في معاملاتك مع الآخرين تحكمك أخلاقياتك، سواء أكانت هذه تعاملات في مجال العمل أو في المحيط الاجتماعي أو في محيطك الشخصي الضيق، وأخلاقياتك هذه يفترض أنها ثابتة لا تتغير بتغير الظروف المحيطة أو البيئة أو الأشخاص أو تغير سرعة الرياح ودرجة الحرارة. قد تمر بمواقف كثيرة تختبر أخلاقياتك، مثلا استفزاز في العمل يدفعك لاستخدام ألفاظ معينة أو تصرفات معينة ليست من شخصيتك، موقف اجتماعي يستحضر أسوأ ما فيك، حالة إحباط تجعلك تفكر في أن تضحي بمبادئك انتقاما من هذه الخيبة التي جاءت في غير وقتها. قد تسحقك ضغوطات الحياة، الحاجة المادية لوظيفة قد تجعلك تقبل الخيبات المصاحبة لها، الاعتمادية على شخص ما قد تجعلك تستحمل إهاناته لأنك لا تتخيل حياتك بدونه، معاركك الشخصية مع شخص ما قد تجعلك تفكر في لحظة أن تجاري قوانين المعركة معللا لنفسك بأن للمعارك والحروب قوانينها، قد تضعف في لحظة وتقول لنفسك لا مكان للنبلاء حين تحضر الخناجر وطعنات الخلف، لكن شيئا ما يوقفك كي لا تتهور وتحارب الآخرين بنفس أسلوبهم لأنك لا تريد أن تتحول للكائن الذي تنتقده وتنتقد تصرفاته، شيئا ما يمنعك أن تفقد التزامك بمبادئك، أن تفقد ثقتك فيها وفي اختياراتها، شيئا ما يذكرك بأنك لست كائنا مطاطيا تتشكل حسب المواقف والقوالب التي توضع بها، شيئا ما يذكرك بأنك قد تهزم اليوم، قد تخسر في جولة قذرة، لكنك تخرج نظيفا بدون أن تلوث يديك أو تفقد جزءا من احترامك لنفسك. تذكر أنك لا تريد أن تؤطر حياتك وتصرفاتك في ردود فعل غير مدروسة تحكمها تصرفات الآخرين، تذكر أنك لست توأما لهذا ولا نسخة من ذاك وما يناسبهم ليس بالضرورة أن يلائمك. في النهاية أنت تريد أن تنظر لوجهك في المرآة وتتعرف على الانسان فيه، تنظر بثقة في انعكاس صورتك وفي عيون الآخرين بدون أن تشيح بعينيك خجلا. الهزيمة الحقيقية هي حين تهتز ثقتك بمبادئك لا حين يكسر الآخرون حاجز الأخلاق ليحصلوا على ما يريدون.