بعد أن فرغ المنتخب السعودي من مشاركته الآسيوية في اندونيسيا وفيتنام وتايلند وماليزيا تحت إشراف البرازيلي انقوس والتي أبلى فيها المنتخب بلاء حسناً، وقدم خلالها مستويات مبهرة ونتائج رائعة مكنته من بلوغ المباراة الختامية بعد تجاوز عدد من العقبات الصعبة في الطريق إلا أن الحظ عانده كثيراً، وعدم الإعداد النفسي الجيد لمواجهة العراق في النهائي حرمته من لقب رابع في البطولة الأغلى، والأقوى آسيوياً خصوصاً مع تطور المنتخبات المشاركة فيها سواء كانت من شرق آسيا أو غربها حتى باتت هذه البطولة محط أنظار المتابعين، والمشاهدين من داخل القارة، ومن خارجها. الكثير من النقاد الرياضيين ومن عشاق"الأخضر" كانوا يتطلعون لمشاهدة منتخب مختلف في المشاركات التي أعقبت تلك البطولة لاعتبارات عدة أهمها أن الأسماء التي شاركت غالبيتها من النجوم الصاعدة لعالم النجومية ليس من حيث العمر فحسب بل من حيث الطموح لتحقيق الأفضل في عالم كرة القدم، كما أن هناك جيلاً متميزاً يجيد لعبة كرة القدم بحرفنة عالية أمثال ياسر القحطاني ومالك معاذ وأحمد الموسى وأسامة هوساوي وعبدالرحمن القحطاني وتيسير الجاسم إذ كان الجميع يؤمل عليهم الكثير في إعادة زمن الأجيال الذهبية السابقة التي رسمت علامات الفرح على محيا السعوديين بمجملهم، ولكن الحال لم يكن على ما يرام فقد تاه المنتخب السعودي في المنافسات التي تلت تلك البطولة وعاد رتيباً في أدائه مفككاً في خطوطه لا يمتلك مقومات الفريق البطل الذي يتطلع للإنجازات، وينشدها مهما بلغت الإثارة وقوة الفرق المنافسة وتوالت الانكسارات بشكل فاق كل التوقعات وذهبت كل المتاعب أدراج الرياح وراحت آمال عشاق الكرة السعودية في عودة هيبة "الأخضر" والتي كانوا يؤملون عليها قبل انطلاق البطولات التي كان المنتخب فيها دوماً هو فرس الرهان، بل إن التصفيات المؤهلة لبعض البطولات استعصت وأضحت صعبة المنال في ظل هذه المستويات الهابطة والظروف المتكالبة التي مسحت سمعة المنتخب السعودي "وفارس آسيا الأول" الذي اعتلى عرشها الكروي ما يقارب 16 عاماً من دون تغيير أو تبديل حتى بات يصعب عليه الفوز على أقل الفرق الآسيوية مهما بلغ اسمها وقيمتها الفنية، وتاريخها الرياضي. المحزن والمؤلم في الوقت ذاته أن كرة القدم في البلدان الأخرى أخذت خطوات واسعة وسريعة في التطور ومسايرة ركب المنتخبات المتقدمة كاليابان، وكوريا إذ شاهد الجميع كيف تقدم المنتخب الأوزبكي وكذلك المنتخب الأردني للمنافسة على بطاقة التأهل لكأس العالم بأقل الإمكانات وماذا فعل المنتخب اللبناني بمنافسيه في تلك التصفيات وكيف تغلب على بعض المنتخبات القوية وأحرجها على أرضه وخارجها، وماذا فعل المنتخب التايلندي وكيف قدمت المنتخبات الأخرى نفسها بصورة مثالية للغاية جعلت الرياضيين يصفقون لهذا العمل المنهجي المنظم الذي يقوم على التضحية، والإخلاص وينبثق من عقول نيرة تدير العمل الرياضي بفكر راقٍ يصنع كرة القدم كما صنعتها اليابان منذ سنوات عديدة حتى باتت تتسيد القارة الآسيوية بلا منازع بل وتقارع المنتخبات الكبيرة في المحفل العالمي وتتفوق على البعض منها. المنتخب السعودي يعود مساء هذا اليوم ومن الأراضي الأردنية ليكمل مشوار التصفيات الآسيوية بلقاء "أسود الرافدين" ومازالت جماهير الكرة العاشقة تؤمل أن يظهر المنتخب بصورة مثالية يتمكن من خلالها من تجاوز هذا المنعطف الخطير والتأهل عن هذه المجموعة الصعبة للتصفيات النهائية وعندها لكل حادث حديث، وأعتقد جازماً بأن هذا المنعطف يعد الأكثر صعوبة لأن تجاوزه ربما يتيح الفرصة ل"الأخضر" مع توافر الوقت الكافي بمعالجة نواحي القصور، ومكمن الخلل ورتق الثقوب الكبيرة التي تحتاج لعمل مضاعف وجهد كبير قبل التصفيات النهائية، أما في حالة الخروج من هذه التصفيات خالي الوفاض لا سمح الله فإن الأمور ستزداد تعقيداً وعندها قد يحتاج هذا الجرح الغائر وقتاً واسعاً من الزمن لتتم معالجته بأيدي أمهر الأطباء المختصين حتى يتشافى الجسد من جراحات الأعوام الطويلة.