ارتفاع أسعار الذهب وسط مخاوف الرسوم الجمركية وبيانات التضخم المتفائلة    مباحثات جدة الإيجابية "اختراق كبير" في الأزمة الروسية الأوكرانية    خسوف كلي للقمر يشاهد من أجزاء من الوطن العربي    فرع هيئة الصحفيين بجازان يحتفي بيوم العلم السعودي بالتعاون مع فندق جازان ان    ارتفاع الفائض التجاري للمملكة خليجياً    تعهد بملاحقة مرتكبي انتهاكات بحق وافدين.. العراق يعيد مواطنيه من «الهول» ويرمم «علاقات الجوار»    ضغوط تجاه «مقترح ويتكوف».. وتباين حول موقف «حماس».. الضبابية تخيم على «مفاوضات الدوحة»    «السداسي العربي» يبحث مع ويتكوف خطة إعمار غزة.. ترامب يتراجع عن «التهجير»    القيادة تهنئ رئيس موريشيوس بذكرى استقلال بلاده    الاتفاق يودع دوري أبطال الخليج    السعودية تستضيف "نخبة آسيا" الشهر المقبل في جدة    77 حالة اشتباه بتستر تجاري    بحضور عدد من قيادات التعليم.. انطلاق «قدرات» الرمضانية في جدة التاريخية    إدخال السرور على الأسر المتعففة.. «كسوة» تطلق سوقها الخيري الخامس    محافظ جدة يشارك أبناء وبنات شهداء الواجب حفل الإفطار    مشروع الأمير محمد بن سلمان يحافظ على هوية مسجد الجامع في ضباء    عناوينه وثّقت محطات مهمة في تاريخ المملكة.. الموت يغيب خوجه خطاط «البلاد» والعملة السعودية    «تعليم الطائف» يكرم المتأهلين لنهائي «إبداع 2025»    المفتي ونائبه يتسلمان تقرير فرع الإفتاء بالشرقية    وزير الخارجية يشارك في اجتماع بشأن فلسطين في الدوحة    أمير القصيم يزور شرطة المنطقة ويشارك رجال الأمن مأدبة الإفطار    إدانات دولية لجرائم الحرب الإسرائيلية    الرياض يهدد صدارة الاتحاد    رينارد يعلن قائمة الأخضر لمواجهتي الصين واليابان    التسليح النووي: سباق لا ينتهي نحو القوة والردع    المملكة تدشّن مشاركتها في معرض لندن الدولي للكتاب    ملبوسات الأطفال في رمضان.. تعكس هوية الشمالية    عَلَمُنا.. ملحمتنا الوطنية    الحرص على روافد المعرفة    روحانية الشهر الكريم    الجنين.. ودودة العلق    السمات الشخصية المظلمة في بيئة العمل    السهر في رمضان.. تراجع إنتاجية العمل    سعود بن مشعل يشهد «ليلة وقفة جود مكة»    الأهلي يهدد بالانسحاب من الدوري المصري    فيصل بن مشعل يرفع العلم على سارية ميدان التوحيد    أمير الشرقية يكرّم شركاء التأهيل.. ويطمئن على المرضى    «الملك سلمان للإغاثة» يواصل أعماله ضمن مشروع سلة إطعام    الأمن العام والدفاع المدني يشاركان في معرض «الداخلية»    مركز جراحة المخ والأعصاب بمجمع الدكتور سليمان الحبيب بالعليا يعيد الحركة لمراجعة وينهي معاناتها مع الآلام    آرت بروميناد تستهوي زوار جدة    "أدير العقارية" تحقق مبيعات تجاوزت نصف مليار ريال في مزاد مخطط "المشرق" بالخبر خلال خمسين دقيقة    الرباعي السعودي يتزعم القارة الصفراء    52 خزانا تنقل وتوزع المياه المجددة    الزواج من البعيدة أفضل!    إدارة الحشود في المسجد الحرام بالذكاء الاصطناعي    التخلص من 492 رأس ماشية في رمضان    سعوديات يدرن مركز الترميم بمكتبة المؤسس    الشباب شغوفون بالطائرة والمشي يستهوي الفتيات    اتفاق عربي أمريكي على مواصلة التنسيق بشأن خطة مصر لإعمار غزة    غُرفة عمليات أجاويد 3 بخميس مشيط تحتفل بيوم العلم    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تشارك في معرض لندن الدولي للكتاب    أمير منطقة جازان يتسلم التقرير السنوي لفرع الإدارة العامة للمجاهدين بالمنطقة    حكاية كلمة: ثلاثون حكاية يومية طوال شهر رمضان المبارك . كلمة : القطيبة    دلالات عظيمة ليوم العلم    الأولمبية والبارالمبية السعودية تعتمد تشكيل مجالس إدارة 24 اتحاداً ولجنة ومركز التحكيم الرياضي    وزير الدفاع يستقبل وزير الدفاع التركي    شوارع وميادين مناطق المملكة تتزين بالأعلام احتفاء بيوم العلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تكريماً لأمي
نشر في الرياض يوم 24 - 10 - 2013

عندما فازت أمي بلقب الأم المثالية في عام 1999م ملأها شعور يصعب عليّ وصفه، فقد ظهر على وجهها علامات الصمت والوجوم.. واحترت حينها في تفسير ذلك، المؤكد أن تاريخاً قد ارتسم أمام عينيها شردت في تفاصيله، فقد حملت لحظة الصمت هذه حديثاً بليغاً.. نقل للحضور مجموعة من الأحاسيس الحقيقية التي تخطت الاحتفال وخشبة المسرح الذي اعتلته لتسلم الجائزة ربما كان لسان حالها يقول: إن القصة تفوق التكريم والتصفيق الحاد، وفقرات الحفل.
