لم يسلم المجال الفني السعودي من التضخم الاقتصادي الذي طال جميع أوجه الحياة, فما كان سابقاً ينتج بتكلفة معقولة, أصبح اليوم عسيراً وغير متاح إلا لشركات إنتاج كبيرة مدعومة من قنوات فضائية عريقة, وأصبحت التكلفة الإنتاجية في صناعة الدراما التلفزيونية هي المحدد الرئيسي لمدى جودة المسلسل من عدمها, نظراً لأن القوة المادية تعني الحصول على تقنيات أفضل وكذلك على ممثلين من نجوم الصف الأول. ومن خلال هذا التقرير نسلّط الضوء على أهم التغيرات في أسعار التكلفة الإنتاجية ما بين البدايات وبين وقتنا الحالي. مدير الإنتاج هلال البلوي أحد الذين عملوا مبكراً في حقل الإنتاج التلفزيوني وكان من المشاركين في إنتاج الكثير من المسلسلات السعودية من بينها مسلسل "خلك معي", يقول عن واقع الإنتاج سابقاً بأنه "كان معقولاً والأسعار معتدلة حيث كان أجر الممثل النجم قبل 18 عاماً لا يتجاوز 45 ألف ريال على كامل المسلسل, أما في الوقت الحالي فيتراوح أجره ما بين 100 ألف و300 ألف ريال, وهذا معدل ارتفاع كبير جداً". موضحاً أن الممثل الثانوي "الكومبارس" كان يأخذ في المشهد 200 ريال بينما حالياً يتراوح أجره ما بين 500 إلى 1000 ريال, مستثنياً "الكومبارس النسائي" التي كانت تأخذ سابقاً مبلغاً أعلى "لأنها كانت نادرة بعكس الآن". هلال البلوي ويتفق المنتج المعروف خالد المسيند مع هذا الرأي, ويقول إن الممثلين كان لهم واقع أجور مختلفا كثيراً "لأن الممثلين في ذلك الوقت يعرفون بعضهم جيداً وأجورهم تخضع للمعرفة والعشرة ولم يكن هناك محدد أساسي لهم", أما أجورهم مع المنتجين غير الممثلين تتراوح ما بين 500 ريال و2000 ريال في الحلقة الواحدة "ولم يسبق لي في الأعمال التي أنتجتها سابقاً أن دفعت لأي نجم من النجوم أكثر من 75 ألف ريال على دور البطولة لمجمل المسلسل", مشيراً إلى أن الارتفاع الحالي في أجور الممثلين تحدده شهرته ومدى قبوله الجماهيري "ويترواح أجر الممثل النجم حالياً بين 500 ألف ريال و5 ملايين ريال على مستوى الخليج والوطن العربي, وأعلى الأجور حسب معلوماتي في المملكة هي للنجوم عبدالله السدحان وناصر القصبي وفايز المالكي". وعن سعر المونتاج وبقية الجوانب التقنية, يقول هلال البلوي إنها تأثرت بمعدلات التضخم الأخيرة حيث كانت "تكلفة ساعة المونتاج سابقاً تتراوح بين 100 إلى 150 ريالا والآن وصلت إلى 300 و500 ريال", مرجعاً ارتفاع السعر إلى "اختلاف عملية التصوير والتي أصبحت الآن بكاميرات HD والتي تحتاج إلى أجهزة أكثر تطوراً", كاشفاً عن سعر تأجير الكاميرا سابقاً للنوع ديجتل وsb والذي كان يتراوح بين 1000 إلى 1500 ريال في اليوم, ليرتفع الآن ويصل إلى 2500 و4000 ريال للكاميرا HD, هذا عدا الارتفاع الذي طال أجور بقية الفنيين من مهندسي إضاءة وماكيير ومصورين, إضافة إلى مواقع التصوير التي تجاوزت قيمة ايجار بعضها ال 70 ألف ريال لليوم الواحد. فيما يقول خالد المسيند إن عمليات المونتاج للمسلسل ليس لها سقف ثابت لا سابقاً ولا الآن وهي تختلف في تقييمها بحسب خبرة المونتير والميزانية العامة لإنتاج المسلسل, "وكانت تكلفة المونتاج سابقاً تصل إلى 200 دولار في الساعة وحالياً تضاعفت ثلاث مرات لتصل إلى حدود 600 دولار في الساعة, فكان المونتاج ل 30 حلقة يكلف تقريباً 100 ألف ريال, أما بالنسبة لأجر المصور فكان سابقاً بين 150 و200 دولار في اليوم وحالياً من 500 إلى 600 دولار وهذا أجر المصور الجيد صاحب الخبرة, ويخضع هذا السعر إلى عدد أيام التصوير ويختلف بين تصوير مسلسل كامل في 90 يوماً وبين سهرة تلفزيونية". ويؤكد المسيند أن تكلفة الإنتاج الدرامي السعودي بشكل عام أصبحت أربعة أضعاف السعر السابق "فالمسلسل الذي كانت أعلى ميزانية له لا تتجاوز 750 ألف ريال أصبح تكلفته الآن من 3 إلى 4 ملايين ريال تقريباً وهذا السعر للأعمال ذات الإنتاج المتوسط". ارتفاع أسعار الإنتاج الدرامي بهذه المعدلات جعل من عملية الإنتاج أكثر صعوبة وحصرها فقط في يدي الشركات الكبيرة ذات الملاءة المادية والمرتبطة بالقنوات القيادية المتسيدة للمشهد الفني.