم خارج البيت وقد يمارس تلك الأفعال بشكل مستمر طيلة يومه، في حين قد لا تشارك الفتاة في تلك الأفعال بشكل دائم، وبالتالي فإنَّه لا بُدَّ من الرأفة بها ومراعاة طبيعتها كفتاة، مُشدداً على ضرورة استخدام أسلوب الإنذار مع الفتاة بإرسال خطاب رسمي لها ولولي أمرها من قبل من ضبط حادثة التحرُّش؛ وذلك حتى ترتدع وتعرف أنَّ هناك جهة رسمية تراقب سلوكياتها وتحذرها من تكرار تلك السلوكيات غير المقبولة. التحرش بالفتيات لا يزال بحاجة إلى عقوبات تعزيرية مع التشهير تنفيذ حكم الجلد لشاب أمام مدرسته كان رادعاً لبقية زملائه