اختفى ادوارد سنودين عن الانظار في هونغ كونغ قبل حملة محتملة من جانب الحكومة الأميركية لاعادته للولايات المتحدة لمواجهة اتهامات. وسنودين هو موظف سابق في وكالة المخابرات المركزية الأميركية عمل كمتعاقد في وكالة الامن القومي الأميركي وسرب تفاصيل برنامج تجسس سري للغاية. ودفع سنودين (29 عاما) حساب الفندق الذي كان ينزل فيه في هونغ كونغ وغادره بعد ساعات من ظهوره في شريط فيديو بثته يوم الاحد صحيفة غارديان البريطانية. وكان سنودين قد قدم المعلومات التي كشفت عن عملية مراقبة ضخمة تقوم بها وكالة الامن القومي الأميركي للاتصالات الهاتفية وبيانات الانترنت من شركات كبيرة مثل جوجل وفيسبوك. وقال موظفون في فندق فاخر بهونغ كونغ ان سنودين غادر الفندق عند ظهر يوم أمس الأول (الاثنين) فيما أشار صحفي في غارديان إلى ان سنودين مازال في هونغ كونغ. مظاهرة مؤيدة لسنودين في نيويورك (أ.ف.ب) واثارت عمليات الكشف التي قام بها سنودين صدمة في شتى انحاء واشنطن حيث دعا العديد من النواب يوم الاثنين الى تسليمه ومحاكمته بعد اهم عملية تسريب امني في تاريخ الولاياتالمتحدة. ولكن هناك بعض العلامات على ان موقف سنودين ضد التجسس الحكومي ودفاعه عن الحرية الشخصية لاقى صدى لدى بعض الأميركيين على الاقل. وتدفق المؤيدين لمساعدة سنودين على الانترنت حيث قام اكثر من 25 الف شخص بالتوقيع على التماس على الانترنت يحث الرئيس باراك اوباما على العفو عن سنودين حتى قبل توجيه اتهامات له. وأدت محاولة منفصلة على فيسبوك لجمع اموال للدفاع القانوني عن سنودين الى جمع نحو ثمانية الاف دولار خلال بضع ساعات فقط. وكان سنودين قد قال خلال مقابلة مصورة مع غارديان انه قام بذلك العمل بدافع من ضميره لحماية "الحريات الاساسية للناس في شتى انحاء العالم." وقال ادوارد الذين كان ينزل في غرفة بفندق في هونغ كونغ انه فكر طويلا ومليا قبل نشر تفاصيل برنامج لوكالة الامن القومي الأميركي يسمى بريزم قائلا انه فعل ذلك لانه شعر ان الولاياتالمتحدة تبني الة تجسس سرية لا يمكن محاسبتها تتجسس على جميع الأميركيين. وقال سنودين وهو موظفي فني سابق في وكالة المخابرات الأميركية انه كان يعمل في وكالة الامن القومي الأميركي كموظف من شركة بوزالن المتعاقدة مع الوكالة. وقال انه قرر تسريب المعلومات بعد ان اصبح يشعر باستياء من الرئيس باراك اوباما الذي قال انه واصل سياسات سلفه جورج دبليو بوش. وقال سنودين لصحيفة غارديان التي بثت المقابلة على موقعها على الانترنت "لا اريد ان اعيش في مجتمع يفعل امورا من هذا النوع.. لا اريد ان اعيش في عالم يسجل فيه كل ما افعله او اقوله. هذا شيء لست مستعدا لان ادعمه او اعيش في ظله." وقالت كل من غارديان وواشنطن بوست الاسبوع الماضي ان اجهزة الامن الأميركية قامت بمراقبة بيانات عن اتصالات هاتفية من فيرزون وبيانات من الانترنت من شركات كبيرة مثل غوغل وفيسبوك. وقال سنودين في تفسيره لما قام به ان "وكالة الامن القومي الأميركي بنت بنية اساسية تسمح لها بمراقبة كل شيء تقريبا. وبهذه المقدرة فان اغلبية كبيرة من الاتصالات البشرية يتم استيعابها دون استهداف. واذا كنت اريد ان ارى بريدك الالكتروني او هاتف زوجتك فكل ما يتعين علي ان افعله هو استخدام وسائل الالتقاط. بامكاني الحصول على بريدك الالكتروني وكلمات السر الخاصة بك وتليفوناتك وتسجيلاتك وبطاقات الائتمان الخاصة بك".