من الرأي سامح صاحبك لا تعاتبه إذا(1) زل أو أبطا بشيٍ تراقبه وخذ ما تيسر منه واستر خماله ما دام(2) نفسك في ملاماه راغبه وان كان مالك فيه شفٍ ورغبه فاقطع حبال مواصله لا تقاربه الى عدت في كل المشاحي مودب عييت فما تلقى الذي ما توادبه(3) ومن لايسامح صاحبه عند زله خلاه صرف البين من غير صاحبه وللصاحب الصافي حقوقٍ لوازم خمسٍ وهن في سمت الاجواد واجبه اذا زل غفرانٍ واذا صد نشده واذا زار فاكرامٍ واذا غاب كاتبه(4) والخامسه وان جاك في قدر (5)عازه تصفق به الدنيا واشافيه لاغبه تلقاه بالمعروف(6) عجلٍ فربما تحمد مكافاته الى جتك نايبه فما البر الا بين الاجواد سلفه كما قيل قبلي والاحاديث جات به(7) فلما يجي نفعٍ على قدر عازه(8) فكلٍ ليا من ادرك الجود جاد به وما الوجه الا قدر فترٍ وعرضه الى انصاع من يعطيك وجهٍ تعاض به صنه عن ردي الخال والقن والذي اذا شاف وجهٍ قاصده صر حاجبه ولكن عرضه الذي ما يكوده حفظ السما والارض والخلق قاطبه(9) فهو الذي في كفه المنع والعطا وحاشاه ما تنكس يدٍ منه خايبه جعل رزق ذا من ذا وهذاك عند ذا ولو شاء اغنى ذا وذا من وهايبه عطا المال من يهوى ومن ليس يهتوي ولا ييس العاصي وعينه تراقبه(10) ولكن حسن الخلق اعطاه من يشاء والمدح من يصلح لمدحٍ كساه به ولكن له في كل ما راد حكمه يدبر بها خلقه على ما أراد به حمدته على مده واحسان جوده واحسنت ظني والثنا في رجاي به(11) فيا مبلغ سليمان مني سجله فيها التحيه والثنا من مكاتبه فتىً فاق بالافاق شبان عصره بكسب المعالي مابعد طر شاربه تسابق على المعروف راحات كفه ومن يوم تونس خاطره لان جانبه الى نوى بالجود او هم بالثنا وساويس نفسه بالردى ما تقاربه سحابٍ الى امطر سقى الخد سيله وشطٍ الى اسقى رقى الجرف ساحبه الشاعر: هو محمد بن مسلم الاحسائي من أهل المبرز في الاحساء عاش في القرن الثالث عشر الهجري يقول عنه الحاتم"ظل يختلف إلى الرياض مقر حكم آل سعود بين الحين والآخر.." وله قصائد في الإمام فيصل بن تركي، توفي عام 1312ه تقريباً. مناسبة النص: جاء في تقديم النص عند الحاتم"وله مخاطباً سليمان بن عفيصان"ويتضمن النص إشارة إلى سليمان وأن الشاعر يطلب منه عطاء قد وعد به الشاعر، كذلك هناك نص آخر للشاعر وبنفس القافية يشير إلى نفس الموضوع ويذكر العفيصان ومطلعه: حنا عصافيرٍ وابو زيد سدره الى ضيم عصفورٍ تلاجا بجانبه ومنها: فيا راعي الدين القديم قم اوفني ديني ترا لي عازةٍ فيه واجبه فلا ينفع المديون امهال ساعه الى حل حين الدين واعتاز طالبه دراسة النص: ورد النص في عدد من المصادر ومنها خيار ما يلتقط للحاتم ومخطوط الدخيل الذي اعتمدته هنا ويلاحظ ان الحاتم تدخل في مفردات النص بالتغيير، كما يظهر معنا في الهوامش، وقد بدأ الشاعر مؤكداً على أن من حسن الرأي مسامحة من تربطك معهم صحبة ومعرفة خاصة إذا أخطأ أو تأخر عليك بشيء تنتظره منه، وعليك أن تقبل ما جاء منه وإن كان قليلاً طالما تريد أن تبقى على صداقتك معه وإن كنت لا تريدها أن تستمر فابتعد عنه فقط، فالإنسان الذي يعاتب ويغاضب أصدقاءه ظناً منه أنه سيؤدبهم سيعجز ويتعب ولن يجد إنساناً لا يحدث منه ما يستحق العتاب والتأديب، فمن لا يسامح الأصدقاء على أخطائهم سيبقيه الزمان فرداً لا صديق له، ثم يبين أن للصديق المخلص خمسة حقوق وواجبات يجب على الإنسان أن يقوم بها وهي من شيم وطبائع كرام الناس وهي أن يغفر له الخطأ وأن يسأله إذا قطعه عن السبب وأن يقوم بإكرامه إذا أتاه زائراً وأن يراسله إذا غاب عنه في سفر أو غيره وإذا جاءه محتاجاً قد ضاقت عليه الدنيا بما رحبت فليسارع في قضاء حجته ويحسن إليه الصنيع فالأيام دول وربما تحتاج إليه فتجد أثر صنيعك فيه، فالمعروف بين كرام الناس ديناً يؤخذ ويرد وبذلك قالت سابقاً الأحاديث وأعراف الناس، فالسعي في نفع الصديق على قدر حاجته مهم فمن كان البذل والعطاء شيمته لاشك سيجود، وعلى الإنسان أن يحافظ على كرامته ومحلها الوجه، وهو جزء صغير من جسد الإنسان فإذا كان محتاجاً فلا يعرض حاجته على رديء الأصل أو حثالة الناس، أو البخيل الذي يقطب حاجبيه متى قصده محتاج، وعليه أن يسأل الذي حفظ السماوات والأرض والخلق أجمعين ومن بكفه المنع والعطاء وتعالى الله عز وجل أن يرد سائلاً، وهو من جعل رزق الناس من بعضها البعض ولو شاء لأغناهم أجمعين فقد أعطى المال للمسلم والكافر والعاصي ولم يختص به أحداً دون أحد لحكمة أرادها الله، ثم يحمد الله ويثني عليه ويعلق به رجاءه وآماله، ثم يخاطب سليمان ويمتدحه ويتحدث عن غرضه في بقية أبيات النص. هوامش: 1-إذا 2-إلى عاد 3-(فان كنت في كل المشاحي امأدب =رفيجك....). 4-(الى زار اكرم وان صد نشده=وان زل غفران وان غاب كاتبه). 5-في حد. 6-بالمجهود. 7-(فما البر بين الناس الا ذخيره =كما قال ربك والاحاديث جات به). 8-حاجه. 9-(ولكن عرضه الذي ما يرده =لوالي السما والارض والناس قاطبه). 10-(...لعيني مثالبه). 11-(حمدته على مجده واحسان جوده = وحسنت ظني واثقٍ في رجاي به).