لكل شاعر من الشعراء رؤيته الخاصة لعملية إبداع القصيدة والهدف المنشود منها، لكن ربما يكون هناك شبه اتفاق على أن القصيدة ينبغي أن تكون مؤثرة في نفس المُستمع أو القارئ، وأن تكون قادرة – بحسب البيت الشهير- على هز المشاعر حتى تكون جديرة بُمسمى "قصيدة"، ورغم وضوح هذه الرؤية أمام كثير من الشعراء إلا أن قِلة منهم هم الذين يُمكن القول بأنهم يتأثرون بالمواقف والأحداث ويتفاعلون معها بشكل إيجابي وجيد وبالتالي يستطيعون كتابة أشعار قادرة على تحريك شيء بداخل المتلقين. وأوضح دليل على عدم قدرة معظم الشعراء على التفاعل مع المواقف والأحداث بشكل جيد ما نلاحظه من كثرة القصائد التي تُنظم في المناسبات الدورية كمُناسبات الأعياد السعيدة -على سبيل المثال- دون أن يكون لتلك القصائد أدنى قدرة على إثارة أي مشاعر في نفوسنا، فالشاعر يكون حريصاً على نظم قصيدة بمناسبة العيد دون استحضار جيد لأجواء العيد الخاصة والمشاعر الرائعة التي يولدها حضوره في قلوب الناس، وبالتالي يكون من الطبيعي أن تولد قصيدته جامدةً هامدة، وعاجزة عن إحداث أي أثر يتناسب مع المناسبة التي نُظمت القصيدة فيها. حقيقة تعجبني قدرة بعض الشعراء على التأثر بالموضوع الذي يودون الكتابة فيه ورهافة حسهم في التفاعل مع تفاصيله إلى أبعد حد مُمكن، ولا يُمكن أن أستغرب المكانة الشعرية الرفيعة الذي وصل إليها شاعر مثل شاعر العربية الكبير محمد محمدي الجواهري -على سبيل المثال- حين أشاهد انهمار دموعه أثناء إلقاء قصيدة أبدعها في رثاء زوجته أو في الحنين لوطنه العراق، فالشاعر ينبغي أن يتأثر بالموضوع الذي يكتب فيه أولاً حتى تصبح لقصيدته قُدرة على التأثير في الآخرين. وأعتقد أن الشاعر لا يجب أن يكون حريصاً على الكتابة في كل مُناسبة عيد بقدر حرصه على كتابة قصيدة صادقة ومميزة وصالحة لكل الأعياد، ولو تفاعل الشاعر مع الموضوع الذي يرغب الكتابة فيه وتأثر به لاستطاعت قصيدته الوصول لقلوب المتلقين وتمكنت من فرض حضورها بشكل دائم. أخيراً يقول المبدع خالد الجاسر: كل عام حبك بين الأضلاع يزداد يا منوة الخافق، وغاية مُراده وجه الشبه ما بينك وبين الأعياد اثنينكم خير، وسرور، وسعادة