أكدت الكاتبة اللبنانية غريد الشيخ محمد، صاحبة "المعجم في اللغة والنحو والصرف والمصطلحات العلمية الحديثة" في حديثها ل"الرياض" أن اللغة العربية تعاني من إهمال على المستوى الرسمي المؤسسي بوجه عام في عالمنا العربي، معتبرة أن عامة ما درجت عليه الاهتمامات في عالمنا العربي لا تكاد في معظمها تتجاوز مهرجان هنا أو آخر هناك، أو لقاءات مغلقة يقدم المؤتمرون فيها جملة أوراق لينصرفوا إلى مؤتمر آخر، مما يجعل من تلك اللقاءات مجرد أوراق يتم قراءتها، وتوصيات لا تتجاوز حدود الاختتام بها. وعن الحركة المعجمية ودورها في الحفاظ على المفردة العربية ونموها بوصف اللغة كائنا حيا، قالت غريد: على امتداد تاريخنا العربي، نجد أن من قام بتأليف المعاجم هم أفراد، إلا أن هناك فارقا جوهريا في هذا الجانب بين تلك المعاجم التي ألفت قديما وبين وقتنا الحاضر، إذ إن الاهتمام قديما لا يمكن مقارنته باليوم، عطفا على اهتمام أهل اللغة بها، وعلى دور الخلفاء وولاة الأقاليم الذين نشروا العربية عبر خارطة امتداد رقعة الدولة الإسلامية، إلى جانب اهتمامهم بالكتابة والمترسلين فيها، إلا أن مرحلة الانحطاط والتراجع التي شهدتها اللغة العربية في العديد من عصور الدول المتتابعة وغيرها وصولا إلى العصر الحديث وما واجهته وتواجهه العربية من تحديات، زاد من ضعفها وتراجعها. وأضافت الشيخ أن العربية في وقتنا الحاضر رغم ما خيم على واقعها من تراجع، إلا أن الاهتمام "المعجمي" بها شهد العديد من الإسهامات الفردية التي لا يمكن إغفالها، إلا أن الاهتمام المعجمي يظل في طريقه إلى الندرة والاختفاء، مؤكدة أهمية الحاجة إلى معاجم حديثة تواكب نمو اللغة. وقالت غريد: أمام الحاجة المعجمية حفاظا على اللغة العربية، لنا أن نسأل ما الذي تقدمه مجامع اللغة العربية في هذا المجال؟ وما ذا عن الجيل الجديد وتعريفه باللغة العربية ومعجمها من خلال شيوع شبكات الاتصال وتقنية المعلومات؟ وهذا ما جعلني أسارع إلى إصدار المعجم في" نسخة "إلكترونية" مع الاهتمام بتوظيف التقنية في استخدامها بدرجة عالية، إلى جانب جعلها نسخة قابلة للتحديث والإضافة عطفا على ما تتيحه لنا التقنية من جانب، ولما تفرضه استخدامات الإنترنت واتساع دوائر الباحثين في معجم اللغة وخاصة من جيل الشباب، مما انعكس بدوره على طريقة التطبيقات والتحديث المستمر كل ثلاثة أسابيع. وعن تجربة الشيخ في الإسهام في خدمة اللغة العربية، أوضحت أنها قدمت العديد من المؤلفات المبسطة في علوم اللغة العربية، التي تهدف من خلال تبسيطها إلى إكساب النشء حب اللغة العربية، والتي تنطلق من اختيار دقيق لأجمل النصوص الأدبية التي تم من خلالها تبسيط الإملاء كتابة، والنحو تطبيقا، واستظهار الجوانب التصويرية سعيا من الارتقاء بذائقة الأطفال إلى استيعاب الجوانب البلاغية في لغتنا فيما بعد. أما فيما يتعلق بتعزيز لغة الطفل، وإكسابه المفردة العربية قالت غريد: من خلال تجربتي، ما زال لدي حرص مستمر على الاهتمام بقصص الأطفال وتأليفها بعناية فائقة، إلى جانب النصوص الشعرية التي تأخذ شكل الأناشيد، كما كان لي تجربة أخرى حققت نجاحا كبيرا وخاصة لدى طلاب المدارس، والتي كانت عبارة عن إصدار " معجم مصور" ملون، ضم إلى جانب ذلك ما يقابل مفردات المعجم بالإنجليزية والفرنسية، ومنها شرعنا في سلسلة معاجم مصورة مرتكزها اللغة العربية، وما يقابلها من مفردات بلغات عالمية أخرى. وعن تجربة الشيخ في خدمة اللغة العربية الإلكتروني قالت: من آخر ما قمنا به بالتعاون مع الدار العربية للعلوم، من خلال مشروع "آي كتاب" الإلكتروني، الذي يجعل الكتاب الإلكتروني في تطبيق مدمج مع المعجم الذي أصدرته، بحيث يقوم المتصفح من خلال أي مفردة تشكل عليها بالضغط على تلك المفردة ليتم إحالته إلى معناها من خلال المعجم، دون البحث عنها في موقع آخر، أو البحث في مواقع أخرى عن معنى الكلمة معجميا.. مختتمة حديثها عن أبرز تحديثات النسخة الإلكترونية للمعجم، بأنه سيتم إضافة المصطلحات الهندسية كإضافة جديدة، والأخرى الإعلامية، والمصطلحات الطبية وغيرها لتكون النسخة الإلكترونية معجما شموليا موسوعيا.