قلل الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله من أهمية التهديدات الإسرائيلية للبنان، قائلاً ان «ليس هناك حرب إسرائيلية حقيقية». وعدد أهداف تلك التهديدات ومنها الحيلولة دون تشكيل حكومة وحدة وطنية في لبنان، داعياً إلى الإسراع في تشكيلها، والى امتلاك لبنان القوة العسكرية الرادعة التي تمنع إسرائيل من القيام بأي حرب، ومؤكداً «اننا لا نريدها ولا نخافها». وجدد تهديد إسرائيل بأنها اذا قصفت في أي حرب قرى لبنان ومدنه، «نحن قادرون على قصف أي مدينة أو قرية في كيانكم».كلام نصرالله جاء في إطلالة تلفزيونية، في احتفال رسمي مركزي في ذكرى انتهاء حرب تموز (2006) أقامه «حزب الله» في ضاحية بيروت الجنوبية. وتقدم الحاضرين الوزير محمد جواد خليفة ممثلاً رئيس الجمهورية ميشال سليمان، النائب علي حسن خليل ممثلاً رئيس المجلس النيابي نبيه بري، النائب محمد قباني ممثلاً الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، الوزير جبران باسيل ممثلاً رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون. ومثّل رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط، نجله تيمور الذي جلس إلى جانب حسين خليل المعاون السياسي لنصرالله. وحضر أيضاً عضو قيادة «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب أكرم شهيب. وكان لافتاً غياب ممثل لرئيس حكومة تصريف الأعمال فؤاد السنيورة الذي علمت «الحياة» أن «حزب الله» لم يوجه إليه دعوة لحضور المهرجان الذي حضره آلاف المناصرين والمحازبين رفعوا العلم اللبناني ورايات «حزب الله». وكان لافتاً أن إطلالة نصرالله هذه المرة لم تترافق مع إطلاق نار في بيروت والمناطق، بل بألعاب نارية. واستهل نصرالله كلمته بالحديث عن انتصار المقاومة في الحرب، مستشهداً بنص لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو بعد حرب تموز وقبل حرب غزة مفاده اعتقاده أن «إسرائيل لم تعد دولة لا يمكن التغلب عليها وعادت علامة الاستفهام حول اصل بقاء دولة إسرائيل تلوح من جديد ليس فقط لدى الأعداء إنما أيضاً لدى الأصدقاء». ورد نصرالله على التهديدات الإسرائيلية ضد لبنان في الأسابيع الماضية، قائلاً: «نحن لا نعتقد أن هذه التهديدات وكل هذا الضجيج يؤشر أو يدل على حرب إسرائيلية قريبة على لبنان... عندما ترون الإسرائيليين يتكلمون كثيراً يعني انهم ليسوا جديين، لكن حين يصمتون كالأفعى يجب أن نكون حذرين». واعتبر نصرالله ان من أهداف التهديدات «الضغط على الحكومة أولاً لإعاقة تشكيلها، وثانياً للضغط على «حزب الله» لئلا يشارك في الحكومة، والعدو الصهيوني يؤلمه ويزعجه ويقلقه أن تكون في لبنان حكومة وفاق». واعتبر نصرالله أن «الرد يكون بأن نسارع ونتعاون جميعاً على تشكيل حكومة الوفاق الوطني في أقرب وقت لأن هناك حاجة أمنية وسياسية واجتماعية اقتصادية، وبأن يشارك حزب الله بفعالية في الحكومة نكاية بنتانياهو (ممازحاً). وهذا الهدف نسقطه ونفشله عندما نخرج في أقرب وقت ممكن إلى اللبنانيين والصهاينة والعالم بحكومة وحدة وطنية». وأضاف نصرالله: «من جملة أهداف هذا الضجيج، محاولة إعادة السجال والتأزم إلى داخل الساحة اللبنانية حول المقاومة وسلاحها لعدم إراحة المقاومة، لكن هذا الهدف أيضاً لم يتحقق، لأن المناخ العام في البلد طيب وإيجابي»، مشيراً الى بعض الأصوات الشاذة في هذا المجال. وتابع: «من جملة أهداف الضجيح، تعديل مهمة «يونيفيل» (القوات الدولية العاملة في الجنوب) عشية تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن القرار 1701 والتمديد ل «يونيفيل»، لكن بسبب الموقف الرسمي اللبناني والقوى السياسية التي أجمعت على رفض أي تعديل في القرار الدولي وفي مهمة يونيفيل سقط هذا الهدف». ورأى نصرالله ان «من جملة أهداف هذه التهديدات فتح ملف تسلح المقاومة من جديد والضغط على لبنان وسورية وإيران لمنع ذلك... ونحن في هذا الموضوع لسنا معنيين بالتعليق والكلام وكل شيء في وقته نقوله». لكنه أضاف: «من يتصور أنه يستطيع ان يحمي شعبه أو وطنه من خلال التحالفات والعلاقات يجب أن ينتبه ويستفيد من كل تجارب التاريخ لأنه سيباع في سوق النخاسة السياسية الدولية عندما يعرض فيه الثمن المناسب». واعتبر نصرالله أيضاً أن من جملة أهداف الضجيج الإسرائيلي الحرب النفسية، معتبراً أنها «لا تنفع في مجتمعنا وهي فاشلة»، مذكراً بمؤتمر شرم الشيخ سنة 1996 «عندما اجتمع العالم