في يومي"الاثنين والخميس" يتخذها ابو فهد - الرجل السبعيني - اياما يصوم فيها، قد تعود عليها منّذ الصغر، زوجته هيلة تعرف هذا الأمر.؟! ترتاح فيها إذ تعتبرها إجازة عن الطبخ والنفخ، لديه في بيته الطيني – حوش - لأغنامه يدخلها ويخرجها مع الباب الخلفي - باب القوع - أهل الحارة يطلقون على أبو فهد لقب "الضرس" كنية عن ولعه بالأكل. في الأيام الأخرى يعود بعد صلاة الفجر للبيت، يجد زوجته هيلة قد جهزت له المراصيع والسمن البري، يفطر ثم يحتسي القهوة ويذهب إلى القيصرية، يسمي دكانه - بالحفيز - يبيع فيه أواني منزلية ك "الغضائر والطشوط والكولة وغيرها"، لا يدخل دكانه نهائي بل يتمدد أمامه، يضع تحت مقعدته كرتون، معروف أن زبائنه هي من تدخل وتأخذ ما تريد ثم تحاسبه خارج الدكان، ابو فهد - الضرس - محبوب لدى العامة نظراً لسماحته مع الجميع، ومع ذلك يهابون منه خوفاً من يده الكبيرة يسمونها "مرزبه"!. السبب يعود إلى أن - الضرس- كاد أن يقتل أحد الجيران. هناك لامه إمام المسجد حينها، الا أن أبا فهد - الضرس - قال: "وانا وش يدريني انه عصّ/ تراني داحجه ومرخين يدي!"، امام المسجد: "هو انت داحجه/ الا ما خليت شي، يوم راح للصحية قام يهذري، يقول: "طارقني شيّن تقَّل وشيش أثل وتسبدي تلهدني/ تكفى يا بوفهد احرص ترى يدك مرزبه، الله يكافينا الشر". الناس سمحين متواصلين يحبون المزاح مع بعض دونما تكلف، حتى أن نساء الحارة يفعلون هذا الأمر، يسمونها – عيارة - يكررون مقولتهم الشهيرة للزوجة هيلة، عندما يجلسون في - السكة - عصاري كل يوم يحتسون الشاي والقهوة والكراث المُمَلح: "الا أنت وشلون متحملتن ذا الآفة"، النساء تعرف أن كل رجال الحارة لم يتفوقون عليه في لعبة "المطارحة"، هذه اللعبة مخصص لها يوم الجمعة وقت فراغهم. ويعلمون أن ابا فهد- الضرس - تزوج نساء قبلها، بعضهن مات والبعض طلب الطلاق منه؟!. في يوم الخميس والصيام المعهود لدى - الضرس - أغلق دكانه - الحفيز - وذهب لإداء صلاة الظهر، بعد نهاية الصلاة وهو متجه إلى البيت لأخذ قسط من الراحة، تبعه إمام المسجد ليتبادلا الحديث، بعد فراغهما، قال له الإمام: "الأمير عازمنا، ورى ما تخاوينا؟"، الضرس تحركت معدته من جديد واحتكت اسنانه، نسى انه صائم وقال: "يالله منها بعد نسلم على الأمير/ ترانا من زمان ما شفناه". الضرس ينسى كل شيء، مقابل الأكل، ذهبا سوياً، رغم أن الإمام يعرف انه الضرس صائم لكن لم يخبره، ارادها مزحة، وظهرت - رزحه - كما يسميها الضرس، هناك وجد امامه ما لذ وطاب من - لحوم المفاطيح - والفواكة التي يعتبرها من النوادر واللبن وكل شيء، نسى الصيام "جملة وتفصيلاً". حتى أن البعض من أهل الحارة راح يُكلم الإمام عن الضرس: "اليوم خميس وش جابه.. ذا الضرس؟"، الإمام: "ما عليكم منه مدام انه مملين بطنه/ وشو عقبه تعلمونه/ أسفهوه". بعد أن انتهت عزيمة الامير، ذهب ابو فهد لبيته، وجد زوجته تجهز أدواتها لطبخ افطاره - تولع الكوله - قالت له حينها: "مهيب عادتك اتأخر بعد صلاة الضحى"، الضرس: "ابد والله، رحنا نسلم على الأمير وتغدينا عنده/ ما بقى شيء ما حطه!"، زوجته: "وشوو، أنت نسيت انك صائم"، الضرس: "يالله غربل ذا الامام/ ذا خبيث مخبث/ما يتوب عن العيارة/ لكن هين/ ما بعده شيء افطرنا وانحن صايمين.؟