وقالت غارديان انه قبل ثلاثة اسابيع صور سنودين نسخا من الوثائق السرية في مكتب وكالة الامن القومي الأميركي في هاواي وابلغ رؤساءه انه بحاجة لاجازة "اسبوعين" للعلاج من الصرع. وفي 20 مايو ايار طار الى هونغ كونغ. وطلبت وكالة الامن القومي الأميركي اجراء تحقيق جنائي في المعلومات المسربة. وقالت وزارة العدل الأميركية الاحد انها في المراحل الاولى من تحقيق جنائي بعد عمليات التسريب تلك. وقالت شركة بوزالن الأميركية للاستشارات التكنولوجية ان التقارير المتعلقة بالمعلومات المسربة "مروعة واذا كانت صحيحة فان هذا العمل يمثل خرقا خطير" لسياسة الشركة. وقالت ان الشركة وظفت سنودين منذ اقل من ثلاثة اشهر وانها ستتعاون مع اي تحقيق في هذا الامر. وقرار سنودين بكشف نفسه قد يعرضه لغضب السلطات الأميركية. وشبهته صحيفة غاردين ببرادلي ماننج وهو جندي أميركي يحاكم الان بتهمة مساعدة العدو بعد تسريب ملفات عسكرية سرية واخرى خاصة بالخارجية الأميركية لموقع ويكيليكس. وابدى احد الخبراء القانونيين حيرته في تفسير قرار سنودين بالفرار الى هونغ كونغ لانها مرتبطة باتفاقية لتسليم المجرمين مع الولاياتالمتحدة في حين لا يوجد مثل ذلك مع الصين نفسها. وقال انه في قضايا جنائية عادية على عكس هذه القضية اظهرت هونغ كونغ استعدادا في السنوات الاخيرة لتسليم اشخاص لمواجهة اتهامات في الولاياتالمتحدة. وقال سنودين في الشريط المصور ان "هونغ كونغ لديها تقليد راسخ من حرية الكلام." وقال سنودين الذي قال انه ترك صديقته في هاواي دون ابلاغها الى اين هو ذاهب انه يعرف المجازفة التي يقوم بها ولكنه يعتقد ان حجم العلانية التي حظي بها ما قام بالكشف عنه خلال الايام القليلة الماضية يستحق ذلك. وقال "خوفي الاساسي من ان يلاحقوا عائلتي واصدقائي وصديقتي واي شخص لي علاقة به لكن عليّ ان اتكيف مع هذا الامر بقية حياتي.لن استطيع الاتصال بأحد منهم. ان السلطات ستتصرف بعدوانية مع اي شخص كان يعرفني. هذا ما يؤرقني". وتحدث سنودين عن استعداده للتخلي عن حياة رغدة في هاواي حيث كان دخله يبلغ نحو 200 الف دولار سنويا. وقال "انني مستعد للتضحية بكل هذا لانني لا استطيع ان اشعر براحة ضمير مع السماح للحكومة الأميركية بتدمير الحياة الشخصية وحريات الانترنت والحريات الاساسية للناس في كل انحاء العالم بآلة الرقابة الضخمة تلك التي يقومون ببنائها سرا". وبدا سنودين مسترخيا خلال المقابلة. وقال انه يأمل في نهاية الامر ان تمنحه ايسلندا التي تثمن حرية الانترنت حق اللجوء.