قال الامير سعود الفيصل وزير الخارجية في مؤتمر صحفي عقده مع وزير الخارجية الاميركي جون كيري إن العلاقات السعودية – الاميركية تشهد نقاط التقاء ونقاط اختلاف، وهو أمر طبيعي في أي علاقات جادة تبحث في كل القضايا، ولفت الفيصل إلى أن العلاقات بين الاصدقاء لا تقوم على المجاملة بل ترتكز على الصراحة والمكاشفة بين الطرفين وطرح وجهات النظر بكل شفافية. إيران عليها أن تثبت حسن نواياها بالخروج من سورية.. وتأخذ معها (حزب الله) اللبناني وأشار الامير سعود الفيصل إلى أن اعتذار المملكة عن عضوية مجلس الأمن لا يعني بأي حال من الأحوال انسحابها من الأممالمتحدة، وخصوصا في ظل تقدير المملكة للجهود البناءة لمنظماتها المتخصصة في معالجة العديد من الجوانب الإنسانية والتنموية والاقتصادية والصحية وغيرها، إلا أن المشكلة تكمن في قصور المنظمة في التعامل مع القضايا والأزمات السياسية وخصوصا في منطقة الشرق الأوسط، والسبب عجز مجلس الأمن في التعامل معها، مع الأخذ في الحسبان أن مجلس الأمن لم يشكل فقط لإدارة الأزمات الدولية، بل العمل على حلها من جذورها وحفظ الأمن والسلم الدوليين. وينعكس هذا القصور بشكل واضح في القضية الفلسطينية التي تراوح مكانها لأكثر من ستين عاما، كما أن اختزال الأزمة السورية في نزع السلاح الكيماوي الذي يعد أحد تداعياتها، لم يؤد إلى وضع حد لأحد أكبر الكوارث الإنسانية في عصرنا الحالي، فضلا عن أن التقاعس الدولي في التعامل الحازم وتطبيق سياسة اخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل والسلاح النووي، أبقى المنطقة تحت مخاطر هذه القنبلة الموقوتة التي لن تنزع فتيلها مساومات التعامل مع إفرازاتها، أو مناورات الالتفاف عليها. وأوضح الفيصل أن هذه القضايا وغيرها من القضايا والاضطرابات التي تشهدها المنطقة وعدد من دولها، كانت وما زالت محور اهتمام وجهود المملكة، ومحور البحث مع الولاياتالمتحدة وجميع الأطراف الدولية الفاعلة وعلى المستويين الثنائي والمتعدد، وفي إطار مبادئ الشرعية الدولية والمواثيق والاتفاقات وأحكام القانون الدولي العام التي من شأنها وضع حد لهذه الأزمات، بعيدا عن المناورات السياسية والمساومات، التي دفعت إلى هجرة العديد من هذه القضايا من أروقة الأممالمتحدة لتبحث عن الحل خارجها. نقف أمام أزمات جسيمة لا تقبل أنصاف الحلول.. أو التفاوض إلى ما لا نهاية وأشار الامير سعود الفيصل إلى أن المملكة تدرك تماما أهمية المفاوضات في حل الأزمات، ولكن في نفس الوقت لا ينبغي أن تسير إلى ما لا نهاية، خصوصا أننا بتنا نقف أمام أزمات جسيمة لم تعد تقبل أنصاف الحلول، بقدر حاجتها الماسة إلى تدخل حازم وحاسم يضع حدا للمآسي الإنسانية التي أفرزتها هذه الأزمات، وليس أدل على ذلك من عدم قدرة النظام الدولي على إيقاف الحرب ضد الشعب السوري. مع أن الخيارات المعنوية بين الحرب والسلم واضحة وضوح الشمس، وبما لا يدع مجالا للاجتهاد بين وقفة حزم لحقن الدماء في كارثة إنسانية أو التغاضي عنها. لافتاً سموه إلى أن المملكة وأميركا منهمكتان في التعامل مع هذه القضايا بكل جدية وشفافية، في سياسة لامجال فيها للعاطفة أو الغضب، بل بتحكيم لغة العقل والمنطق، على أساس من الثقة المتبادلة