لا يمكن أن يعلم التفاصيل التي تخللت حياة أسرة فقدت الأب وتولت الأم تربية الأبناء بمفردها سوى من مر بالتجربة، لقد كرمت أمي لقصة كفاحها في تربية أربعة أبناء –أنا وإخوتي- وتعليمهم وتنشئتهم النشأة السليمة - والحمد لله بعد وفاة والدنا.. وكان العبء مضاعفاً في حالة أسرتنا بسبب اختلاف جنسيتنا عن البلد التي عشنا بها وهي مصر- ونحن مواطنون سعوديون.
تلت مقدمة الحفل ما تضمنته سطور الورقة التي بين يديها من معلومات عن أمي؛ قالت في إيجاز أسباب اختيارها من بين آلاف الأمهات لتفوز بلقب الأم المثالية: ألقت الضوء على الظروف التي تغلبت عليها أمي خلال تربيتنا وتعليمنا، ثم ما تقلدناه من مكانة اجتماعية وعلمية ومناصب... إلخ. أما ما لم تذكره مقدمة الحفل فلا يعلمه إلا أمي، حتى أنا وإخوتي نعلم فقط ما يعلق في ذاكرتنا... فأمي علمتنا الصدق وحب الخير وحب الآداب والفنون الراقية والتي تسمو بالنفس فوق الماديات، فقد تلقت أمي – وهي سيدة متعلمة – تلقت في الجامعة منذ ما يربو على الخمسين عاماً الأدب العالمي واللغة، فسخرت ما درسته لتربيتنا فغرست فينا حب الشعر والآداب والاطلاع.. ما لم تقله مقدمة الحفل أن أمي علمتنا أن الغوص في النقاء هو أفضل الطرق لمجابهة الحياة والتقرب إلى الله.. تعلمنا الكثير الذي لا يتسع بالطبع مقالي هذا لسرده ولا تتسع ذاكرتي لحفظه. أما أنا وإخوتي وما نملكه الآن من تصالح مع النفس فنحن نفخر به ونرفع به رؤوسنا أمام المجتمع ونحنيها عرفاناً لتلك السيدة الفاضلة ذات الخصال الراقية من صدق وحياء ونكران للذات.
لايزال الصمت على وجه أمي يقول الكثير.. وسألت نفسي: هل قصدت بهذه النظرة السارحة بعيداً في الأفق أن الأمر أكبر من أن يتم الاحتفال به، أم هي لا ترى أنها قدمت شيئاً كانت تنتظر عليه التكريم، أم أرادت أن تقول إن التكريم هو ليس نهاية مسيرة العطاء، فعطاء الأم متدفق ولا نهاية له لأنه عطاء صادق بلا مقابل ويكمل مسيرته ليحمل معه البركة في الدعاء وبراكين الحنان التي هي القوت الحقيقي للأبناء والتي تنقي بصدقها ما تقسو به الحياة عليهم.
أما ما جعلني أستعيد تلك اللحظة التي كرمت فيها أمي منذ 13 عاماً في مصر هو القرار الذي اتخذته الحكومة السعودية خلال الأيام القليلة الماضية - وأثار شجوني - بشأن معاملة أم المواطنين السعوديين -غير السعودية- معاملة المواطنات فيما يتعلق بالتعليم والعلاج والعمل في القطاع الخاص والضمان الاجتماعي والإقامة وغيره.. ولا أدري لماذا تذكرت لحظة الوجوم التي اعتلت وجه أمي عندما كرمت للمرة الأولى في مصر، فهذا هو التكريم الثاني لها من حكومة المملكة العربية السعودية؛ فهي أم مصرية قامت بتربية مواطنين سعوديين –أنا وإخوتي- بعد أن توفي والدنا منذ نعومة أظفارنا، منذ 33 عاماً. لقد عالجت الحكومة السعودية مشكلات اجتماعية كثيرة خاصة للأمهات في سن الشباب وكذلك كل من ترغب في الإقامة مع أبنائها المواطنين في بلدهم دون أية عراقيل، خاصة من فقدت زوجها وهي في سن الشباب فهي الآن تستطيع الدراسة والعمل والمشاركة في خدمة المملكة مما يرسخ من انتمائها للبد ويعزز من التقارب الأسري. ولقد اتخذت المملكة بهذا القرار نهج كبرى الدول المتقدمة بل وتخطتها في التعامل الإنساني.
أما أمي وكل من أفنين سنوات عمرهن عاكفات على تربية أبنائهن وتعليمهم والعمل على صونهم وغرس انتمائهم لوطنهم الأصلي فإن هذا القرار يعد تكريماً أدبياً بالدرجة الأولى وتتويجاً لمسيرة من العطاء والعناء، فطالما استحقت تلك الأمهات طيلة سنوات قضينها في معترك الحياة من يقدرهن ويساندهن وخاصة هؤلاء اللاتي لم يطلبن مقابل لعطائهن، فالقرار بالنسبة لهذه الحالات يعد مكافأة لما قدمته تلك الأمهات للمملكة من أبناء بارين بوطنهم ومخلصين لعملهم وصادقين في حياتهم، ولا يسعنا إلا أن نقول لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز شكراً لكم وأثابكم الله خيراً على هذا القرار الذي طال انتظاره، ونقدر لكم حسن اختياركم لمن يقومون على شؤون البلاد، ولهؤلاء أقول إلى المزيد من الخدمات الإنسانية قبل فوات أوانها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.