لا أحد يمثل السقف الأخلاقي ولا أحد يحتكر الأخلاق، الانسان السوي هو الذي يسعى قدر المستطاع كي يقوم أخلاقه وهو يعرف جيدا أنه ليس كاملا هذا الانسان قد يبرر أحيانا تصرفاته غير السوية أو تلك التي لا يرضى عنها كأن يفقد أعصابه أو يتلفظ بكلام غير لائق أو يقوم بفعل كان ينتقد الآخرين لممارسته، كما أنه يحاسب نفسه عند الخطأ. ولأنه لا أحد منا يمثل السقف الأخلاقي فإننا لا نملك أن نحكم على أخلاق الآخرين أو نصدر أحكاما عامة عنهم، فرؤيتنا لأخطائهم أو نواقصهم لا تعني أننا نخلو من العيوب. لكن النفس الإنسانية تجيد تقريع الآخرين وانتقادهم وتبرع في تبرير الأمور حين يتعلق الأمر بها. كما أن هذه النفس البشرية المعقدة قد تجد تفوقا في نفسها حين تنتقد الآخرين وتعمم نظرتها على تصرفاتهم أو تعلق على ردود فعلهم. والتعاملات البشرية العامة تحكمها قوانين واضحة حين يتعلق الأمر بمكان العمل مثلا أو تعاملات في مكان عام فقوانين العمل والتعاملات واضحة تحدد الواجبات، توضح المهام، تحدد ساعات العمل والمتطلبات الوظيفية توضح العقوبات في حالة الإخلال بواجبات العمل أو تجاوز الحدود، وهذه القوانين لا تفترض السوء في الناس لكنها مجرد أدوات تنظيمية تساعد على توضيح الأمور. لكن ماذا عن التعامل الاجتماعي والإنساني بين الأفراد؟ ما الذي يحكمه؟ ما هي الأخلاقيات التي تحدد التعاملات في هذه العلاقات؟ هذه العلاقات يحددها مدى النضج الإنساني ومدى الرقي البشري في التعاملات، قوانينها غير مكتوبة، لكن مثلا من السذاجة أن تتوقع أن الجميع سيعاملونك بنفس الطريقة التي تتعامل بها معهم، ومن السذاجة أن تعتقد أنك تحتكر الأخلاق وأنك وحدك تملك الرأي الصحيح. لذلك قبل أن يرتفع صوتك منتقدا الآخرين لأن تصرفا بدر منهم لا يعجبك أو لم يصادف هواك تذكر أنك لست الأفضل دائما ولست الأحسن.