في تلمس السبل الكفيلة بمعالجتها. وأوضح الامير سعود الفيصل أن الخلافات مع واشنطن تكتيكية، وأن الاتفاق حول سوريا بأن يكون (جنيف 2) الغرض منه تنفيذ (جنيف 1)، وأن لا مكان لبشار الاسد في مستقبل سوريا وأن الممثل الشرعي للشعب السوري هو الائتلاف السوري، وأضاف فيما يتعلق بالتكتيكات "لدينا خلافات وهي خلافات لا تتعدى ما هي في واقع الامر عليه، هي مجرد خلافات تكتيكية لكن لا خلافات حول الاهداف". وأكد الفيصل أنه فيما يتعلق بإيران فكلا البلدين يريد التأكد انها لا تملك الاسلحة النووية وأن هذه المنطقة يمكن إخلاؤها من اسلحة الدمار الشامل، مشيراً إلى أن الرياض تقبل وتوافق ان واشنطن لن تسمح بتطوير الاسلحة النووية في ايران. من جهته أكد وزير الخارجية الاميركي جون كيري أن العلاقات بين المملكة، والولاياتالمتحدة علاقات استراتيجية، طويلة الأمد، تتعلق بكثير من الأمور التي تخص البلدين. وأضاف كيري نعتزم أيضاً الاستمرار في العمل مع المملكة، ولدينا علاقات عميقة جداً، استمرت 70 عاماً، وسوف تستمر إلى ما لا نهاية. وأردف المملكة شريك لا يُمكن التخلي عنه، ومن الواضح أن هذا الشريك لديه آراء تخصه، ونحن نحترم ذلك، ونتطلع إلى الاستمرار في التعاون من أجل تعزيز أمننا وازدهارنا المشترك. وزير الخارجية خلال المؤتمر الصحفي وأوضح كيري أن الولاياتالمتحدة تثمن لقيادة المملكة دعمها المعارضة السورية وتحركها والتزامها القوي للحل السياسي للأزمة. وأكد الوزير الأمريكي أن الأزمة السورية لن تنتهي بالحل العسكري، وأن إعلان جنيف نص على أجنده للمفاوضات، ويستجيب للكارثة الإنسانية في سوريا، ومواجهة الجماعات المتطرفة، وتجنب المزيد من عدم الاستقرار، لذلك من الضروري أن نعقد مؤتمر (جنيف 2) بأسرع ما يُمكن بحيث يتمكن ممثلو الشعب السوري من العمل معاً على المرحلة الانتقالية في سوريا. وتطرق كيري إلى العنف في سوريا، وقال نحن نؤمن أنه كلما وصلنا إلى جنيف بسرعة بمشاركة المجمتع الدولي، فإن فرص السلام ستكون أسرع، وكلما تمكنا من جمع الامم حول الهدف المشترك بتنفيذ (جنيف 1) واعلانه الذي ينص على وجود حكومة انتقالية تتمتع بسلطات تنفيذية بموافقة الطرفين، فهذا هو اسرع الطرق واكثرها فاعلية التي يمكننا من خلالها انهاء العنف في ظل عدم وجود اي حل تفاوضي.. لذا نأمل ان نتمكن من جمع الاطراف واحضارهم للطاولة ولن يكون الصراع السوري اول صراع معقد جداً فقد شاهدنا صراعات عدة في البلقان واتفاقات اخرى وامثلة عدة عبر التاريخ وهذا هو الغرض وراء المنظمات المتعددة الاطراف، ولفت كيري إلى أنه يشارك الامير سعود الفيصل احباطه من مجلس الامن لأنه يجب ان لا تدفع المجلس اي دوافع ايديولوجية قد تعرقل جهوده من خلال حالة الاستقطاب التي تسوده لذا نأمل من ايجاد الارادة على المستوى الدولي، وأعتقد ان (جنيف 2) سيختبر حسن النية في ظل الانتباه العالمي، وسنكشف من خلاله أي الاطراف لا يرغب في ايجاد حل. «المناورات» و«المساومات» لن تنزع فتيل السباق النووي في المنطقة وأوضح الوزير الاميركي أنه أبلغ المملكة تطمينات الولاياتالمتحدة فيما يخص إيران، وأن لا شيء نقوم به في هذه المفاوضات سيغير او يعيق العلاقات الاميركية السعودية، ولذا طلب مني