دعونا نقبل انتصار حزب الله بإجبار إسرائيل على الجلاء من جنوب لبنان، والذي بموجبه حصل على الدعاية الهائلة بأنه خط المقاومة، لكن إسرائيل عادت وضربت ودمرت وزرعت أجهزة التجسس في الضاحية الجنوبية ومحيطها، وكل الردود جاءت سلبية لكن غزة وبدون ما أشاعه حزب الله استطاع الفلسطينيون إجبار إسرائيل على تفكيك مستوطناتها، ولم يأخذوا بالدعاية التي روّج لها حزب الله، وهو انتصار أقرّ به شارون متمنياً أن يبتلع البحر غزة بعد مقاومة شريفة وعربية اللحمة والسدى.. تورط حزب الله بالدخول في حرب مع الشعب السوري بالقصير، بدأت بلعبة وستنتهي بورطة شاملة، ذلك أن الشعب اللبناني الذي اكتوى بالحرب الأهلية، لا يريد أن يكون ضحية مغامرة يدفع ثمنها، وهذا فرض على الرموز اللبنانية، بداية من الرئيس، والشخصيات البارزة رفض تورط الحزب بالدخول في معترك قد يجر لبنان إلى معركة لم يخترها، وعلى افتراض نجح حزب الله مع قوات الأسد بالدخول للقصير، فهل يستطيع العيش مع حرب استنزاف طويلة قد تجر لبنانيين إليها مسلمين وغيرهم؟ ثم ماذا ستؤول إليه النتائج ما بعد الأسد إذا كان نصرالله يريد تأسيس عداوات بين سنة وشيعة وأطراف أخرى ويلبي مصالح إيران وحدها؟ الجغرافيا لا ترحل، والجوار السوري مع لبنان ظل في أزمة منذ استقلال البلدين، والسبب يعود لنظام أسرة الأسد، التي رفضت الإقرار بأن لبنان بلد حر، بلد أرادوه ملحقاً بسورية، أسوة بمزاعم صدام بعودة الفرع «الكويت» إلى الأصل «العراق» والنهاية احتلالٌ لبلده وشنقه.. نصرالله لبناني بالهوية المسجلة لعائلته وجواز سفره، وإثبات شخصيته، بينما الحقيقة تقول إنه مواطن إيراني يستوطن لبنان، ووطنيته مشكوك بها وفقاً لاعترافاته، ثم إن الحزب متورط في عمليات غسيل أموال وتهريب مخدرات وعملات، إلى جانب التورط في أعمال إرهابية آخرها دخول قواته في سورية كمرتزقة بأجرة مدفوعة مقدماً، والمسألة لا تتعلق بالمردود الراهن، وإنما بالعواقب الأخرى التي ستنتج عنها حرب المئة عام بين سنّة سورية ولبنان مع شيعة العراق وإيران ولبنان، والحصيلة ستكون مدمرة، لأن الذين يعيشون في لبنان يرفضون كسر النظام وتهميش الأكثرية الوطنية لحساب الأقلية الشيعية لتكون المتصرف، ما سيدفع بتلك الأطراف للتحالف قسراً لمواجهة فئة تريد إدخال بلدهم في المجهول.. وعود نصرالله كبيرة، فقد حرر فلسطين في منبره الخطابي، وسيحرر سورية من قبل مجاهديه، معتبراً شعب سورية كله إرهابياً، وهو في موقع المقاوم، وهذه الشعارات ليس لها مفعول طالما انكشفت الحقيقة وبات الزعيم وحزبه مجرد إرهابيين، ولم نعرف أن الجهاد يحدث بين مسلم وآخر إلاّ إذا كانت السياسة في خدمة المذهب أو العكس مما تروج له زعامة إيران وأنصارها.. القضية أكبر من نصرالله وحزبه وسادته في طهران، فسورية تحولت إلى بؤرة صراع إقليمي، وشرقي وغربي، وعربي، وفرس بالأصول والانتساب، ولذلك فتقرير مصير سورية لا يأتي من أوامر روسية، أو مرسوم إيراني، أو عراقي، فمن يديرون اللعبة لديهم تصوراتهم، وقد رأوا في المشهد أن الخاسر من سيجعل المعركة طويلة لأنه سيجر لها قوى وعناصر وداعمين من كل مكان، وهذا ما لا يريد المجتمع الدولي أن يتطور ويخرج عن السيطرة، وبالتالي فمفاتيح الحل خارجية لا إقليمية ولا حزبية تدار من حزب الله وإيران أو غيرهما..