سماؤنا مليئة بالقنوات الفضائية والإذاعات العربية وغير العربية، والمطابع تزف إلينا عشرات الصحف والمجلات في شتى الفنون والموضوعات، ناهيك عن إعلام إلكتروني يزاحم المطبوع ويستحوذ على انتباه كثير من المتلقين. أين نحن في هذا الوسط المتخم بالمعلومات، وإلى من يمكن أن نوجه رسائلنا بضمان تلقيها والاستجابة لها والتأثر بها. لا شك في أن ثقافات وميول المتلقين متعددة، وكل واحد يبحث عن ضالته في وسائل الإعلام، ولكن من المؤكد في الوقت نفسه أن هناك مسلمات على المرسل أن يلتزم بها، وعلى المتلقي أن يبحث عنها. في مقدمة هذه المسلمات الالتزام بأخلاقيات المهنة وعرض الحقائق كما هي، لأن الحق في ذاته قوة قادرة على الإقناع كما ذكر الشيخ سلمان الصباح وزير الإعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب في دولة الكويت في كلمته خلال اجتماع وزراء الإعلام الخليجيين في المنامة مؤخرا. نعيش هذه الأيام مناسبة دينية عظيمة هي (الحج)، والتي تفخر المملكة في كل عام بأن تقدم خلالها كل ما فيه خدمة الحجيج وتسهيل أداء نسكهم. في مثل هذه المواسم تتجه الأنظار في دول العالم، وخاصة الدول الإسلامية، إلى المملكة لرصد تحركات الحجيج ونقل صورة من أرض الواقع لحياتهم في المشاعر وتنقلاتهم من مكان لآخر. ندرك أن هناك المنصف وهناك الحاقد المتربص الذي يسعى إلى إلحاق الضرر بالمملكة والتقليل من شأن ما تقدمه خدمة لضيوف الرحمن. هولاء، وعبر وسائل إعلامهم، يتحينون الفرص لقلب الحقائق وتصوير الإنجاز على أرض الواقع على أنه قصور وتخاذل عن أداء الواجب. هؤلاء المغرضون لا نريد منهم مديحاً ولا جزاءً ولا شكوراً، كل ما نريده هو أن تكون وسائل إعلامهم مرآة صادقة تعكس الواقع الذي يعيشه كل حاج خلال أداء الشعيرة. المملكة، بخدمتها لحجاج بيت الله الحرام، لا تمن على أحد ولا تستجدي الإطراء والمديح وإنما تنطلق في كل ما تفعل من إيمان راسخ على مدى السنين بأنها مهبط الوحي ومنبع الرسالة وأن قائدها يحمل لقب خادم الحرمين الشريفين بحق وحقيقة. هذه الخدمة الشريفة تستوجب العمل الدؤوب لكل ما فيه سعادة وراحة الحاج والمعتمر والزائر على مدى العام. المشروعات الضخمة وأعمال التوسعة الكبيرة في الحرمين الشريفين لا يمكن لأحد أن ينقص من قدرها وصور مشروعات تطويرها يراها الجميع على مدار الساعة من خلال قناتي القرآن الكريم والسنة النبوية. في أمكنة يجتمع فيها الملايين، وفي فترة زمنية قصيرة يتم من خلالها التنقل من مكان إلى آخر في أوقات محددة قد تحدث بعض الحوادث الصغيرة، أو الظروف المناخية الطارئة وهنا لا يساور أحد الشك في أن هناك استعدادات تفوق الوصف، وقد رأينا نماذج منها خلال الأيام القليلة الماضية، ولكن لا يمكن أن نتخذ من نقص صغير غير متعمد حجة للانتقاص من جهود ضخمة بُذلت وإمكانات بشرية وفنية ومالية سُخِّرت للحاج منذ أن تطأ قدماه أرض المملكة. مهما قيل، ومهما كتب ستبقى الشواهد كثيرة في بلادنا على حسن الاستقبال والرفادة والاهتمام بكل حاج، وستبقى بلادنا إن شاء الله قوية أمينة على القيام بكل ما يؤدي إلى تسهيل مهمة الحجيج وتمكينهم من أداء نسكهم بيسر وسهولة رغم كيد الكائدين.