الرئيس أوباما إعادة تأكيد خطابه في الاممالمتحدة فيما يخص استعداده والولاياتالمتحدة الدفاع عن حلفائها في المنطقة من خلال التعاون العسكري والاستخباراتي أو أي شيء آخر، وأكد كيري في معرض حديثه عن المفاوضات التي تجريها مجموعة (5+1) بأنهم سيطلعوا حلفاءهم في المنطقة حول ما يجري وأن لا مفاجآت ستحدث خلال المفاوضات، ونأمل أن يكون الموضوع النووي منصة لمعالجة باقي القضايا. وعد وزير الخارجية الامير سعود الفيصل أن مفاوضات (5+1) مبنية على حسن النوايا وأن هذا يتطلب ان تقوم بالاشياء التي تؤثر ايجاباً في المفاوضات، وأضاف اعتقد ان ذلك سيقوي الطرح الذي تطرحه الدول الخمسة زائد واحد على ايران لو شمل التواجد الايراني في سوريا، لأن هذا دليل قاطع للدول المجاورة لإيران. وأضاف سموه سوريا أرض محتلة لم تدخلها القوات الايرانية لإنقاذ سوريا من احتلال خارجي، لم تدخلها إلا لتسهم في مجهودات النظام في ضرر الشعب السوري، فكيف يمكن لدولة جارة المفروض انها ترعى مصلحة حسن الجوار أن تعطي لنفسها الحق أن تدخل في حرب اهلية لتساعد طرف على طرف آخر.. ايران في اختبار حسن نوايا وربما اهم خطوة في اثبات ذلك ان تخرج من سوريا وتخرج حليفتها اللبنانية (حزب الله). وزير الخارجية الأمريكي خلال المؤتمر الصحافي وأكد الامير سعود الفيصل أن خيار التدخل والمساعدة في سوريا خيار أخلاقي في ظل وحشية النظام الذي استخدم شتى أنواع الاسلحة الكيماوية والصواريخ البالستية، وتساءل: إذا لم يحرك ذلك القيم الانسانية، فلا أدري ما الذي سيحركها. مطالباً الاممالمتحدة التي تأسست بعد دمار الحرب العالمية الثانية الحؤول دون وقوع خراب آخر. واستطرد الوزير الفيصل قائلاً: مرت ثلاث سنوات تقريباً وما زلنا نرى عدم المبالاة تجاه هذه المأساة، كيف يمكن أن يحدث ذلك هل هذا دور مجلس الامن.. وإذا لم نتمكن من مواجهة مثل هذه المآسي، كيف يمكننا أن نقول إننا نريد إنشاء حضارة مبنية على العدالة الاجتماعية، لا يمكننا ان نفترض أن لدينا مثل هذه القيم العليا إذا لم نعمل شيئا في سوريا، ولا يمكننا ان نقول فعلاً أن لدينا الموقف الأخلاقي الأعلى وأننا انسانيون اذا ما سمحنا لهذه المأساة أن تستمر. وتطرق الفيصل إلى موقف المعارضة المسلحة من الحضور إلى جنيف من عدمه، وقال: هنالك حوار بين السوريين حول الفائدة من (جنيف 2) والواقع ان القرار في النهاية لمن يمثل سوريا والائتلاف هو من سيقرر الحضور من عدمه، وحضور الائتلاف سيرسخ مفهوماً انهم هم الممثلون الحقيقيون للسوريين، وسيرسخ أنهم هم الذين أعطوا فرصة للسلام وسيرسخ في مفهوم العالم، أنهم لم يرفضوا مد يد السلام والمفاوضات وكلامهم ورغبتهم هي التي ستحكم في الحضور من عدمه ولا أعتقد ان جنيف يمكن ان يحصل من دون حضورهم. وعلق وزير الخارجية الأمريكي على موضوع قيادة المرأة السعودية، مؤكدا أن «هذا شأن داخلي يعود للسعوديين أنفسهم». وقال كيري ردا على سؤال حول هذا الشأن :»نحتضن فكرة المساواة للجميع، قيادة المرأة للسيارة هذا الأمر يعود للسعوديين.. هناك خيارات تتعلق بالبنية الاجتماعية (في المملكة)، وهناك نقاش يجرى حاليا». وتابع وزير الخارجية الأمريكي:»من الأفضل أن نترك هذا الأمر.. لأنه يعود للسعودية».