واجمع على وجوب القضاء على حركتي «حماس» و»الجهاد الإسلامي» في فلسطين و»حزب الله» في لبنان، وبعد ذلك جاءت حرب «عناقيد الغضب» وصمدت المقاومة وانتصرت». ودعا نصرالله دارسي نتائج حرب تموز وحرب غزة إلى «عدم التركيز على السلاح ونوعه وكمه بل على الإنسان الذي يحمل الحجر ويملك الأسنان ويملك الأظافر... من يملك الإرادة يستطيع ان يقاتل ويصمد وينتصر في نهاية المطاف». وكرر نصرالله جملته الشهيرة، «كما كنت أعدكم بالنصر دائماً أعدكم بالنصر مجدداً»، وأشار إلى انعكاس الكلام الإسرائيلي عن سلاح «حزب الله» وقوته سلباً على إسرائيل، وقال: «صحيح انه (وزير الدفاع ايهود باراك) يحرض المجتمع الدولي علينا لكنه يقول لشعبه ان في الحرب الجديدة كلكم ستهربون وليس أهل حيفا وأهل كريات شمونة». وأوضح أن «ما دفع نتانياهو الى التراجع هو أن المستوطنين قامت قيامتهم وبدأ السياح يهربون من شمال فلسطين وليس من لبنان». وقال نصر الله: «هناك أشخاص يقولون ان الحرب في 15 أيلول، وآخرون في نهايته وآخرون في تشرين، هذا كله برأينا مستبعد. لكن هناك مناخ في البلد والمنطقة يتحدث عن حرب إسرائيلية مقبلة في 2010... 2013 الله اعلم... هذا كله تحليلات. نحن أمام هذه الفرضية عندنا خياران كلبنانيين. الأول أن نستسلم ونعمل على ضب السلاح، ونكون صرنا بلداً ضعيفاً. والإسرائيلي صاحب مشروع أن إسرائيل دولة يهودية ما يعني أن فلسطينيي 48 لا يمكنهم أن يبقوا، ثم توطين الفلسطينيين في البلدان التي يتواجدون فيها. وهناك أزمة الماء التي نحن مقبلون عليها والالتزامات الأمنية... وهذا ليس وارداً». وأضاف نصرالله: «الخيار الثاني، ليس أن نشن حرباً، لكن نستعد ونعزز عناصر القوة لنمنع وقوع الحرب، لكن إذا شن حرباً جديدة يمكن أن ننتصر فيها»، مجدداً التأكيد أنه «يمكننا أن نمنع العدو من أن يشن حرباً على لبنان ومن أن يفكر في شن حرب، وذلك بأن يمتلك لبنان (وهنا أتحدث عن لبنان وليس حزب الله) القدرة العسكرية الرادعة، عندها نصبح بلداً قوياً (وهنا تأتي الاستراتيجية الدفاعية: الجيش والمقاومة والناس)». وقال: «عندما يتحدث الإسرائيلي عن معادلة جديدة في أي حرب مقبلة، ونحن لا نريد أي حرب مقبلة وهو خائف من أي حرب مقبلة. نحن لا نريدها لكننا لسنا خائفين منها، هو لعله يريدها وهو خائف منها، نقول له: في حرب تموز قلنا لكم إذا قصفتم بيروت سنقصف تل أبيب واليوم نقول لكم إذا قصفتم بيروت أو الضاحية الجنوبية سنقصف تل أبيب... نحن اليوم قادرون أن نقصف أي مدينة أو قرية في كيان العدو الغاصب، وعلى امتداد المساحة»، مؤكدا أنه «كما كانت في حرب تموز مفاجآت ستكون في أي حرب إسرائيلية جديدة مفاجآت»، وقال: «فليبحثوا (الإسرائيليون) عن خيارات أخرى لمواجهتنا، لكن ليس حرباً». وأضاف ان ما يمنع الحرب أيضاً «هو التضامن الوطني والخروج من الأزمات والتوترات الداخلية، هناك كلام قيل وهو وطني ومشكور، بأن أي حرب إسرائيلية على المقاومة سنكون جميعاً مع المقاومة والى جانبها». وتحدث نصرالله عن كشف شبكات التجسس الإسرائيلية ودوره في منع الحرب، وقال: «العدو يرسل طائراته لجمع معلومات، لكن الجمع الفني التقني غير كاف، ولا يستطيع أن يستغني عن جواسيس ميدانيين في القرى والمدن والأحياء. وأهم ما يدفع الإسرائيلي الى التعجيل بالحرب، ان يكون عنده معلومات كافية، وأطالب الأجهزة الأمنية ان تكمل كشف الجواسيس»، معتبراً «ما أنجز حتى الآن غير كاف، لأن ليس هناك قرية أو مدينة لا عملاء فيها»، ومحذراً من التساهل القضائي مع العملاء. وجدد التأكيد أن «حرب تموز ساهمت بقوة في إسقاط اخطر مشروع أميركي- صهيوني على منطقتنا»، معتبراً أن ذلك حصل نتيجة «تضحيات المقاومين ودول الممانعة وفي مقدمها إيران وسورية». وأعلن «أننا اليوم في وضع ليس أسوأ مما كان عليه في تموز... كانت آمال بسقوط سورية وخضوعها، وخرجت قوية. في ما يعني إيران تصوروا أن التهديد المتواصل بضربها سيجعلها تتراجع وتخضع وتستسلم. في الأسابيع القليلة الماضية راهن البعض وحلم بانتهاء الثورة الإسلامية وسقوط نظام الجهورية الإسلامية وهذه أحلام سراب. إيران هذه التي ضخم الكثيرون في العالم أحداثها، أؤكد لكم اليوم أن نظامها ودولتها وشعبها ونخبها ببركة وجود قائد حكيم شجاع رحيم مدير ومدبر وتاريخي هو سماحة الإمام السيد الخامنئي وببركة الحضور الشعبي التاريخي على مدى 30 عاماً، خرجت من أزمتها ومأزقها وهي أقوى وأشد، وستبقى حيث هي».